خطوات عملية للقضاء على الأردوغانية

خطوات عملية للقضاء على الأردوغانية

محمد أرسلان
بات أردوغان تركيا الشغل الشاغل والمهدد لمعظم دول وشعوب المنطقة من خلال تدخلاته المستمرة في شئونها، وكذلك إرسال الإرهابيين والمرتزقة لتلك الدول بغية زعزعة الاستقرار والأمن الهش بالأساس، ونشر الفوضى في كل مكان بهدف تحقيق أطماعه وأجنداته في نشر العثمنة الجديدة عن طريق “الفرق الأردوغانية”، كما فعل أسلافه في نشر الجهل والخراب عن طريق “الفرق الحميدية” الانكشارية.

تختلف المسميات والجوهر واحد عند المستبدين والدكتاتوريين، وكلهم يستثمرون بالدين كوسيلة للوصول إلى الغاية وهي التسلط على رقاب الشعوب والمجتمعات ونهب خيراتها وعقولها وجعلها صحراء جرداء مستهلكة من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

هذا ما كانت عليه المنطقة طيلة أربعة قرون ونيف من حكم العثمانيين الأجداد، إذ تم نهب وسرقة خيرات كل البلدان التي احتلوها واستعمروها تحت يافطة نشر الدين الاسلامي وفتح “قسطنطينية” والتي تحولت إلى “إسلام بول” ومنها إلى اسطنبول على يد محمد الفاتح، والذي تم إضفاء الصبغة الدينية على هذا الاحتلال وربطه بأحاديث نبوية ليس لها أساس من الصحة، بل الذين روجوها لم يكونوا سوى شيوخ السلطان من أصحاب العمائم من أمثال القرضاوي والقرة داغي في حاضرنا، من الذين يروجون لأردوغان على أنه “الخليفة” الذي سيحرر ما تبقى من الكفرة العلمانيين والديمقراطيين لحساب “الإخوان المسلمين”، التي يعتبرونها الفرقة الناجية من الفرق الاثنان والسبعون، والباقية كلهم في النار.

لذلك نرى معظم التنظيمات الإرهابية بمختلف مسمياتها تُكفر الآخر مهما كان على أساس أنهم فقط الفرقة الناجية وهم فقط فرقة “تنظيم الإخوان المسلمين”، وطبعًا يعتبرون أردوغان حاول لواء هذه الفرقة الناجية وأنَّ الله سَيَمُنُّ عليه الفتح القريب للمنطقة.

تكمن المشكلة في أردوغان تركيا بقدر ما تكمن في التابعين له من أصحاب العقول المتحجرة التي أصاب أصحابها عمى البصيرة والجهل والذين توقف الزمن عندهم، حتى آمنوا أنَّ الله أعطاهم الحق في قتل كل من يرونه خارج ملتهم، وهذا ما نراه في مواقف الإرهابيين والمرتزقة من الفرق الأردوغانية إن كان في سوريا والعراق والسودان ومصر وكذلك في ليبيا.

حيث ينشرون الخراب والترهيب والدمار والقتل تنفيذًا لأوامر خليفتهم أردوغان تركيا في أنه له مطلق الحرية في نشر الإرهاب في المنطقة، وأي طرف يعارضه يتم توجيه سهام الكفر نحوه وكذلك القتل، هذا ما نراه بكل وضوح خلال إرساله الأسلحة وعناصر القتل من جيشه إلى ليبيا وتهديده لكل من يرفض تواجده بالقتل، هو نفس الأمر فعله في مصر معتمدًا على مريده السيد مرسي “رحمه الله”، وكذلك في سوريا واحتلاله لجرابلس والباب واعزاز وعفرين وإدلب، وأيضًا ما يفعله الآن في الشمال العراقي في احتلاله لجزء كبير منه بمساعدة البعض من العشائر المحلية.

كل هذا يعني أنَّ أردوغان تركيا هو كمرض السرطان ووصلت حالته لمرحلة يصعب علاجها كيمياويًا، ربما نحتاج لبتر هذه الشخصية من جسد مشرق المتوسط وجنوبه. التنديد والصراخ والشجب والتفرقة لم تعد تفي بالحاجة من أجل التخلص من إرهاب أردوغان تركيا في المنطقة، بل يلزمها خطوات عمليه وإجرائية لتخليص المجتمعات وشعوب المنطقة منه قبل فوات الأوان.

ربما تكون بعض الإجراءات لها مدلولها على المدى القريب كمسكن للألم، إلا أنها لن تفي للقضاء على الداء بحد ذاته. مع العلم، أنه ثمة أطراف أو شركات عابرة للحدود والقوميات تستفيد من هذه الأمراض وتعمل على نشرها من أجل البرح الأعظمي من الشركات الرأسمالية الناهبة.

إلا أنه تشكيل جبهة ديمقراطية تضم تحت لوائها كل القوى الديمقراطية والدول والشعوب التي عانت وتعاني من الإرهاب عامة وأردوغان تركيا على وجه الخصوص، لأن المقاومة المشتتة وغير المنسجمة يستفيد منها أردوغان بشكل كبير على أساس سياسة “فرق تسد”، لهذا، ينبغي على كل الأطراف أينما كانوا حسب وجهة نظري المتواضعة طبعًا، الإسراع في تشكيل هذه الجبهة المناهضة للإرهاب وكل من يدعمهم أشخاصًا كانوا أم فكرًا، ولا فرق بكل تأكيد إن كان هذا الفكر “سنيًا أو شيعيًا”.

لا يمكن القول إن طرفًا واحدًا فقط يحارب الإرهاب نيابة عن العالم، العمل والمقاومة المشتركة بين مختلف المجتمعات والشعوب وهي مجتمعة فقط تحارب الإرهاب نيابة عن العالم، حيث إن الكرد أثبتوا أنهم حاربوا إرهاب داعش بمساندة قوات التحالف، وكذلك الأشقاء في مصر يحاربون الإرهاب، وأيضًا في السودان واليمن وكذلك ليبيا. الكل يحارب الإرهاب ونفس الخليفة، أردوغان تركيا المدَّعي للإسلام والمرشد الحقيقي لتنظيم الإخوان المسلمين، السؤال الذي يطرح نفسه بعُجالة: “لماذا لا تقوم هذه الطراف بتوحيد مقاومتها لتكون أكثر قوة وصلابة في تحقيق الديمقراطية في المنطقة”.

فهل من جهة ستتبنى مسئولية بناء هذه الجبهة التي أمامها وظائف وواجبات كثيرة ومن جميع النواحي سياسيًا وثقافيًا واقتصاديًا ومجتمعيًا وحتى عسكريًا، والتي ستكون الحائط المنيع والصخرة التي ستتحطم عليها كل أفكار “الإخوان المسلمين” وخليفتهم وفرقهم من الانكشاريين الأردوغانيين الجدد.