الاستعلامات : النيل والكفاح والتنمية… تجمع بين مصر والكونغو الديمقراطية

الاستعلامات : النيل والكفاح والتنمية... تجمع بين مصر والكونغو الديمقراطية

ايجى 2030
بين مصر وجمهورية الكونغو الديمقراطية علاقات وطيدة؛ صنعتها الجغرافيا، وصاغها التاريخ البعيد والقريب معاً، وأكدها الحاضر، وقاربت بين البلدين مصالح مشتركة، وجمعتهما قيم السلام ومبادىء الاستقرار، والرغبة فى النهوض والتقدم والرفاه للشعبين.

فعلى صعيد حقائق الجغرافيا، فإن الشعبين يشربان من مصدر واحد هو نهر النيل الذي تبدأ منابعه من منطقة البحيرات العظمى التي تقع الكونغو عليها، ليصل إلى مصر بعد ذلك كمصدر للحياة والنماء على أرضها.

أما وقائع التاريخ، فتذكر دور مصر بقيادة زعيمها، جمال عبد الناصر، في دعم استقلال الكونغو، ومساندة شعبها في مواجهة الاستعمار البلجيكي وأعوانه في داخل البلاد بعد ذلك؛ وفي المراحل التالية، ترجمت مصر حرصها على استقرار الكونغو الديمقراطية في دعم سياسي دائم، بل ودعم عسكري كلما تطلب الأمر ذلك.

وفي كل المراحل، جمعت بين قيادة البلدين علاقات ودٍ واحترام وتشاور، كان لها أثر إيجابي في تعزيز العلاقات الثنائية دائماً.

وفي الوقت الراهن، تواصل الدولتان العمل على تطوير علاقاتهما في كافة المجالات، ولاشك أن لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الرئيس فيليكس تشيسيكيدي فى أديس أبابا في 9 فبراير 2019، والذي جاء بعد أسبوعين فقط من تسلم الرئيس تشيسيكيدي الرئاسة في بلاده، إنما يؤكد حرص البلدين على استمرار وتطوير التعاون السياسي والاقتصادي والاستراتيجي بينهما، لكل مافيه خير وصالح الشعبين والقارة الأفريقية. وفي 9 يوليو الجري (2019) التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي برئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيلكس تشيسيكيدي، على هامش رئاسته لقمة الاتحاد الأفريقي التنسيقية المصغرة الأولى بنيامي في النيجر، حيث جدد الرئيس السيسي “عزم مصر الاستمرار في تقديم كافة أوجه المساعدات الممكنة للكونغو الديمقراطية كدولة تجمعنا بها علاقات تاريخية تمثل نموذجاً للتعاون والتنسيق والدعم المتبادل، مؤكدا في هذا الصدد تطلع مصر للارتقاء بمستوى التنسيق والتشاور السياسي الثنائي بين البلدين.”

هذه الحقائق؛ هى بعض ما اشتمل عليه الكتاب الجديد الذي أصدرته الهيئة العامة لللاستعلامات بعنوان:” مصر والكونغو الديمقراطية”.

وصرح الكاتب الصحفي ضياء رشوان رئيس الهيئة، بأن هذا الكتاب “مصر والكونغو الديمقراطية” قد صدر باللغتين العربية والفرنسية وهذا هو الكتاب رقم (8) في إطار سلسلة “مصر وأفريقيا” التي تصدرها هيئة الاستعلامات في إطار المواكبة الإعلامية لرئاسة مصر للاتحاد الأفريقي، وقد بدأت هذه السلسلة بإصدار كتاب شامل عن “مصر في أفريقيا” ثم بإصدار كتب متتابعة كل منها يتناول لمحات من المعلومات عن دولة أفريقية وعلاقات مصر معها، من أجل تعزيز التفاهم بين الشعوب الأفريقية، وإثراء معرفة الشعب المصري بأشقائه في الدول الأفريقية، ومخاطبة الشعوب الأفريقية بلغاتها، وتعريف القراء في أفريقيا وفي كل مكان بكل شعب من شعوب هذه القارة وثقافتها وفنونها وسياستها واقتصدها وتاريخها ودورها الحضاري والإنساني.

وأشار ” رشوان” إلى أن مصر وجمهورية الكونغو الديمقراطية تربطهما علاقات تاريخية تعود جذورها إلى عقد الستينيات من القرن الماضي، حيث قدمت مصر في إطار دعمها ومساندتها لحركات الاستقلال والتحرر من الاستعمار الأوروبي في دول القارة الأفريقية، كافة وسائل الدعم الممكنة لمساعدة معارك التحرر والاستقلال التي خاضتها الكونغو الديمقراطية ضد الاستعمار البلجيكي.

وساند الرئيس جمال عبد الناصر الزعيم باتريس لومومبا وأحقيته فى تمثيل الحكومة المركزية، حتى نالت الكونغو استقلالها في 30 يونيو عام 1960، كما قام الإعلام المصرى بفضح ألاعيب الاستعمار البلجيكى فى بث الانقسام وخلق ومساندة الحركات الانفصالية من أجل الاستمرار فى استغلال ثروات البلاد، كما ساندت مصر وحدة الكونغو فى مواجهة مؤامرات الانفصال.

وعندما تعرضت الكونغو لاضطرابات مسلحة في عام 1977، استعانت بخبراء عسكريين مصريين إلى جانب قوات من دول أخرى، كما وقعت مع مصر في العاصمة الكونغولية كينشاسا في 8 فبراير 1980 اتفاقية تعاون عسكري وفني وتدريب عسكري.

وفى المراحل التالية، دعمت مصر استقرار الكونغو من خلال مشاركة قوات مصرية فى بعثة الأمم المتحدة لتحقيق السلام فى الكونغو الديمقراطية بهدف دعم جهود الأمم المتحدة المساندة للجيش الكونغولى فى مواجهة الحركات المسلحة بمنطقة شرق الكونغو للحفاظ على سيادة أراضيها، وحماية ثرواتها التى يتم نهبها عن طريق عدد من الحركات المسلحة بشكل غير قانونى.

وقد تولت مصر رئاسة لجنة عقوبات الكونغو الديمقراطية، خلال عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي للفترة 2016-2017، وتهدف اللجنة إلى دعم جهود حكومة الكونغو الديمقراطية ودول منطقة البحيرات العظمى لإحلال السلام والاستقرار ومواجهة خطر الجماعات المسلحة التي تعاني منها المنطقة. وأكدت مصر أهمية تحقيق الاستقرار في شرق الكونغو الديمقراطية، باعتباره المفتاح الرئيسي للسلام والتنمية في منطقة البحيرات العظمى.

علاقات سياسية متنامية

استناداً للرصيد التاريخى للعلاقات بين مصر والكونغو الديمقراطية، تطورت العلاقات بين البلدين على الصعيد السياسى، وتواصلت المشاورات والتنسيق على أعلى المستويات بين قيادتى البلدين بِأن الأوضاع فى الكونغو، والعلاقات الثنائية والقضيا الأفريقية والإقليمية التى تهم البلدين.

والملاحظة الجديرة بالانتباه في هذا الصدد، هو ثبات العلاقات الطيبة بين البلدين مع تغير القيادات فى الكونغو، ففقد حرص قادة الكونغو على الاحتفاظ بعلاقات وطيدة مع مصر دائماً، من الرئيس الأسبق موبوتو سيسيسيكو، ثم الرئيس لوران كابيلا، ثم الرئيس جوزيف كابيلا، وصولاً إلى الرئيس فيليكس تشيسيكيدى الذي تولى الرئاسة رسمياً في 24 يناير 2019.

وبعد ذلك بنحو أسبوعين، وعلى هامش القمة الأفريقية فى العاصمة الإثيوبية أديس ابابا، عقد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى 9 فبراير 2019، لقاء بمقر إقامته مع رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسيكيدى. وحرص الرئيس السيسى خلال اللقاء على توجيه التهنئة لرئيس الكونغو والشعب الكونغولى على نجاح الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية ، مؤكداً حرص مصر على الاستمرار فى توظيف إمكاناتها لدعم الكونغو فى المجالات التنموية والفنية المختلفة، وذلك بالتوازى مع مستوى العلاقات السياسية بين البلدين، وتناول اللقاء أيضاً بعض الأمور الخاصة بالتعاون الثنائى بين الدولتين، كما وجه الرئيس السيسى الشكر للرئيس تشيسكيدى على مواقفه إلى جانب مصر، ووجَّه له الدعوة لزيارة مصر فى أقرب فرصة.

من جانب آخر فإن الكونغو هي إحدى أهم الدول في مجموعة الدول العشر المكونة لحوض النيل، فهي إحدى دول البحيرات العظمى التي تنطلق منها منابع النيل الأبيض.

وتؤد الكونغو الديمقراطية الحاجة لاستمرار التشاور بين كافة دول حوض النيل للوصول إلى التوافق الأمثل للمضي قدماً في المشروعات والبرامج الكفيلة بتحقيق مصالح جميع دول الحوض، وأبدت مصر تقديرها لمساعي الكونغو الديمقراطية لإحداث توافق بين دول حوض النيل للوصول إلى إتفاق شامل يضم جميع دوله ويضمن الأمن المائي لجميع أطرافه.

ومن المصادفات التي يذكرها كتاب: “مصر والكونغو الديمقراطية” الصادر عن الهيئة العامة للاستعلامات، أن الرئيس موبوتو سيسيسيكو الرئيس الأسبق للكونغو الديمقراطية( زائير آنذاك) هو صاحب أول تفكير فى ترشيح الدكتور بطرس غالي لمنصب الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، وطبقاً لما ذكره الكاتب الصحفي الأستاذ محمد حسنين هيكل، أنه بعد تفكير الدول الافريقية في أن يكون المنصب من حقها، تم تكليف وزراء الخارجية الأفارقة بوضع قائمة بخمسة مرشحين، وعندما وضعت الأسماء لاحظ بعض الرؤساء ان معظم الاسماء في القائمة من الدول الافريقية الناطقة بالانجليزية مع غياب واضح للدول الافريقية الناطقة بالفرنسية، وطلب الرئيس “موبوتو” تعديل القائمة لكي تضم مرشحين ينطبق عليهم ذلك، وعندما بدأ سرد الأسماء التي يمكن إدراجها، توجه الرئيس موبوتو إلى الدكتور بطرس غالي الذي كان حاضراً هذا الاجتماع بكلمة قال فيها: “وانت يا بيير ألا تريد أن تضيف اسمك إلى القائمة خصوصا أنك فرانكفون وأنجلوفون وعرب فون أيضاً”، وبعد المفاجأة التي تلقاها الدكتور بطرس غالي من موبوتو، وبعد عودته لمصر، رفع مذكرة إلى الرئيس بهذا الموضوع وتمت بالفعل الموافقة على الترشيح، وفاز بالمنصب.

تشيسيكيدي للسيسي: خصالكم كقائد ستقود أفريقيا بنجاح

فى السنوات الأخيرة، أيدت الكونغو الديمقراطية مصر للفوز بالعضوية غير الدائمة لمجلس الأمن الدولي للفترة من 2016-2017 عن المقعد الأفريقي المخصص لشمال أفريقيا، وقد عملت مصر خلال عضويتها في المجلس، وعضوية مجلس السلم والأمن الأفريقي، على الدفاع عن كافة القضايا التي تحقق مصالح الكونغو الديمقراطية، وكافة الدول الأفريقية من أجل مواجهة موجات العنف والتطرف التي تؤثر بالسلب على جهود الاستقرار والتنمية في مختلف الدول.

كما أيدت الكونغو رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي، وقال الرئيس تشيسيكيدى فى كلمته أمام القمة الأفريقية بأديس أبابا في فبراير 2019 عبارة رائعة موجهاً حديثه إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي: “إنني على يقين بأن خصالكم كقائد، والتمسك التاريخي لبلدكم مصر بالمثل الأفريقية، سوف يمكنكم من قيادة منظمتنا بفعالية ونجاح خلال ولايتكم”.

العلاقات الاقتصادية:

تسعى مصر والكونغو الديمقراطية، طبقاً لكتاب “هيئة الاستعلامات”، إلى تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة اعتماداً على ما يتوفر لهما من إمكانات مادية وبشرية، وهو ما يمثل حافزاً للعمل معاً على دفع العلاقات الاقتصادية والتجارية بحيث تعكس ما يجمع بين البلدين والشعبين من علاقات وروابط وثيقة، بالإضافة إلى سعي الدولتين إلى الارتقاء بحجم التبادل التجاري وتشجيع المشروعات المشتركة في القطاعات الاقتصادية المختلفة.

وفي هذا الإطار، شاركت جمهورية الكونغو الديمقراطية في مؤتمر قمة التكتلات الاقتصادية الأفريقية الثلاث الكبرى (الكوميسا، السادك، تجمع شرق أفريقيا) التي استضافتها مصر بمدينة شرم الشيخ خلال الفترة من 7-10 يونيو 2015، حيث قام “بايزا كيسولا” وزير التجارة الكونغولي بزيارة مصر لتمثيل بلاده في المؤتمر.

وفي خطوة مهمة لتشجيع العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وقعت مصر والكونغو الديمقراطية في 4 فبراير 2016 عدداً من بروتوكولات التعاون ومذكرات التفاهم، وهي بروتوكول تعاون بين الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس ووكالة تطوير وترويج مشروع سد إنجا الكبير بالكونغو الديمقراطية، وذلك في مجال إدارة المشروعات الكبرى للبنية التحتية، ومذكرة تفاهم للتعاون بشأن إنشاء مركز للمعلومات ودعم إتخاذ القرار بالكونغو الديمقراطية، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومذكرة تفاهم في مجال السياحة، إلى جانب التوقيع على العقد التنفيذي لمشروع إنشاء محطة كهرباء بالطاقة الشمسية بالكونغو الديمقراطية.

وأكد رئيس الوزراء الكونغولي السابق خلال زيارته لمصر في فبراير 2016، أن بلاده تعتبر شريكاً اقتصادياً هاماً لمصر في منطقة وسط أفريقيا، وشدد على دعمها لجهود مصر في المجالات الاقتصادية والتجارية وغيرها من القطاعات ذات الاهتمام المشترك، كما أشاد بقيام مصر بحفر قناة السويس الجديدة والتي تعد فخراً لمصر وأفريقيا معاً.

العلاقات التجارية:

بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والكونغو الديمقراطية في عام 2014 نحو 65 مليون دولار، بإجمالي صادرات مصرية يُقدر بحوالي 35 مليون دولار، وواردات مصرية بحوالي 30 مليون دولار.

وتمثلت أهم الصادرات المصرية إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية في عام 2014، في: سيارات الركاب ، والمواد العطرية، فضلاً عن العصائر والفواكه. أما فيما يتعلق بالواردات المصرية من الكونغو الديمقراطية فأهمها : مواد خام مثل أقطاب النحاس، الزنك، الأخشاب.

التعاون الفني:

تلعب الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية (EAPD) التابعة لوزارة الخارجية المصرية دوراً رئيسياً في دعم جهود بناء القدرات في جمهورية الكونغو الديمقراطية من خلال الدورات والمنح التدريبية التي تنظمها بالتعاون مع الوزارات المصرية ذات الصلة في مختلف المجالات، والتي تشمل الصحة والكهرباء والري والزراعة والدبلوماسية وغيرها.

وفي هذا الإطار، تقوم الوكالة بتوفير المساعدات اللوجيستية للعديد من القطاعات في الكونغو الديمقراطية، والتي كان من بينها خلال الفترة الماضية إعادة تأهيل العديد من الأقسام في مستشفى كينشاسا العام وتزويدها بالأجهزة الطبية، وإرسال العديد من القوافل الطبية المصرية، فضلاً عن إرسال شحنة من المساعدات اللوجيستية من مستلزمات الورش لإقامة مركز للتدريب المهني في كينشاسا، وكذلك مركز مماثل في مدينة غوما شرق الكونغو.

وقامت الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية في مارس 2018 بتقديم مساعدات دوائية إلى هيئة الإذاعة والتليفزيون الكونغولية. كذلك، تعمل المبادرة المصرية لتنمية دول حوض النيل على تنفيذ عدد من المشروعات في الكونغو الديمقراطية من بينها إنشاء مزرعة نموذجية مشتركة، وعدد من محطات توليد الطاقة الكهربائية، فضلاً عن إنشاء مركز طبي في كينشاسا.

تعاون في إدارة المياه

باعتبار جمهورية الكونغو الديمقراطية إحدى دول إقليم البحيرات العظمى التي تقع منابع النيل في أراضيها، فإنها تلتزم باحترام حقوق باقي الدول في حوض النهر، ومن ضمنها مصر، بموجب العديد من الاتفاقيات التاريخية الموقعة إبان الحقبة الاستعمارية لأفريقيا، ومن هذه الاتفاقيات فيما يتعلق بجمهورية الكونغو الديمقراطية، الاتفاق الحدودي الموقع في لندن في 9 مايو 1906 بين حكومة الكونغو الديمقراطية وبريطانيا (تطبيقاً لاتفاق بروكسل 1894) وتتعهد فيه حكومة الكونغو المستقلة بعدم إنشاء أية أعمال على نهر سمليكي أو نهر إيسانجو يكون من شأنها خفض حجم المياه التي تتدفق إلى بحيرة ألبرت ما لم توافق الحكومة السودانية، وما يعنيه ذلك من عدم قيام الكونغو الديمقراطية بتنفيذ مشروعات تضر بكل من مصر والسودان، ووفق نص المادة الثالثة من الاتفاق، فإنه “يُحرم” على الكونغو بناء أي سدود أو منشآت على نهري “سمليكي” أو “إيسانجو”، أو فيما يجاورهما من شأنها التأثير على كمية المياه الداخلة في بحيرة “ألبرت” ما لم يتم ذلك بالاتفاق مع الحكومة المصرية.

ومن هنا، من الطبيعي أن يمثل التنسيق والتشاور والتعاون بين مصر وجمهورية الكونغو الديمقراطية بشأن مياه النيل أحد القواسم المشتركة المهمة في العلاقات فيما بينهما، وقد تبلور التعاون بين البلدين بشأن مسألة مياه النيل في العديد من المظاهر والمؤشرات، حيث تعد هذه المسألة من المسائل المهمة التي تحظى بالاهتمام خلال لقاءات مسئولي الدولتين على كافة المستويات.

فخلال المحادثات التي أجراها الرئيس الكونغولي جوزيف كابيلا في القاهرة في 23 مايو 2010، جددت الكونغو الديمقراطية حرصها على عدم الإضرار بمصالح مصر في مياه النيل، وضرورة توافق الآراء بشأن أي إتفاق يتم التوصل إليه بين دول حوض النيل بما يحقق مصالحها المتبادلة، بما فيها دول المنبع والمصب وفقاً لمبدأ “لا ضرر ولا ضرار”.

وفي 7 مارس 2012، وقعت مصر والكونغو الديمقراطية بروتوكولاً للتعاون الفني في مجال الإدارة المتكاملة للموارد المائية، لمدة خمس سنوات يتضمن 5 مجالات لتحقيق الإدارة المتكاملة للموارد المائية، تشمل مواجهة التغيرات المناخية التي تتعرض لها الكونغو وتأثيرها على الأمطار، كما يشمل البروتوكول العديد من المشروعات التنموية التي تسهم في الاستغلال الأمثل للموارد المائية المتاحة بجمهورية الكونغو الديمقراطية، والتي تشمل دراسة جدوى لإنشاء بنية تحتية كهرومائية، وحفر عدد 20 بئراً جوفية مزودة بشبكات توزيع، بالإضافة إلى حفر 10 آبار جوفية تعمل بطلمبات، وإنشاء مركز تنبؤ بالفيضان والأمطار، والتدريب وبناء القدرات للكوادر الفنية الكونغولية من خلال منحة مصرية.

واتفقت مصر والكونغو الديمقراطية في مارس 2015 على تعزيز التعاون الفني في مجال الموارد المائية وبحث سبل تعظيم الاستفادة من الموارد المائية المتاحة لدى دولة الكونغو الديمقراطية بشكل عام وتنفيذ مشروعات الإدارة المتكاملة للموارد المائية بالأقاليم المحرومة، وتقييم ما تم إنجازه من بروتوكول التعاون الفنى بين البلدين لمشروع الإدارة المتكاملة للموارد المائية بالكونغو الديمقراطية الموقع في 6 مارس 2012 بمنحة مصرية.

كذلك شهد لقاء وزير الموارد المائية والري مع نظيره الكونغولي في فبراير 2017 الاتفاق بين البلدين على إقامة 4 مشروعات في الكونغو الديمقراطية، بهدف تعظيم الإدارة المتكاملة للموارد المائية، أبرزها إعداد دراسة جدوى لإنشاء بنية تحتية كهرومائية وحفر 30 بئر مياه جوفية مزودة بشبكات توزيع تعمل بطلمبات لتوفير مياه الشرب في المناطق القاحلة لخدمة السكان والثروة الحيوانية، وشملت المشروعات بين الجانبين قيام مصر بإنشاء مركز للتنبؤ بالتغيرات المناخية والأمطار، يكون على صلة وثيقة بمركز التنبؤ التابع لوزارة الموارد المائية والري بالقاهرة، كما شمل التعاون مجالات التدريب في العديد من المجالات، مثل نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد، ومراقبة نوعية المياه وهيدرولوجيا أحواض الأنهار، وحصاد مياه الأمطار. كما تم الاتفاق على إقامة مزرعة مصرية نموذجية على مساحة 100 فدان قريبة من العاصمة كينشاسا لنقل الخبرات الزراعية المصرية للكوادر الكونغولية والاتفاق على استقبال القاهرة لـعدد من الكوادر الفنية الكونغولية للتدريب على التطبيقات التكنولوجية المتطورة في مجال المياه.

الكونغو: تاريخ وجغرافيا

حصلت جمهورية الكونغو الديمقراطية التي تأسست في عام 1908 كمستعمرة بلجيكية، على استقلالها في عام 1960، وشهدت في السنوات الأولى لتأسيسها حالة من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، ثم تولى الحكم العقيد جوزيف موبوتو وأصبح رئيساً في نوفمبر عام 1965، قام بعد ذلك بتغيير اسمه إلى موبوتو سيسي سيكو، وكذلك تغيير اسم الدولة إلى زائير.ومرت الكونغو بفترات من الاستقرار والاضطرابات، حتى بداية الألفية الجديدة، وقد أجريت الانتخابات الأخيرة في 30 ديسمبر 2018، وأسفرت عن انتخاب “فيليكس تشيسيكيدي” زعيم حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم الاجتماعي رئيساً لجمهورية الكونغو الديمقراطية.

جغرافياً، تقع جمهورية الكونغو الديمقراطية في وسط أفريقيا، ويحدها من الشمال جمهوريتا أفريقيا الوسطى وجنوب السودان، ومن الشرق أوغندا ورواندا وبوروندي وتنزانيا، ومن الجنوب زامبيا وأنجولا، ومن الغرب جمهورية الكونغو، ومن الجنوب الغربي المحيط الأطلسي.

ويبلغ تعداد سكان جمهورية الكونغو الديمقراطية نحو 85 مليون نسمة طبقاً لتقديرات يوليو عام 2018.

نمو اقتصادى

بلغ الناتج المحلي الإجمالي لجمهورية الكونغو الديمقراطية نحو 68.6 مليار دولار، طبقاً لتقديرات عام 2017. وبالنسبة لمساهمة القطاعات المختلفة في الناتج المحلي الإجمالي، طبقاً لتقديرات عام 2017، فقد بلغت مساهمة قطاع الزراعة (يشمل الزراعة، الصيد، الغابات) نحو 19.7%، وبلغت مساهمة قطاع الصناعة (يشمل التعدين، الصناعة، إنتاج الطاقة، التشييد والبناء) نحو 43.6%، فيما بلغت نسبة مساهمة قطاع الخدمات (يشمل النشاطات الحكومية، الاتصالات، النقل، التمويل، جميع الأنشطة الاقتصادية الأخرى التي لا تنتج سلعاً مادية) نحو 36.7%.

وعلى صعيد السياسة الخارجية، تُعد جمهورية الكونغو الديمقراطية أحد اللاعبين الرئيسيين في منطقة وسط أفريقيا منذ استقلالها عام 1960، وذلك في ضوء ما تحظى به من موقع استراتيجي متميز، وامتلاكها لثروات طبيعية ومعدنية هائلة، وهو الأمر الذي جعلها تمتلك شبكة كبيرة من العلاقات الثنائية والجماعية، وكذلك التمثيل الدبلوماسي مع العديد من الدول في مختلف قارات العالم، علاوة على عضويتها في المنظمات الإقليمية والدولية المختلفة.