رسالة بمناسبة اليوم الدولي لحفظة السلام تكريما للأبطال

ايجى 2030 /

إن الثقة التي يكنها العالم لأنشطة حفظ السلام التي تقوم به الأمم المتحدة تتجلى في نموها الهائل في السنوات الأخيرة، سواء من حيث العدد أو التعقيد. فقبل خمسة عشر عاما، كان عدد الأفراد العسكريين وأفراد الشرطة لدى الأمم المتحدة يقل عن 000 40 فرد. أما اليوم، فإن عدد الأفراد النظاميين الذين يعملون تحت الراية الزرقاء يزيد على 000 105 فرد، ينتمون إلى 124 بلدا مساهما بقوات وبأفراد شرطة، إلى جانب 000 18 من الموظفين المدنيين الدوليين والوطنيين ومتطوعي الأمم المتحدة. وهؤلاء يجسِّدون أفضل خصال التضامن العالمي، إذ يعملون ببسالة في بيئات خطرة على توفير الأمن لبعض أكثر الفئات ضعفا في العالم.

وعلى مدى السنة الماضية، أنقذ ”ذوو الخوذات الزرقاء“ المنتشرون في إطار 16 عملية من عمليات حفظ السلام في أنحاء العالم عددا لا يحصى من الأرواح، وعملوا على النهوض بالسلام وبث الأمل في النفوس. ففي جنوب السودان، احتمى بقواعد الأمم المتحدة ما يربو على 000 200 شخص من المدنيين الذين كانوا يخشون على حياتهم. وفي جمهورية أفريقيا الوسطى، دعم حفظة السلام بنجاح الانتخابات الرئاسية والتشريعية التاريخية التي وضعت هذا البلد الذي كان يعاني من اضطرابات شديدة على طريق السلام والاستقرار. وواجه حفَظة السلام الجماعات المسلحة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية وقاموا بنزع سلاح المقاتلين السابقين. وفي مالي، تكبّد حفظة السلام خسائر فادحة لم تثنهم عن تنفيذ الولاية المنوطة بهم. وفي هايتي، ساعدت شرطة الأمم المتحدة وخبراؤها المدنيون على التخفيف من عنف العصابات. وعندما شاعت المخاوف من انتشار فيروس إيبولا في أرجاء العالم، عمل حفظة السلام في ليبريا على توفير الأمن في الوقت الذي سعى فيه الخبراء الدوليون إلى احتواء تفشي الفيروس.

وفي بلدان كثيرة، حوّل أفراد الأمم المتحدة العاملون على مكافحة الألغام مناطق الخطر المزروعة بالألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب، بما فيها الذخائر العنقودية، إلى مناطق يمكن استخدامها للمدارس والمستشفيات والمزارع.

ومن المؤسف أنه بازدياد حجم عمليات حفظ السلام وتعقدها وإنجازاتها ازدادت معها المخاطر أيضا. فقبل الألفية، كان عدد حفظة السلام الذين يلقون حتفهم كل سنة يناهز بضعة وثلاثين فردا؛ أما الآن فقد ارتفع هذا العدد إلى 120 في المتوسط.

وفي العام الماضي، بلغ عدد الذين لقوا حتفهم 129 شخصا. وينتمي حفظة السلام هؤلاء إلى 50 بلدا، وهم جاءوا من صفوف الأفراد العسكريين وأفراد الشرطة والموظفين المدنيين الدوليين ومتطوعي الأمم المتحدة والموظفين الوطنيين. ويختلفون كثيرا من حيث خلفياتهم، ولكنهم جميعا يشتركون في التحلي بروح البطولة والاعتقاد بأن نشاط الأمم المتحدة لحفظ السلام قوة عالمية من أجل الخير ويجب أن يظل كذلك.

ولذا فمن الأهمية بمكان وضع حد لحالات الاستغلال والانتهاك الجنسيين المثيرة للقلق الشديد من جانب القوات الدولية المنتشرة في المناطق المضطربة. ولم أتوانَ في الدعوة إلى تركيز الاهتمام على الضحايا. وإنني أتصدى بصورة استباقية لهذه المشكلة الخطيرة في كل مناسبة بينما أدعو الدول الأعضاء، التي لها وحدها سلطة تأديب أفراد قواتها، لفرض عواقب شديدة توفر قدرا كاملا من العدالة والتعافي للمجتمعات المحلية المتضررة.

وفي العام الماضي، عيَّنت فريقا مستقلا رفيع المستوى لاستعراض الكيفية التي يمكن بها تعزيز عمليات الأمم المتحدة للسلام من أجل تحسين فرص التغلب على التحديات الراهنة والمستجدة. ونحن عاكفون بهمة ونشاط على تكييف عمليات الأمم المتحدة للسلام، مع إجراء تحسينات واضحة لجعلها أسرع وأكثر تجاوبا وأكثر خضوعا للمساءلة أمام البلدان، والأهم من ذلك، أمام السكان الذين نقدم لهم الخدمة.

وها نحن في هذا اليوم الدولي لحفظة السلام التابعين للأمم المتحدة نكرم أبطالنا – أكثر من مليون فرد من الرجال والنساء الذين خدموا تحت راية الأمم المتحدة باعتزاز وتميّز وشجاعة منذ نشر أول عملية في عام 1948. ونعرب عن أسمى آيات التقدير لأزيد من 400 3 من حفظة السلام الذين قضوا نحبهم أثناء الخدمة خلال تلك الفترة.

ونحن مدينون لهم إلى الأبد. ونتعهد اليوم بتحقيق كامل إمكانات الأمم المتحدة في مجال حفظ السلام تبشيراً بمستقبل أفضل.