مجلس النواب

مجلس النواب

بقلم : عصام شيحة

لا شك أن مجلس النواب مرآة حقيقية وصادقة، يمكن من خلالها رصد الكثير من ملامح حياتنا السياسية. ومن هنا تخضع البرلمانات في العالم المتقدم بدراسات وأبحاث تستشرف رؤي مستقبلية، قدر ما تحقق ما يموج في العملية السياسية من تفاعلات وأنشطة، معبرة عن قيم المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية علي السواء.

 

من هنا، أود طرح بعض الملاحظات السريعة علي مشاهداتي لمجلس النواب وقد قارب علي إكمال 4 سنوات من عمره، ولم يبق له إلا عام واحد، تُجرى بعده الانتخابات النيابية الجديدة، عسي أن أُشير علي الرأي العام بما ينفعه وهو يؤدى مسؤولياته الوطنية الالصعبة أمام صناديق الاقتراع. فأقول:

 

▪ أبدأ برئيس مجلس النواب الدكتور علي عبد العال، الشخصية الهادئة، المنحاز بشدة إلي المصلحة الوطنية، ولا شيء سواها. وقد قدم نموذجاً لرجل السياسة رحب الصدر في حسم. حتى أنه استطاع بحنكة استيعاب الكثير من المزايدات السياسية، في بداية عمل المجلس، من بعض النواب غير المهمومين بحقيقة قضايانا الشاقة، الذين استهوتهم شهوة المعارضة وما تمنحه من بريق، إلي أن هدأت كثيراً هذه الممارسات، واستتب الأمر في خانة الأداء الرصين القادر وحده علي إنجاز المسؤوليات الضخمة التي يجابهها مجلس النواب.

 

▪ أدرك تماماً الأسباب التي دعت إلي عدم إذاعة جلسات مجلس النواب علي الهواء مباشر، والاكتفاء بما تتابعه الصحف والمواقع الإخبارية، وما يُذاع من فقرات علي مُسجلة علي الشاشات. وهو أمر وثيق الصلة بما جاء في الفقرة السابقة مباشرة. ومن ثم فإنني أرجو من الدكتور علي عبد العال رئيس المجلس مراجعة الموقف من إذاعة جلسات البرلمان علي الهواء مباشرة؛ ذلك أن المجلس تصدى لكثير من القضايا المهمة جداً، وبأداء متميز، ولو تابعه الرأي العام لصعد الوعي العام بقضايانا الوطنية ذات الأثر الكبير في أمننا القومي إلي آفاق أبعد. ولزادت شعبية مجلس النواب إلي حدود بعيدة.

 

▪ ائتلاف “دعم مصر” جسد نموذجاً وطنياً مخلصاً في تغليب المصلحة الوطنية علي أي مصلحة حزبية أو شخصية. وقد أظهر أداء وتماسك الإئتلاف أن ما بين الأحزاب وبعضها، خارج البرلمان، من عمليات استقطاب وعدم قدرة علي التعاون إنما يعود بالدرجة الأولي إلي سُبل الإدارة الحزبية، وما بها من ترهل في الرؤي والأفكار، فضلاً عن تمدد معيب في المصالح، وغلبة الانحياز لأهل الثقة علي حساب الخبرات والكفاءات.

 

▪ القول الشائع بغلبة الدور التشريعي علي الدور الرقابي لمجلس النواب مرده الحقيقي إلي رغبة الدولة في إنجاز كم هائل من التشريعات تجسد دستور 2014 الذي فرض متطلبات ما كان يمكن تأجيلها، حتى تسير علي هديها الحكومات التي تعاقبت علي إدارة شؤون الدولة منذ بداية العمل بدستور 2014. وأتصور أن الفترة المقبلة ستشهد نشاطاً أكبر في الدور الرقابي للمجلس، لكن بعد اتمام التعديلات الدستورية، وما سيتبعها كذلك من تعديلات في القوانين المنوط بها تنفيذ قيم ومبادئ الدستور في شكله الجديد بعد التعديلات المقترحة.

 

▪ أتصور أن “الدبلوماسية البرلمانية” في حاجة إلي إستراتيجية متكاملة واضحة المعالم، تنسجم مع الدبلوماسية التقليدية التي تنهض بها بكفاءة وزارة الخارجية، تحت قيادة الدبلوماسية الرئاسية بعيدة الأفق التي ينتهجها الرئيس السيسي. ولا يعيب البرلمام أبداً أن يستعين ببعض الخبراء من خارجه في هذا الشأن، من حيث وضع الأهداف والتخطيط بل والتقييم.