د.إيمان رجب: مصر والمؤشر العالمي لمدركات الفساد

د.إيمان رجب: مصر والمؤشر العالمي لمدركات الفساد

تحسن ترتيب مصر في المؤشر العالمي للفساد في نسخته الأحدث والخاصة بالعام 2018، حيث جاءت في الترتيب رقم 105 على مستوى العالم بعدما كانت في الترتيب رقم 121 في نسخة المؤشر الخاصة بالعام 2017، وهو ما يمثل تقدم مهم سيكون له انعكاساته على جاذبية الاقتصاد المصري للمستثمرين الدوليين، وكذلك تأثيره على مستوى ثقة المواطنين في المؤسسات الحكومية. 

ويصدر هذا المؤشر عن منظمة الشفافية العالمية ويهتم بقياس التصورات الخاصة بالفساد في القطاع العام في عدد 180 دولة في العالم، وذلك بالاعتماد على آراء الخبراء ومجتمعات الأعمال. ويتبنى تعريف محدد للفساد على أنه “سوء استغلال السلطة الممنوحة لتحقيق غايات شخصية أو خاصة”، ويميز بين ثلاثة انواع من الفساد، ينصرف النوع الأول إلى الفساد الكبير الذي يمارس في مستويات عليا من القيادة على نحو يعرقل قدرة الحكومة على القيام بوظائفها.

ويتعلق النوع الثاني بالفساد الصغير وهو الذي يمارسه بعض العاملين في مستويات الادارة الدنيا والمتوسطة في تعاملاتهم مع المواطنين على نحو يعرقل قدرتهم على الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها. أما النوع الثالث فهو الفساد السياسي و يتعلق باتجاه القادة السياسيين لاستغلال السلطات الممنوحة لهم من أجل الحفاظ على بقائهم في السلطة ومن أجل تعظيم حجم ثرواتهم.

ويقيم هذا التقرير السياسات التي تتبعها الدول في مجال مكافحة الفساد من حيث مدى تحقيقيها للشراكة بين الحكومة والمواطنين ومؤسسات المجتمع المدني، ومستوى اعتمادها على خطوات متدرجة في مكافحة الفساد تهتم بقطاعات بعينها ، ثم يتم توسيع جهود المكافحة لتشمل قطاعات أخرى.

ويرتبط تحسن ترتيب مصر في النسخة الحديثة من هذا التقرير بالجهود التي بذلت في مجال مكافحة الفساد من قبل هيئة الرقابة الادارية، وبالتعاون مع الجهات المعنية، ومن هذه الجهود تبني الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، والتي أعلنت عن مرحلتين، المرحلة الولى امتدت طوال الفترة 2014-2018 والمرحلة الثانية ستمتد خلال الفترة 2019-2022. 

وقد حددت المرحلة الثانية تسعة أهداف سيتم العمل على تحقيقها حتى العام 2022، وهي انشاء هيئة إدارية فعالة، وتوفير خدمات عامة عالية الجودة، وتفعيل اليات الشفافية والنزاهة في الوحدات الحكومية، وتطوير الهيكل التشريعي لدعم مكافحة الفساد، وتحديث الاجراءات القضائية من أجل تحقيق العدالة الفورية، وتقديم الدعم لوكالات انفاذ القانون لمنع الفساد ومحاربته، وزيادة وعي المجتمعات المحلية باهمية منع الفساد ومكافحته، وتنشيط التعاون الدولي والاقليمي في مجال منع الفساد ومكافحته، ومشاركة منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص في منع الفساد.

وفي إطار الحرص على رفع الوعي بهذه الاستراتيجية وما يتخذ من اجراءات لتنفيذها، عقد هيئة الرقابة الادارية العديد من الدورات التدريبية من أجل تعريف العاملين في العديد من الأجهزة في الدولة بالمفاهيم الرئيسية المتعلقة بالفساد وبأهداف الاستراتيجية الوطنية.

إلى جانب ذلك، تحرص هيئة الرقابة الادارية على اتاحة المعلومات عن حالات الفساد التي يتم ضبطها والتحقق منها للرأي العام، دون أن يتم التستر على منصب مرتكب واقعة الفساد، ثم تتم احالته للجهات المعنية من أجل التحقيق معه.   

وفي ظل تزايد أهمية المؤشر العالمي لمدركات الفساد في تحديد مكانة الدول في العالم وبالتالي مدى كونها بيئة جاذبة للاستثمار، حيث أصبحت مكافحة الفساد أحد مداخل رفع مستوى التنمية المستدامة، وتعزيز ثقة المواطن في الأجهزة الحكومية، كما أنها أحد سبل تعزيز النظام العام والاستقرار في المجتمع، فإنه من المهم السعي لبناء شراكة مع منظمة الشفافية العالمية كأحد الجهات الدولية التي يمكن التعاون معها في مستويات متعددة في عمليات مكافحة الفساد. نقلا عن اخبار مصر