قواعد في التعامل مع الولد المتمرد

ايجى 2030 /

لديّ طفل يبلغ من العمر اثني عشر عامًا كان يعاني من نوبات من الصرع منذ ثلاث سنوات، ويتناول علاجًا منذ ذلك التاريخ، وبفضل الله توقفت النوبات منذ عامين تقريبا، ولكن أصبحت أعاني من سوء أخلاقه، فقد أدمن على ألعاب الكمبيوتر والبلاي إستيشن، وأصبح يسرق ويكذب، ولا يريد أن يكمل حفظ القرآن الذي حفظ منه ثلاثة وعشرين جزءًا مما يمثل لي ضغطا نفسيًّا، مع أنني أحاول تحفيزه بشتى السبل لكن دون جدوى.. أرشدوني كيف أتعامل معه؟ وجزاكم الله خيرًا.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أهلا بكم ومرحبا أخي الفاضل وجزاك الله خيرًا على الاهتمام ومتابعة من تعول، وفقك الله لأن تكون نعم الراعي لخير ذرية. فكلكم راع ومسئول عن رعيته. وإن كان لم يتضح لنا من بين سطور رسالتكم العزيزة عدد الأبناء، وهل هو ابنكم الوحيد أم لا؟ وما ترتيبه بين الأبناء؟

أخي الفاضل، هَوِّن عليك، ليس هناك مشكلة إلا ولها حل، بل حلول، ولكن تحتاج وقتًا وصبرًا وتغيير وسائل وطرق علاجها.

والإنسان أيا كان سنه لا يقبل الأوامر والتوجيه المباشر، والرجال في عدم التقبل لذلك أكثر من النساء، والأطفال أكثر من الكبار، فما بالك بطفل وُلِدَ وفي مرحلة من أدق وأخطر مراحل نموه، وهي مرحلة المراهقة المبكرة.

إن من أول حقوق الرعاية والتربية لأولادنا أن نتعلم ونعرف خصائص مراحل النمو وطرق التعامل مع كل منها حتى لا نقع في كم من الأخطاء وردود أفعال لسلوكيات طبيعية هي من صفات المرحلة، ونحسبها نحن سلوكا سيئا وشاذًّا، وبالتالي نتسبب نحن في تحويل العرض وتحوله إلى مرض ومشكلة. ولأن أي سلوك هو نتيجة لاحتياج لذا وجب على المربي أن يتعرف على احتياجات كل مرحلة.

ونحن الآن لا بد أن نسد احتياجه ونشبعه من الحب ونعبر عن هذا الحب بكل وسائله المادية والحسية والمعنوية (الحضن، الضمة والقبلة واللمسة والابتسامة بكل الحواس، وكذلك تقديم الهدية (تهادوا تحابوا)- إني أحبك يا بني.. هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخبر مَنْ نُحِبُّه ونكررها عليه، ونفعل مع معظم من نتعامل معهم، وننسى فلذة الأكباد وهم الأولى والأهم ،وفيها وبها عبارات الحب والود والتودد، وبتكرارها نكسر الكثير من الحواجز، ونذلل الصعاب في طريق التواصل والتوافق مع الأبناء، ونستكمل احتياجاته إلى الحب ثم الحاجة إلى التقدير والاحترام، وأن يشعر أنه مقبول مرغوب في وجوده أسريا وعائليا واجتماعيا، وهذا يحتم علينا تغيير النظرة له ولسلوكه، وإخفاء الحكم على تصرفاته..

لابد أن يصل له شعور ويقين أننا لا نحب السلوك فقط، لكننا نحبه هو، نرفض الأفعال ولكننا لا نرفض ولا ننفر من الفاعل، ولذلك نجاهد فيه أنفسنا أن نرى منه الجميل والعادي من السلوك، ونمدحه ونثني عليه، ونذيعه على الجميع..

أكثر من الرسائل الإيجابية والألفاظ الموحية بالثقة في الذات، وأنه به الكثير والكثير من الخصال الحسنة المحمودة، وأغمض عينيك عن المرفوض، لا تذكره، ولا تُكَرِّره، ولا تعلنه على أحد..

نُكَبِّر صغيره الحسن، ونصغر السيئة، بل ونسترها؛ حتى يطمئن لنا ويصارحنا، ونتعرف عن احتياجه المدفون داخله، ويعبر عنه بالتخبط والعناد والرفض لتنفيذ الواجب والمفروض فعله.

القاعدة التربوية توجهنا (لا تدفعوا بأولادكم إلى التمرد).

إن القسوة والتسلط وكثرة النهي والمعاتبة أدوية فاسدة تجعلهم أكثر عصبية وانصرافا عنا وخروجا عن المألوف، وما كان اللين في شيء إلا زانه. فإن كنا نعاني الآن من رفضه للعبادات وكسله وتراجعه لأنه يمارسها بغير حب، فالأصل أن نغرس السلوك بالحب وبمراقبة الله في القيام به، وليس بالأوامر والإكراه، ونعلمه وندربه ونسقيه من أي عبادة أو خلق حسن بطرق جذابة شيقة، بعيدًا عن الإلقاء والتلقين والنصح، خاصة في هذه المرحلة.

والوقاية خير من العلاج، ونحن الآن بصدد العلاج، وعلاج شذوذ التربية السلوكية هو صلاح التربية الإيمانية “إن الله معي، الله شاهِدٌ عليّ،  الله ناظِرٌ إليّ”.. بالقصة وبالقدوة نداوم على ترسيخ ذلك في نفسه؛ حتى يتبرمج عليه.

ونحن إن بحثنا عن أسباب ممارسة الكذب أو السرقة، وأنه من الأفضل أن لا نُقِرَّ أنه صار خصلةً فيه، بل هو عَرَضٌ يمكن القضاء عليه. هو يهرب من ماذا؟ هو يشبع مطلبًا معنويًّا ونفسيًّا، وقد يكون ماديا أيضا لديه..فقد يكذب حبا في الظهور وإثبات الشخصية، أو لأنه لا يرى ولا يعرف أن ذلك كذب، وقد رأى وشهد حوله في محيط بيئته من يفعل ذلك وأكثر ، أو يكذب ويسرق مكيدة وانتقامًا..

و بالتواصل معه والإنصات له يفتح الله علينا فنكتشف جذور السلوك، وعلينا دومًا البعد عن الاتهام، والبعد عن التعنيف والعقاب.. بل نناقشه على أنه صادق وأمين، نعطيه الأمان والثقة في نفسه، ونجتهد أن نسد ونشبع كل احتياج مالي ومطالب مباحة، ونزيل كل آثار العداوة والشحناء التي رسخها الشيطان بينكم.

1- نضع برنامجا أسبوعيا وجلسة ود وحب وتواصل سمر، ولهو مباح  كنزهة.

2- كلنا يلزم ضبط النفس في التجاوز عنه وعن عصيانه ومخالفة الأوامر.

3- احترامه وتقدير شخصيته بالأقوال والأفعال التي تُثْبِت له ولجميع من حوله أنه مرغوب فيه، وأنه محبوب ومطلوب؛ لأنه قد تيقن من نفوركم منه لكثرة المخالفات اليومية، وبالتالي يزيد منها طالما أن النتيجة واحدة!

4- الانتصار على العدو اللدود للمراهق، ألا وهو الفراغ.

“ونفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل”.. فلا ندع له فرصة حتى لمجرد التفكير في السلوك المرفوض، أو تضييع الوقت في لهو ولعب ضار.. وهناك الكثير من اللهو واللعب الحلال والمباح التعليمي المفيد والمثمر، لابد أن يمارس رياضة، بل أكثر من رياضة واحدة يحبها، وأخرى تستهلك طاقته البدنية والذهنية، ويشارك في مسابقات رياضية ومعسكرات شبابية بممارسات فردية وجماعية.

ولا تعتقد أخي الفاضل أن ذلك يُضَيِّع وقته، أو لن يمارسه إلا إذا عاد لحفظ كتاب الله. هو يحتاج هذا وهذا، ولن يستقيم سلوكه إلا إذا توازن وأخذ من كل احتياجٍ ما يُشْبِعه ويَسُدُّ جوعه وعطشه.

كذلك علمنا رسولنا المربي الأول، فلنعلم أولادنا القرآن ومغازي النبي وسيرة الصحابة الكرام، وأيضا الرماية وركوب الخيل و….

ولعلكم أهل لأدراك ذلك وتطبيقه ومعرفة ذلك بنصه في الكتاب والسنة.

5- ما هوايته/ ميوله؟ حلمه أن يكون؟

نجلس نتناقش ونضع أهدافًا وخطة لتحقيق هذا الحلم على المدى القريب والبعيد.

ننمي عنده التطلع والطموح، وأن بيده وفي حلمه حلا لمشكلة عامة، ولديه قدرات وإمكانيات يمكن أن تُسْعِدَه وينفع بها غيره، ويُرْضِي الله بهذا المجهود عليه وعليكم؛ فوراء كل مبتكر ومشهور مربٍّ واعٍ. ولنقرأ في سيرة محمد الفاتح على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر، وهكذا ينشغل هو ونغفل نحن، ونتناسى ما يصدر من أخطاء حتى تختفي تماما.

6- مشاركات اجتماعية، عائلية، منزلية، ومدرسية، لابد أن تكون له بصمة ويدٌ تشارك وتنجز. والجماعات المدرسية بالمدرسة والأندية متعددة ومتنوعة، فليختر منها، ولنشجعه أن يثبت ذاته ويتميز ويحقق مراكز متفوقة..

أخي المربي الفاضل.. عَوِّدْه الخير وأعمال البر: يذهب معك، يصل رحمه، يعود مريضا،  يزور أيتاما، يتعود على الأعمال الصالحة، وأبواب التطوع التي تناسبه متوفرة إذا اجتهدنا أن نصل إليها، وبالمشورة والاتفاق والإقناع بيننا وبينه.

نحاول بالأفعال أن نثبت رجولته وصواب فعله ورأيه، فما المانع أن يشارك في وضع مصروف البيت، ويتحمل القيام بقضاء ما يلزمكم؟ أو يحمل أمانات ويواصلها، ويساعد في بعض أعمال المنزل المناسبة لطبيعته ورغبته.

7- وأولا وأخيرا وفي كل وقت، وحين نستعين بالله ونلح عليه أن يهدينا للحق، ويعيننا على القيام به. نتصدق، نُصَلِّي صلاة حاجة، نداوم على ممارسة عبادات جماعية معه، صلاة وصيام نافلة و…

هيا نلزم كل أسباب استجابة الدعاء من تقوى وتحرٍّ للحلال.

أكثر من الاستغفار، واصبر واحتسب، وأحسن الظن بالله يكن الله لك أكرم وأكثر مما ظننت، وداوم على دعاء تفريج الهم والكرب (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال).