زوجى يراقب تصرفاتى حتى داخل البيت .. ماذا أفعل ؟

ايجى 2030 /

انا امرأة متزوجة منذ ثلاث عشرة سنة، وكنت أتحاور مع زوجي أثناء فترة الخطوبة، ووجدت أن له عقلية مشابهة لعقليتي وتفكيري، فأنا كنت من الجامعة إلى المنزل ومن المنزل إلى الجامعة لأني كنت لا أريد الخروج للتسوق والأعراس كباقي البنات في ذلك الوقت، وكنت أقول له ذلك في الهاتف، ووجدت أنه لا يقبل أن زوجته تخرج من دون سبب الخ… وكان هذا حال أهلي آنذاك.. وبعد الزواج وجدت أنه متشدد في خروجي أكثر من اللازم، لدرجة أنه عندما أخرج إلى فناء المنزل يخرج ورائي، ويبدأ يتلفت حوله وكأن شخصا ما ينظر إلـيَّ ويقول لي: ادخلي أحسن لك، أنا قلت في نفسي هذا في أول الزواج، وبمرور الوقت سوف يكون عاديًا كباقي الرجال، ولكني لا زلت مع هذه الحالة، ومثال على ذلك أن المدرسة قريبة من المنزل، إلا أني ممنوع أن أخرج للذهاب للمدرسة وأسأل عن بنتي، علمًا أن لديّ ولدًا وبنتين الكبرى في الثانية عشرة من عمرها، وقد قمت بتربيتهم على أكمل وجه.. وأيضا بيت أهلي مجاور لبيتي ولكن هو الذي يأخذني إليه وكأني سوف يسرقونني، أو سوف يتكلمون عليّ بالسوء. وعندما تكون هناك مناسبة في بيت الجيران الذي هو مقابل لبيتنا فهو الذي يأخذني وكأني بنت صغيرة لا تعرف المشي، لدرجة أن كل أهل الحي متعجبون في طريقته، ويضحكون عليه في معاملته لي، وعندما أقول له إنهم يضحكون عليه يقول أنتِ لا تعرفين شيئًا وكأنه هو وحده الذي يفهم ويجيد التصرف في كل شيء. علمًا أن أخواتي وكلَّ نساء الحي يخرجن كل يوم لقضاء حوائجهن وليس هناك أي شخص يقول عليهن كلمة فما المشكلة في أنا؟ وكل مرة أصرخ وأثور وأفقد صبري أمامه لهذه المعاملة وكأني في سجن، ولكن بطريقته يحسن أن يهدئني، فأسكت وأتجاوب مع الموضوع كما أنه لا يقدر معنى أن تعيش امرأة مع جدته، وهذه الأخيرة ذات طباع صعبة، وبالرغم من هذا لا يقول لي اخرجي من حين لآخر للترفيه عن نفسك، بل يقول: أنا أعلم أنك تعانين مع جدتي، ولكن هذا في ميزان حسناتك. لقد صرت أتمنى أن أجده يخونني مع أخرى؛ حتى يتسنى لي أن أضعه أمام الأمر الواقع بأنه إما أن يتركني أعيش بسلام وأمن كباقي النساء، أو أن لا أسامحه على الخيانة وأطلب الطلاق. أرشدوني ماذا أفعل؟

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أختي الحبيبة.. بكل الحب والتواصي بالحق ندعو الله أن يبصرك ويهديك للحق ويهبك راحة البال. ويدنا سويا وقلوبنا معك نستوضح بعض النقاط عبر رسالتك الغالية سعيا وراء دوام السعادة والاستقرار في بيتك ومملكتك الذي أساسه المودة والرحمة والسكن والود والحب. وهذا هو ما يرضي الله وأمرنا به وأوصانا به الرسول، فإذا عم البيت رضا الرب غضب الشيطان وسعى للخراب ونشر العداوة وسوء الظن سعيا وراء التفريق وهدم البيت. فهيا نسد كل مداخل الشيطان ونستعين بالله على أن نهزمه.

– لا تفكري ولا تتمني ولا تدعي على نفسك أو زوجك أو أولادك أو حتى خدمك بالتهلكة. احذري أن تكون ساعة إجابة، ولا تضمني حالك وفتنتك فكيف يصل بك الحال أن تتمني خيانة زوجك لك؟!

– اجعلي دعوتك بالخير وبحسن الظن في الله أولا، ثم بعد ذلك بزوجك وكل من حولك، كل ما ننطق به ونظنه هو ما يحدث ويقع فماذا تريدين وتتمنين؟ انطقي به وكرريه واطلبيه من الله واسأليه بإلحاح أن يرضيك ويصبرك ويبدلك أفضل مما أنت فيه.

– جددي نيتك واحتسبي الأمر كله لله؛ صبرك وتحملك طباع زوجك وأيضا تحملك الجدة وتربية أولادك وحسن رعايتهم والقيام بواجبك وما عليك تجاه كل واحد، والجميل والأجر الأكثر عندما يكون لك حق وواجب عندهم ويحرمونك منه.

إنك تتمنين منه الحرية ومساحة للتحرك مثل الباقيات، وكأنك معاقبة وبدون ذنب، وهذا حال الحياة: دار فتنة وابتلاء، وما يجب علينا وأُمْرِنَا به أن نصبر على القدر كله، ونحمد الله؛ لأنه منه، وهو العالم والمقدر، وأن نشكره سبحانه حتى يتغير إلى ما نحبه ونتمناه.

أما السخط والرفض والضيق بما قدر والمقارنة بالجيران وإخوتك ومن حولك، فلن تعود عليك إلا بزيادة الهم وتكبير الأمر وتوسعة الشقاق والخلاف بينكم.

– انظري إلى كم وعدد مشاكل الآخرين وقدر المعاناة.. البيوت أسرار والكثير خلف الأبواب المغلقة، ودوما في أحوال الدنيا ننظر لمن أقل منا هذه بدون زوج، وأخرى زوجها بخيل، وهذه ابنها معاق، وهذه مطلقة باحثة عمّن يعولها هي وأولادها ،…. و..إلخ.

– أختاه لقد مر على زواجك سنوات، فالأمر ليس بجديد، ويجب أن يصير طبيعيا وتكيفتِ عليه، فلا داعي لهذا التراكم والتكرار والتركيز عليه ليس من الصواب الغضب والجدال والثورة؛ لأنك في النهاية تحصدين نفس النتيجة ولن يتغير الطبع.

– الصواب والأسرع نتيجة أن نتغير نحن ونتكيف مع الوضع الكائن ونتقبل الطرف الآخر كما هو، خاصة وأن زوجك لا يأمرك بمعصية وله عليك حق الطاعة والقبول والرضا فهو جنتك ونارك فانظري حالك معه لتعرفي أين أنت مع الله؟

– هذه المشكلة طبع في زوجك وأبي أولادك، وما هي باقي العيوب وصور التقصير معك؟ اسألي نفسك: مميزات زوجي وعيوبه ما هي؟سوف تكتشفين أن هذا أمر بسيط هين يمكنك التعايش والتأقلم معه ولا يهدد أمن واستقرار أسرتك.

– هيا انظري لهذا السلوك بنظرة أخرى أنه من باب الحب لك والحرص والرعاية والحفاظ ومزيد من الاهتمام والاحتواء، وليس شكا أو حبسا وتضيقا، فكلما كان ذلك تفسيرك واعتقادك زاد الأمر حدة واختلافا، واستمر هو وعاند وأصر؛ لأن الرجل لا يقبل العتاب ولا الأوامر ويرفض أن يقاد بل هو يقود ويأمر ليطاع ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، والمرأة الذكية التي تصل لما تريد دون أن تُشْعِر زوجها أنه أَمْرُهَا.

– بالحوار الهادئ والنقاش في ساعات الصفو بينكما وبالتدرج على مراحل لفترات أيام وشهور وبصبر ورضا اطرحي الموضوع وتواصلي معه بود وحب: كيف نقلل من مواقف الخلاف بيننا؟

– أكثري من التقارب بينكما، وأداء العبادات والطاعات الجماعية، والمشاركة بينكما والتعاون في أعمال الخير وأبواب البر، ذلك من باب شغل الفراغ عندك ومعه أيضا، وكذلك الاحتكاك والتواصل مع الآخرين يفتح ويوسع المدارك ويغير من العادات والأفكار من خلال زيارات عائلية مشتركة متبادلة بينكم  ومع صحبة خير عوائل أيضا تتناصح ونتبادل الآراء وهذه سبل أسرع وأنجح في تعديل السلوك أو التقليل من شدته وتكراره.

– حبيبتي.. زيدي من اهتمامك بزوجك وما يحبه ويميل إليه تزداد ثقته بنفسه، ويستجيب لك ولرغباتك، وكذلك اهتمي بالأولاد وهواياتهم وطموحهم حتى يقل تركيزك على أمر الخروج والتسلط فيه، خاصة أن الأبناء في مرحلة تحتاج المزيد من الاطلاع والاهتمام، وشاركي زوجك لأنه من خلال الاطلاع على الكتب التربوية يتعرض لأصول العلاقة الزوجية والتواصي بالرفق بالقوارير، وأن النساء لهن حقوق يجب تلبيتها طالما في طاعة الله وأن العشرة بالتراضي والاتفاق.

-وأخيرا حبيبتي أدعو لك بالتوفيق والثبات على التطبيق والترويض والصبر والرضا والدوام على الدعاء والاستعانة بالله والتقوى، فمن يتَّقِ الله يجعل له مخرجا، وكثرة الاستغفار مجلبة كل الخير.