مدارس الأمن الغذائي

مدارس الأمن الغذائي

بقلم : ابراهيم رمضان

إصلاح منظومة التعليم الفني طريق طويل تحكمه عوامل كثيرة، بعضها تجارب محلية والبعض الآخر دولية.

في آخر النفق المظلم الذي يرسمه المتابعون لمسيرة هذا النوع من التعليم هناك بصيص أمل، ينير هذا النفق، تمنحه لنا تجارب صناعة مصرية رائدة وليست مستوردة.

خطوة على الطريق

التعليم المزدوج، خطوة على طريق إصلاح منظومة التعليم الفني في مصر، وهي التجربة التي حظيت باهتمام منذ  إطلاقها عام 1991  وتقوم بالأساس على التشارك بين القطاع الخاص والحكومة ممثلة في وزارة التعليم في تعليم وتدريب الطلاب خلال فترة دراستهم، عبر برنامج دراسي وتدريبي يمتد لمدة 11 شهرا في العام، يمنح المتدرب إجازة سنوية شهر، ويحصل الطالب على دورات عملية داخل معامل وورش المدرسة وخارجها ،  شهادة تقييم أدائه في التدريب العملي معتمدة من جمعية المستثمرين والغرفة التجارية الألمانية العربية بالقاهرة كشهادة خبرة.

فى نهاية المرحلة تبرم الشركة عقد توظيف للطلاب المتميزين براتب مناسب في حالة وجود أماكن خالية.

نظام التعليم المزدوج حال تعميمه يخلق جوا من المنافسة بين الطلاب الراغبين في الحصول على فرص عمل، ويؤهل الشباب لسوق العمل بصورة جيدة، يمنحه القدرة على منافسة أقرانه في السوق الدولي، شريطة المتابعة من وزارة التعليم لطلاب التعليم الفني الذين يصل عددهم لحوالي 2 مليون طالب.

وفي ضوء خطة الدولة لتشجيع الشباب على تدشين مشروعاتهم الصغيرة ومتناهية الصغر أصبح تدريب وتأهيل طلاب المدارس الفنية فرض عين، كي يتمكن هؤلاء من انتقاء مشروعاتهم وتنميتها وتطويرها بشكل يساهم في زيادة الدخل الخاص بالفرد ويحد من البطالة.

التعليم الزراعي

تجارب التعليم المزدوج في السنوات الماضية اهتمت بقطاع التعليم الصناعي فقط، دون أن تهتم بمدارس التعليم الزراعي، التي تمثل أحد أهم روافد العمالة في القطاع الزراعي، الذي تراهن عليه مصر حاليا في توفير الأمن الغذائي عبر مشروع استصلاح المليون و500 ألف فدان، ومشروع الـ 100 ألف صوبة، ومشروعات الاستزراع السمكي في بركة غليون وغيرها، ومشروع المليون رأس ماشية، وهي مشروعات تستهدف تدارك الفجوة بين الإنتاج والاستيراد، ذلك ان مصر تستورد سنويا  90 % من منتجات الزيوت، و90 % من الفول البلدي ( وجبة الإفطار الشعبية)، ومن 10 لـ 14 مليون طن قمح سنويا، لإنتاج رغيف الخبز،  ولا تغطي سوى 80 % من احتياجاتنا من الأسماك، ننتج حوالي 1.8 مليون طن، بينما تصل احتياجاتنا لـ 2.2 مليون طن، ونستورد حوالي 400 ألف طن لحوم.

تجربة وحيدة في مجال التدريب الفني تبنتها إحدى شركات القطاع الخاص العاملة في المجال الزراعي، عبر مدرستها في إحدى مزارعها بمحافظة المنيا، كي تضمن تدريب وتأهيل العمالة التي تحتاجها وفقا لأحدث الأساليب والطرق.

لاشك أن التعليم الفني الزراعي الذي لا تتجاوز عدد مدارسه الـ240 مدرسة على مستوى الجمهورية، يحتاج لإعادة النظر في كافة ما يحتويه من مواد يتم تدريسها، كذلك من التخصصات التي يتم تدريسها، لضمان الربط بين احتياجات سوق العمل واحتياجات مصر خلال الفترة القادمة.

مثلا، تقنيات الزراعة في (الصوب)، تحتاج لعمالة على قدر من العلم والتأهيل لأنها تعتمد على معدلات دقيقة في كل المعاملات الزراعية التي تتم لضمان الحصول على المنتج النهائي بالشكل والكميات المطلوبة، ومن ثم لابد من تأهيل هؤلاء الطلاب على كيفية زراعة (الصوب)، حتى إذا انتهت دراسة الطالب يمكنه أن يعتمد على نفسه ويحصل على التمويل اللازم لبدء مشروعه بصوبة لإنتاج محصول معين يحتاجه السوق في ضوء محدودية الأراضي الزراعية المصرية والرغبة في مضاعفة الإنتاج من وحدة المساحة.

يرتبط بالزراعة في (الصوب) تخصصات زراعية كثيرة تحتاج من وزارة التربية والتعليم التنسيق مع كليات الزراعة، للبدء في تدريسها للطلاب.

الأمر لا يقتصر على ذلك، فلدينا أيضا مشروعات الاستزراع السمكي وهي مشروعات لا تقل أهمية عن مثيلتها من المشروعات القومية، وتحتاج أيضا لفنيين مؤهلين، من خريجي المدارس الزراعية، على مستوى الجمهورية، الأمر الذي يتطلب أيضا إعادة النظر في المناهج التي يتم تدريسها في مدارس التعليم الزراعي.

كل هذه المشروعات تحتاج من وزارة التعليم، التركيز على تعديل المناهج بما يتناسب مع متطلبات سوق العمل واحتياجات الدولة لضمان أمنها الغذائي، والبدء في تعميم تجربة التعليم المزدوج في مدارس التعليم الزراعي كما في غيرها من المدارس الأخرى.نقلا عن روزاليوسف