التعليم بالتدريب

بقلم ـ بشير العدل

بقلم ـ بشير العدل

الفارق بين التعليم عندنا، في بلادي مصر، وبين الدول الغربية، التي عايشنا تجارب علمية وعملية بها، أن التدريب جزء أساسي من نظام التعليم، حتى أن جرعة التدريب تفوق فى كمها جرعة المفاهيم النظرية، وأنه لا يتم الانتقال إلى مفهوم علمى جديد، إلا بعد التطبيق العملى على ما سبق وأن يتم استيعابه نظريا، ويغلف ذلك كله التنفيذ على أرض الواقع.

هذه هي الفلسفة والرؤية التى تقوم عليها أنظمة التعليم، فى الدول المتقدمة، والتى بسببها حققت نموا اقتصاديا كبيرا، وإنجازات فى مجالات التصنيع، الذي هو أساس أي نهضة اقتصادية، وليست الثورة الصناعية فى أوروبا، وأسبابها ببعيدة.

ولعل هذا المفهوم هو الذي تتجه وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى إليه، وتريده منهاجا جديدا فى عملية التطوير التى بدأت أولى خطواتها، مع الصف الأول الثانوى.

غير أن الجهود الرسمية وحدها لا تكفى فى هذا الإطار، نظرا لأن التعليم بالتدريب، فى حاجة إلى تمويل، وهو الأمر الذى يفوق ميزانية الكثير من المؤسسات التعليمية فى بلادنا مصر، الأمر الذى يدعو إلى الحديث عن أهمية المشاركة المجتمعية، بمختلف صورها.

هناك أمثلة كثيرة على ذلك، منها الشراكات بين المصانع وبعض المؤسسات التعليمية، على أن يتم التدريب بها، وهو أمر متبع فى بعض الدول مثل ألمانيا، والذى يتم تطبيقه عندنا فى بعض التخصصات.

بجانب ذلك هناك تجربة شبابية، تشهدها جامعة عين شمس، حيث يوجد نشاط طلابي في كلية الهندسة، وقد تأسس عام 2009، ويعتمد على أساس تقديم خدمات للطلبة فى مجالات هندسية وغير هندسية، عن طريق طلبة متخصصون فى تلك المجالات، بالتعاون مع كبرى الشركات، وذلك بهدف تطوير مهارات الطلبة، وجعلهم قادرين على خوض سوق العمل، بالحد من الفجوة بين المواد الدراسية، والنواحى التطبيقية، وهو نشاط دخل عامه العاشر حسبما يقول القائمون عليه.

ومن الإنجازات التي حققها هذا النشاط، تنظيم “سمينار” لطلبة الهندسة من مختلف الجامعات، وحدث للتدريب على كيفية استخدام البرامج المرتبطة بمجال التخصص، كما يتم التحضير حاليا، لحدث آخر ينمي قدرات الطلاب فى مختلف المجالات والمشاركة فيها بعد تطوير مهارات الطلبة لخوض سوق العمل.

مثل هذه الأنشطة، يجب أن تتسع رقعتها حتى تغطى جميع الجامعات، بما يتطلبه ذلك من تشجيع لها، والعمل على أن تسير جنبا إلى جنب، مع الجهود الرسمية، حتى يتم تأصيل فكرة التعليم بالتدريب، وهى فكرة لها فوائدها، حيث تساهم فى إعداد مخرجات تعليمية قادرة على خوض سوق العمل، خاصة فى المجالات العملية، التى تحتاجها التنمية المستدامة، وتقضى على مشاكل الالتحاق بسوق العمل، نظرا للهوة الشديدة بين ما يتم تعليمه بالمدارس والجامعات، وبين ما يتطلبه سوق العمل من خبرة عملية، حتى يتم الارتقاء بنظام التعليم، وعلاج مشاكل سوق العمل، وتوفير قوى عاملة بشرية مؤهلة لأحداث التقدم الاقتصادى المنشود.صدى البلد