هل سيحكم فيسبوك العالم؟!

هل سيحكم فيسبوك العالم؟!

بقلم : د. أماني ألبرت

يظن البعض أن حسابات مواقع التواصل الاجتماعي حسابات مجانية، فما عليك إلا أن تسجل الدخول وتضبط الخصوصية وتستخدم الحساب. لكن الأمر ليس كما يعتقد البعض، فقد دفعت كمستخدم مسبقًا ثمنًا باهظًا يعتبر ثروة للكثيرين. هذا الثمن يتمثل في معلوماتك الشخصية التي أدليت بها، كالسن والنوع والتفضيلات.

 

وهو ما يفسر لماذا يبحث شخص عن منتج معين على أكثر من موقع ثم يفتح فيس بوك ويجد إعلانا لنفس المنتج الذي يبحث عنه! ويفسر لماذا يتحدث شخص مع صديقه بخصوص ماركة معينة ثم يجد إعلان هذه الماركة على حسابه!

 

فالمعلومات الشخصية التي يتم تسجيلها على فيس بوك وغيرها من وسائل التواصل، تمثل ثروة حقيقية وخريطة عمل للمعلنين والمسوقين الذين أحسنوا استخدامها في حملاتهم الإعلانية والتسويق لمنتجاتهم.

 

والأمر بمنتهى البساطة يُمكن فيس بوك من تتبع سلوكك وأنشطتك عليه. اهتماماتك ونوعية المنشورات التي تنشرها ونوعية الصفحات والجروبات التي تشترك فيها، وطبيعة تعليقاتك، ونوعية تفاعلك مع الآخرين. لتوضع داخل قاعدة بيانات كبيرة. وكل هذا يخضع لتحليلات دقيقة من فيس بوك الذي أصبح يعرف عنك أكثر من نفسك ويدرك اهتماماتك الشخصية وميولك وتفضيلاتك. وبناء عليه يوجه لك نوعية الإعلانات والمنتجات والخدمات في ضوء اهتماماتك بما يعود بأرباح كبيرة على المعلنين وبالطبع على فيس بوك نفسه.

 

والتحليلات لم تعد تقتصر على المعلومات المكتوبة فقط، فهناك خاصية التعرف على الوجه في فيس بوك وهي على درجة عالية من الدقة تتجاوز نسبة دقتها 97%. وهناك إمكانية استخدام الميكروفون عن طريق خاصية Music and Tv Identification للتعرف على الأصوات المحيطة. كما أن تعرف الماسينجر على نوعية الشبكة ومكانها يعطيه معلومات بخصوص أماكن تواجد جهازك وتوقيت دخولك على الإنترنت. وتوفر خاصية مزامنة الأسماء وأرقام التليفونات والعناوين من الجهاز المحمول لفيس بوك، كنز من المعلومات السرية.

 

ويقال أنه جارٍ تطوير الكاميرات الموجودة داخل الهواتف الذكية أثناء استخدام فيس بوك لرصد تعبيرات الوجه وردود الفعل العاطفية تجاه المحتوى الذي يتفاعل الشخص معه. بما يتيح فرصة للتعرف على المزاج النفسي. ما يضعنا في تساؤل بخصوص، هل سيتمكن فيس بوك يومًا من إدارة المزاج العام للمستخدمين بشكل جماعي وذلك من خلال ضخ معلومات أو فيديوهات أو إعلانات توجيهية؟

 

والسؤال الذي يطرح نفسه، ماذا لو سلم فيس بوك كل هذا الكم من البيانات عن الشعوب لاستخبارات دولة معينة في ضوء حروب الجيل الرابع وحرب المعلومات؟

 

فما أثير حول تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية الأخيرة مؤشر خطير، حيث تم اتهام فيس بوك ببيع أكثر من 3 آلاف إعلان سياسي لصالح حسابات وهمية روسية، لتستخدمها بغرض تأجيج التوتر السياسي في أمريكا من خلال هذه الحسابات المزيفة. الأمر الذي نفاه الكرملين ومارك زوكربرج مؤسس فيس بوك. إلا أن تصرفاته فيما بعد بحذف أكثر من 50 حسابا قبل انتخابات الكونجرس قد يشير إلى أنه اعتراف ضمني بحدوث تدخلات روسية سابقة!

الأمر الذي يؤكد إمكانية استخدام البيانات الشخصية ليس لأغراض تجارية وربحية فقط لكن لأغراض سياسية لإدارة وتوجيه وحشد الشعوب. الذين سبق ودفعوا ثمن توجيههم حينما قدموا إتاحة التعرف عليهم بشكل واسع المدى. بل إنه يضع أمامنا الصورة الكبيرة، هل سيأتي يومًا ليحكم فيس بوك العالم؟! نقلا عن روزاليوسف