عرين الأسود.. ورسائل مصر

عرين الأسود.. ورسائل مصر

بقلم : أيمن عبد المجيد
في عرين الأسود، تخرجت اليوم دفعات جديدة في الكليات العسكرية، والمعهد الفني للقوات المسلحة.

دماء جديدة زكية، فتية، تُضخ في شرايين المؤسسة العسكرية، الأعرق والأنقى عالميًا، بأفرعها المختلفة، وفي شرايين الشرطة المصرية الباسلة.

شباب أقسموا بالله العظيم ثلاثًا على أن يكونوا جنودًا أوفياء لجمهورية مصر العربية، يحافظون على أمنها وسلامتها بأرواحهم، حامين ومدافعين عنها في البحر والبر والجو، داخلها وخارجها، يرفعون راية الوطن، يطيعون قادتهم، لا يتركون سلاحهم قط حتى الموت.

في هذا الحدث العظيم، منذ ٦٧ عامًا، كان هناك فتية صدقوا ما عاهدوا الله عليه، شاهدوا الفساد قد استشرى، والمحتل البريطاني جاثمًا على روح الوطن، متحكمًا في قرارات القصر، الإقطاع يتحكم في الفلاحين، يعملون بالسخرة، موارد الدولة مسلوبة، فقناة السويس في يد المحتل الراغب في تمديد فترة السيطرة.

فكان قرارهم الخلاص، لبناء مصر الحديثة، المستقلة، التي تكون الكلمة فيها للشعب، فكانت حركة الجيش في ٢٣ يوليو، التي باركها الشعب فتحولت إلى ثورة بيضاء في كل ربوع مصر.

نقلت الدولة من الملكية إلى الجمهورية، ومن الإقطاع إلى الإصلاح الزراعي، الذي تحول فيه الفلاح البسيط من أجير مهدرة حقوقه، إلى مالك لأفدنة يقتات منها وأسرته.

استقلت البلاد وامتلكت قرارها، أممت القناة، وتم بناء السد العالي، حققت العدالة الاجتماعية.

اليوم في حفل تخرج دفعة جديدة من أبطال مصر، كانت الرسائل بليغة، في كل مشهد، وفي كل كلمة، رسائل بعلم الوصول إلى كل من يهمه الأمر.

الرسالة الأولى:

تخريج الكليات العسكرية من الجيش والشرطة في حفل واحد من مكان واحد، تأكيد على أنهما معًا في نسيج واحد، في مواجهة تحديات واحدة، هدفهم واحد؛ حماية أمن مصر وسلامتها.

الرسالة الثانية:

حضور أوائل الجامعات المصرية المدنية، لتهنئة أشقائهم أوائل الكليات العسكرية، وتداخلهم في صف واحد كالبنيان المرصوص، وترديدهم شعار “تحيا مصر”، رسالة بأن شعب مصر، ومستقبله، نسيج واحد، يعلم كل منهم مهمته ودوره، في بناء المستقبل وحمايته، لا يفرق ذلك الشعب الواعي كيد كائد.

الرسالة الثالثة:

تحية الشهداء، الحاضرة بقوة في كلمة الرئيس والقادة، صورهم التي رفرفت في سماء العرض، رسالة قوية بأن من يضحي لأجل هذا الوطن هو الحي الباقي أبد الدهر، وطن يقدر تضحيات شهدائه، يشركهم في كل مناسباته، يرعى أسرهم، ويثمن تضحياتهم، بينما الخونة إلى غياهب التاريخ مذمومين يلقون جزاءهم.

الرسالة الرابعة:

مصر التاريخ، التأثير في صناعة مستقبل العالم، فمن هذه الأرض الطيبة، ومن جيشها المصري الأعرق في تاريخ الأمم، خرج فتية آمنوا بربهم ووطنهم، تصدوا للاحتلال البريطاني وأعوانه، وللفساد ورعاته، والإقطاع وحماته، والتبعية والمنبطحين لها، فكانت أهدافهم جلية، حملوا أرواحهم على أكفهم في ثورة ٢٣ يوليو عام ١٩٥٢.

فكان القرار، حركة مباركة للضباط الأحرار، باركها الشعب فكانت ثورة، حققت الاستقلال وقضت على الاستعمار، قضت على الإقطاع وحققت العدالة الاجتماعية، جعلت من الفلاح الأجير مالكًا، منحت التعليم المجاني لعموم الشعب، بنت اقتصادًا وطنيًا.

انتصر الشعب وبات يحكمه مصريون، انتصرت مصر على التحديات والمؤامرات العالمية، ولم يقتصر أثرها على الوطن، بل ألهمت الشعوب كافة الساعية للتحرر والاستقلال، انتصار مصر كان له أسباب جوهرية، ونحن الآن في مرحلة جديدة لديها تحدياتها وتتطلب توافر أسباب مماثلة للعبور للمستقبل.

كما كانت ثورة ٣٠ يونيو حامية للشرق الأوسط من موجة عاتية مدمرة.

الرسالة الخامسة:

خلاصة العبور للمستقبل لخّصها الرئيس عبد الفتاح السيسي حين قال: «أقول لكم وبكل صدق: إن الأمن والاستقرار.. هما الضمان للنمو والتقدم، وإن الأمم والحضارات تبنى بالقيادة، المدعومة بعرق وجهد سواعد أبنائها».

نعم القيادة المُخلصة المدركة لحجم التحديات، الواضعة لاستراتيجية عمل، والأهم «المدعومة بعرق وجهد سواعد أبنائها».

في تقديمه الحفل قال العميد ياسر وهبة، المبُدع، فهو قائد بحق لمدفعية العبارات الوطنية، والجُمل الذهبية: «سيادة الرئيس دائمًا ما تقول لنا خلال لقاءات سيادتكم معنا، أنك لا تخشى على مصر إلا من داخلها، ونحن المصريين نقول لسيادتكم لا تخشَ عليها، لا من داخلها ولا من خارجها، فمصر يا سيادة الرئيس محروسة ومحمية بالعناية الإلهية، وبجيشها الأبي وشعبها العظيم، وأزهرها الشريف، وكنيستها الوطنية، وجميع مؤسساتها، وقد عاهدت الزمان ومعاهدها الزمان ألا يزولوا إلا معًا، فهي قرينة الدهر، ومن العجيب أن الدهر قد شاب وهي لم تبلغ حتى الكبر».

علق الرئيس: «ياسر بيقول إن مصر محمية، أيوه، لكن يجب أن نؤدي دورنا».

الرسالة: الله يحمي كنانته، لكن علينا أن نجتهد جميعًا، بالعرق والجهد، كشعب خلف القيادة للعبور للمستقبل الذي نتمناه.

الرسالة السادسة:

واقعنا الراهن حلقة متجددة من تاريخنا، قالها الرئيس: «شعب مصر العظيم، إننا ننظر إلى واقعنا الراهن باعتباره حلقة جديدة من حلقات هذا التاريخ المتصل، نرصد الظواهر المتغيرة والتحديات المتجددة، ونحاول بكل ما أوتينا من قوة وجهد أن نبني وننمي لنغيّر هذا الواقع إلى الأفضل، على نحو نرضاه ونفتخر به».

الرسالة السابعة:

تغيير الواقع يتطلب عملًا وكفاحًا لتنفيذ خطط طموحة، يواصلها البطل الحقيقي، وهو الشعب، قال الرئيس: «الشعب المصري هو البطل الحقيقي، ودورنا هو وضع الخطط ورسم السياسات والتحفيز، ولولا تضحيات الشعب الذكي الواعي لما واجهنا أخطر تحديين، وهما الإرهاب وإصلاح الاقتصاد، وما نفعله لبناء البلد لا بديل ولا خيار آخر».

الرسالة الثامنة:

«لا ننحني للإرهاب، ولا نهاب الموت، وندافع عن الأخلاق والإنسانية وعن الدين»، وقد حققت مصر انتصارًا على الإرهاب وتم تفكيك قواعده، والقادم أفضل.

ويظل شعار “تحيا مصر” هتافنا وهدفنا.