قلبي جوزائي .. بقلم / رحمة ضياء

 

إن كنت من مواليد الفترة من (21 مايو إلى 21 يونيو) فأنت متورط مثلي في هذا البرج، وإن لم تكن فأنت متورط أيضا بشكل أو بآخر..

 

*موسم الجوزائيين

 

بدأ قبل أيام الحفل أو “التحفيل” السنوي على مواليد برج الجوزاء، والذي يمتد طوال العام وينشط هذه الأيام على مواقع التواصل الاجتماعي، والرد باختصار على هؤلاء الساخرين: “من كان منكم بوجه واحد فليرمي الجوزائي بحجر”!

 

*أبجدية الجوزاء

 

الطريق إلى فهم الجوزائي ليس بحاجة إلى “كتالوج” كما يدعي البعض، فهو متسق مع نفسه، ومتصالح مع وجوهه المتعددة، ولا يحاول أن يخفيها كما يفعل الآخرون؛ ومن بداية تعارفك به سيكون صريحا معك “هذا أنا .. اقبلني أو ارفضني.. لست أهتم”.

 

*قدر جوزائي

 

في حالتي، الجوزاء ليس مجرد برج وإنما قدر يتأرجح بين قمة الحظ وقمة النحس.

 

الروح جوزائية باقتدار تتنقل على الدوام بين التحليق والاكتئاب، الانكماش والتهور، صمت الصخرة وصخب الموجة التي تتكسر فوقها.

 

لا أخاف أن أجتاز صفوف الشرطة وبنادقها لأصل -أو لا أصل- إلى مظاهرة محاطة بالكردونات من كل الجوانب، تهتف ضدهم، وأخاف بشدة أن أعبر الشارع بمفردي (ولا أقصد الطريق السريع وإنما أي طريق تسير فيه السيارات).

 

أكره الزحام والصوت المرتفع، يكفيني الصخب النابع من داخلي، وأكره الوحدة وأحتاج للونس والدعم والاختباء في الناس لأهرب من نفسي.

 

لا يحتمل قلبي أن يكره أحدا لكنه إذا توقف عن حب شخص يصير بالنسبة له غير مرئي.

 

أهفو للسكينة الغائبة عن روحي القلقة أغلب الأوقات وإلى دوام الشغف بشيء ما، جربت ممارسة اليوجا وقيادة الدراجات ورياضة التنس وأشياء أخرى كثيرة لم أنجح في إرساء جذور لقلبي في أي منها.

 

حتى حين أنظر إلى جسدي أشعر أن الله أراد لي جسد جوزائي أيضا، تمتزج فيه أمارات النضج بالطفولة، له رسغ بحجم حلقات البصل المقرمشة الرشيقة، وأصابع يد تنافس “صوابع زينب” في “التٌخن”!

 

وصفني أقرب الناس إلى قلبي ذات مرة بإنني حين تسحبني دوامة الكأبة أصير مثل “مدن الأشباح في أفلام الرعب.. ضلمة.. صمت مخيف .. من غير روح”، وفي أوقات ربيعي “أحلى من الحلم”.

 

تشعرني تناقضاتي أحيانا بالاكتمال وبأنني مميزة وغالية وكأن منير غني لي وحدي “إنتي مش زي الجميع”، وتتآكلني قلة الثقة بالنفس والشعور بالنقص أحيانا أخرى، واتساءل: لماذا منذ جئت إلى الدنيا لم أعش حياة عادية هانئة ومستقرة مثل الجميع؟

 

وألعن غبائي بعدها الذي صور لي أن في هذه الحياة هناك من لديه “حياة” و”مستقرة” و”هانئة” ؟!

 

حتى وأنا أكتب هذا المقال تتناوب علي مشاعر تتنازع بين الزهو بالنفس والرغبة في حذف كل ما كتبت وإعادة الصفحة بيضاء.

 

أخيرا، لا أقول إني أحب برج الجوزاء أو إنني أتمنى لنفسي برجا آخرا.. أنا فقط عالقة في قلب جوزائي.. يخاف من الحب ويحتاجه كطوق نجاة، يتوجس من الفرحة ويشتهيها.