فاروق جويدة: الفراق لا عودة بعده

فاروق جويدة: الفراق لا عودة بعده

نقلا عن صحيفة الاهرام

هناك سؤال يردده العشاق دائما بعد سنوات الفراق.. ماذا بقى مني.. وهل أحببت بعدى وهل مازلت تذكر أيامي.. وعادة يلجأ البعض إلى المجاملات لقد كانت أيامنا أجمل سنوات العمر ولو عاد بنا الزمان مرة أخرى لما تمنيت شيئا غير أن استعيد معك لحظة من عمرنا الغارب..

وأنا عادة لا أصدق كل هذه المجاملات إنها كلمات رقيقة تطوف أحيانا أمام سحابات من البعد والأحزان.. لا شئ بعد الفراق يمكن أن نبكى عليه أو نستعيد أيامه لأن الفراق قطيعة وما دمنا قد وصلنا إلى هذه النهاية فلا كلام يفيد ولا عتاب يصلح..إن الفراق تسبقه علامات كثيرة يسبقه البعد وهو علامة صعبة ويسبقه الهجران وهو إحساس أصعب ثم ينتهى الأمر إلى الملل وهو أخطر أعداء الحب ألا يشعر أحد بوجود الآخر وان تصبح الأيام بطيئة والأحلام مستحيلة..وحين تقف سفينة العشاق على شواطئ الفراق تتعثر الكلمات وتخبو المشاعر وتغيب فرحة اللقاء وهنا لا شىء يبقى من الحب غير الوحشة وآلام البعاد..

وحين يلتقى من كانوا أحبابا قد يبدو شىء من الحنين وقد تظهر بعض الأشواق ولكن للفراق سطوة تتجاوز كل الأشياء..إن للفراق أصداء تتردد داخلنا وتحمل لنا صورا لأشياء لا نملك استردادها ولا نستطيع..إن الفراق يعنى أن الأماكن لم تعد لنا وأن الشخص الذى يصافحنا ليس هو نفس الشخص الذى أحببناه يوما.. إن برودة الأيام تجتاح كل ما كان بيننا من الدفء والإحساس وهنا يستسلم الإنسان لهذه النهاية وهو يعلم أنه يخسر أغلى ما كان لديه.. وحتى لا تفاجأ بالسؤال ماذا بقى مني.. حاول أن تقول أى كلمات ليس لها معني..

وإذا سألتك وهل أحببت غيرى قل لها لم أجد مثل حبك.. وإذا قالت هل تذكرني..قل لها من منا ينسى أجمل أيام عمره.. قد ينتهى اللقاء بأن تسألك لماذا لا نستعيد حبنا مرة أخرى هنا يجب أن ينتهى الحديث فلا شىء يعيد الحب إذا رضى المحبون الفراق.. إن الفراق نهاية طريق لا شىء بعده..

ولهذا فشلت كل محاولات العودة أمام كل من اختار الفراق آخر المطاف.. فى البعد يمكن أن نعود وفى الهجر يمكن أن نتسامح وفى الغياب لا شىء مستحيل ولكن فراق الأحباب مثل الموت لا عودة بعده.