عندما تسقط عن أردوغان ورقة التوت

عندما تسقط عن أردوغان ورقة التوت

بقلم : محمود حبسة
كشف الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان عن وجهه الحقيقي، سقطت عنه مؤخرا ورقة التوت، كان كل شيء متوقع من الرئيس التركي، عاد مصر خلال السنوات الماضية، فتح بلاده لكي تكون مرتعا للإخوان ولقيادات الجماعة الإرهابية للهجوم منها على مصر، وفر لهم الدعم السياسي والمالي واللوجيستي، وأنشأ المنصات الإعلامية للهجوم على مصر والتشكيك فيما يتم على أرضها من إنجازات، هاله أن تستعيد مصر مكانتها وريادتها، وأن يأتي إليها ملوك ورؤساء دول أوروبا تلبية لدعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي لحضور أول قمة عربية – أوروبية على أرضها فهاجم القادة الأوروبيين وانتقد حضورهم، استمر على نهجه الرافض الاعتراف بشرعية النظام في مصر، مؤخرا سقطت عن أردوغان ورقة التوت الأخيرة وظهر على حقيقته، نفس الوجه الاستعماري القديم، نفس الكراهية لكل ما هو عربي، نفس الأطماع في مقدرات وثروات الغير، أقدم وبلا خجل على خطوة يندى لها الجبين طلب من حلف الناتو التدخل لحماية حقوقه المزعومة في البحر المتوسط وحمايته من مصر.

خطوة أردوغان الأخيرة وعلى طريقة رب ضارة نافعة كشفت عن عمق التوجه السياسي لمصر، مع بدء الفترة الأولى للرئيس عبد الفتاح السيسي، وأكدت أن مصر تسير وفق خطى مدروسة وليس ارتجاليا أو عشوائيا، وأنها تقرأ بوضوح التحديات المستقبلية تستشرف المستقبل وتستعد له ولتقلبات الزمن وغدر الصديق قبل العدو، نعم كان البحث عن حقول الغاز في البحر المتوسط ضمن المنطقة الاقتصادية لمصر واحدا من أهم أولويات السياسة المصرية خلال السنوات القليلة الماضية، بهدف استحداث موارد مالية جديدة لمصر وتعظيم قدراتها الاقتصادية لتكون أكثر قدرة على النهوض بعملية الإصلاح الاقتصادي وتلبية احتياجات المصريين ولكن هل تم ذلك بشكل عشوائي عبثي؟ بل رافق ذلك توقيع اتفاقيات مع الدول المتشاركة مع مصر في المتوسط وأهمها اليونان وقبرص.

أودعت مصر اتفاقياتها مع شركائها الأمم المتحدة لتكتسب الصبغة القانونية والحماية الدولية، من خلال الاعتراف الدولي بها استنادا إلى اعتمادها على القانون الدولي والحقوق الطبيعية للدول الثلاث في مياهها الإقليمية، والأهم أن مصر وهي تسعى بجدية للكشف عن حقول الغاز لتعظيم مواردها المالية كانت تقوم بأكبر عملية تحديث للجيش المصري في مختلف أسلحته وأفرعه وخاصة القوات البحرية، التي أصبحت تحتل المرتبة الرابعة في العالم بهدف تأمين المقدرات والثروات المصرية وحماية حقول الغاز المكتشفة حديثا من أية محاولات للنيل أو الاقتراب منها، وجاءت النتائج على الأرض بأفضل ما توقعت مصر وكانت حقول الغاز التي وضعت مصر بالفعل على الطريق، لتكون أكبر مركز إقليمي للطاقة في الشرق الأوسط، وبالفعل ومع تضاعف إنتاج حقل ظهر تم التوقف عن استيراد الغاز لتوفر مصر حوالى 2 مليار دولار كان يتم إنفاقها على استيراد الغاز سنويا.

مصر اتخذت من الإجراءات ما يلزم لحماية الحقوق والممتلكات المصرية، فأردوغان بعد مناوشات حدثت العام الماضي من خلال تصريحات لرموز نظامه حول مزاعم عن عدم أحقية مصر في البحث عن الغاز في هذه المنطقة وتحرشه بقبرص زاعما في رسالة تهديد أن صواريخه ستضرب السفن القبرصية يصعد بخطوته الأخيرة التي كشفت عن حجم معاداته لمصر ومعها قبرص بمحاولة توريط حلف الناتو في أزمة مفتعلة عن الغاز في البحر المتوسط رغم علمه بأن أمريكا وأوروبا لا يؤيدانه فيما يقوم به وسبق أن حذراه من أي محاولة لعرقلة جهود قبرص في البحث عن الغاز في مياهها الإقليمية، باعتباره حق لها وأنه ليس لتركيا حق في البحث عن الغاز في هذه المنطقة.

مناورات أردوغان ليست خافية على أحد، هو الذي يمد قطاع غزة بمساعدات غذائية وهو أكبر داعم لإسرائيل في نفس الوقت يمول الطائرات التي تقصف القطاع، ومن أرضه خرجت الطائرات الأمريكية لقصف بغداد خلال كل مراحل الحرب الأمريكية على العراق، أحد العناصر الأساسية لمشهد الخراب الذي تعيشه سوريا منذ سنوات وهو من دعا الناتو للتدخل في سوريا، يدعى محاربة داعش وهو من تعاون معهم واشترى منهم البترول، وهو من يساندهم في ليبيا ويمدهم بالسلاح، وهو من يسعى لعزل مدينة عفرين السورية بسور أو حائط على غرار الجدار الإسرائيلي مع الضفة والقطاع وفرض عليها الطابع التركي، وهو من يتهم مصر بمعاداة الديموقراطية ويمارس الديكتاتورية بعينها في بلاده يعزل عشرات الآلاف من وظائفهم ويعتقل عشرات الآلاف الآخرين بدعوى الانضمام لمنظمة جولن ويعتزم إلغاء نتيجة الانتخابات في المقاطعات التي خسر فيها حزبه، ويعتزم بناء 55 سجنا بحوالي 9 مليار ليرة خلال العاميين المقبلين، حسب ما أكدته مصادر معارضة تركية، وهو من يخترق الحدود العراقية يعبث بها كما يشاء بدعوى مطاردة الأكراد.

أردوغان يستعدى على مصر حلف عسكري وهو حلف شمال الأطلسي، وهو حلف لا يعرف غير لغة الحرب والحوار بالسلاح وكم التخريب الذي أحدثه بليبيا غير خاف على أحد ولكن الذي يتجاهله أردوغان عن عمد أن مصر ليست ليبيا، وليست سوريا أو العراق، مصر قادرة بعون الله على حماية أرضها ومقدراتها وثرواتها أينما كانت وقادرة على قطع يد المعتدى أيا ما كانت، ولعله لو استرجع التاريخ لعلم منه شيئا عن قدرات الجيش المصري وكم الهزائم التي ألحقها بأسلافه ولو قرأ الواقع جيدا لعرف منه أن مصر هي الدولة التي تمكنت من دحر الإرهاب عن أرضها، رغم المؤامرة وتشابك الأطراف المتداخلة فيها، ولعل أردوغان يعرف جيدا أن مصر ليست الدولة التي يمكن أن يخاطبها الرئيس الأمريكي مطالبا إياها بدفع أموال مقابل حمايتها فمصر محفوظة بعون الله محمية بقدرات جيشها وبسالة وتضحيات أبنائها، وعليه أن يعرف أن الممتلكات المصرية خارج دائرة أطماعه مهما اتسعت ومهما احتمى بالناتو. روزاليوسف