25 يناير.. التوصيف والنتائج!

25 يناير.. التوصيف والنتائج!

بقلم : محمد نجم

ما زال الجدل مستمرًا حول توصيف وأسباب ونتائج ما حدث في 25 يناير 2011، وأعتقد أنه سيتواصل في المجتمع المصري لسنوات عديدة قادمة.

خاصة في ظل حالة الاستقطاب والتطاحن الإلكتروني على المواقع المختلفة بين «الكتائب الإلكترونية» للإخوان، وجماعة «آسفين يا ريس» وجروبات الناصريين، واليساريين وغيرهم.

فالبعض ما زال يعتقد أنها «ثورة» مجتمعية شارك فيها ملايين من الشعب المصري، وبصرف النظر عن النتائج النهائية!

والبعض الآخر يرى أنها «مؤامرة» دبرت في غرف عمليات لأجهزة مخابرات دولية، باستخدام عدد من الشباب المصري المدرب في الخارج، ثم وقع المجتمع كله في الفخ!

آخرون.. ما زالوا يعتقدون بصحة «الشعارات» التي رفعت وقتها في ميدان التحرير ومنها «عيش وحرية وكرامة اجتماعية»، لكنهم نظروا إلى النتائج المباشرة لما حدث، ومن ثم أطلقوا عليها «25 خسائر!» حيث ضربت المؤسسات وأحرقت الممتلكات واستشهد المئات وأصيب الآلاف.

وما زال المجتمع يتحمل تعويضات مالية ضخمة لمن استشهد أو أصيب، فضلا على استعواض ما حرق أو سرق، وإصلاح ما أتلف، إلى جانب حزن وحسرة من فقدوا أبناءهم أو عائلهم، ناهيك عن النتيجة المباشرة الأسوأ والتي يمكن القول إنها تجب كل ما عداها من نتائج سابقة، وهي «استحواذ» جماعة الإخوان على كافة مفاصل الدولة المصرية، بداية من المحليات والإعلام والحكومة ونهاية بالبرلمان ورئاسة الجمهورية، وكأنهم وحدهم الذين أسقطوا نظام الرئيس الأسبق (مبارك) بانقلاب إخواني!

هذا عن التوصيف.. أما الأسباب.. فقد كان بعضها محليا، والأغلب (المخطط) خارجيًا.

وأعتقد أن «المحلي» منها يكاد يكون معروفًا للجميع ولا داعي للخوض في تفاصيله، أما الخارجي منها وهو الأساس فكان يعدله منذ سنوات تحت دعاوى برّاقة مثل «الفوضى الخلاّقة»، وضرورة نشر الديمقراطية في المجتمعات الديكتاتورية، وحماية حقوق الإنسان وغيرها مما يسر الناظرين ويخدع الغافلين.

وفي رأيي أن ما حدث في بعض الدول العربية ومنها مصر والذي أطلق عليه وقتها الربيع العربي، كان بمثابـة «الفاتورة» واجبة السداد لما حدث في 11 سبتمبر 2001، حيث دمرت الطائرات التي كان يقودها شباب عربي بعض الرموز الأمريكية «أبراج نيويورك» ومقر وزارة الدفاع «البنتاجون»، ومن ثم كان التخطيط أن يجعلوا العرب «يلفون» حول أنفسهم ولسنوات طويلة، من خلال التوسع في دعم ما سمي منظمات المجتمع المدني، وتدريب شبابها على تنظيم المظاهرات المناهضة لأنظمة الحُكم، وكيفية تلافي عمليات القبض، والمطاردات الأمنية.

وبالطبع.. كانت «التربة» خصبة في بعض البلاد العربية لحدوث مثل هذه المظاهرات المناهضة والتي نظمها وقادها هؤلاء الشباب الذين دربوا بالخارج!

وما حدث أصبح معلومًا للجميع.. وساعد عليه وقتها التباطؤ والتراخي.. وغمض العين عن بعض «الممارسات» الكاشفة عن تجمع البخار أسفل الغطاء.

مرة أخرى.. كانت «الأسباب» موجودة محليا.. ولكن قوة الدفع للتنفيذ.. بتخطيط وتدريب وتمويل خارجي، ومن ثم كانت «الأحداث» بمثابة الكمين الذي أوقع المجتمع كله في الفخ!

أما النتائج.. فلا أعتقد أن أحدًا يقبل ما ترتب على تلك الأحداث وقتها، حيث أرجعت البلاد إلى الخلف ولمدة عشرة سنوات اقتصاديا، وعطلت المؤسسات وأخرجت فئات عديدة في المجتمع أسوأ ما فيها!

ثم كانت الطامة الكبرى حين استولى الإخوان على الحُكم وبدأوا في محاكمة كل من خالفهم أو يخالفهم من السابقين واللاحقين! بعد أن ظهرت على السطح وجوه جديدة، واختفت أخرى، وتبدلت المواقف، وباع البعض ولاءات الأمس، وحاول آخرون الحصول على «مكافأة» ما!

لكن الله غالب على أمره.. حيث فاق الشعب المصري وهب وانتفض مرة أخرى، وساندته «القوات المسلحة» حارسة الهوية والوطنية المصرية، وأسقط الشعب هذا الفصيل الذي خطف حُكم البلاد.. دون استحقاق!

وعادت مصر.. الأجداد.. والآباء.. مرة أخرى لأبنائها، ولكن لا بد من دفع «الثمن» لهذا الاستقلال الوطني وعودة السلام الاجتماعي للمجتمع وإفشال «المخطط» الغربي الذي تسبب في «الخريف العربي»، فتم تمويل وتسليح عناصر إرهابية ضالة لاغتيال المصريين والاعتداء على مؤسساتهم وتدمير ممتلكاتهم، فتصدت لهم الشرطة المصرية بكل حسم وطاردت فلولهم الذين هربوا إلى جبال ومغارات جزيرة سيناء المترامية الأطراف، حيث تلقفتهم قواتنا المسلحة، وبالتعاون مع قوات الشرطة قضت على أغلبهم وما زالت تطارد فلولهم.

ولكن لا يجب أن ينسينا هذا الجدل حول ما حدث في يناير 2011، عما حدث أيضا في 25 يناير 1952 بمدينة الإسماعيلية والذي تقرر فيما بعد عيدًا للشرطة المصرية يحتفل به المجتمع سنويا ويتذكر فيه «الضحايا» الذين ذهبوا دفاعًا عن الكرامة المصرية ضد المحتل الإنجليزي.