فاروق جويدة: خسرنا معا

فاروق جويدة: خسرنا معا

نقلا عن صحيفة الاهرام

سنوات طويلة عبرت لا هى جاءت ولا انا ذهبت.. كل الخيوط تقطعت بيننا ما بين الجفاء والظنون فى آخر المشوار بيننا اختارت طريقا أخر لم يكن حبا لكنها وقعت فريسة رجل مغامر كانت سنوات عمره قد اختفت خلف شواطئ الخريف ولكنه يحتفظ بشىء من الشباب يوهم كل من يراه أنه مازال مغامرا كبيراً.. وقعت أمام إغراءات ماله وثرواته ومظاهره..

 

لم تكن قد وصلت إلى الثلاثين عاما ويومها تصافحنا وهى تؤكد أنها أحبتنى لكنها لا ترى مستقبلها معي.. كنت فى بداية حياتى حيث لا عمل ولا مال ولا بريق فى حين كانت هى ابنة رجل ثري.. كل ما كان عندى كثير من الحب وقليل من الأحلام.. صارحتنى ليس هذا زمن الحب والحب لا يبنى بيتا ولا يصنع كوخا أما رصيد الأحلام فهو شيك بلا رصيد.. ودعتها بألم..وودعتنى بدموع كاذبة وتمنيت لها حياة أكثر أمنا واستقرارا..

 

ما بقى فى ذاكراتى بعد هذا الوداع لقطة سريعة وهى فى ثوب الزفاف شاهدتها فى أكثر من صحيفة.. انقطعت كل الأشياء بيننا سافرت تاركا الوطن باحثا عن مصدر رزق أساعد به أبى الذى بلغ من العمر أرذله وأمى وأخواتى البنات قبل أن يمضى قطار الزواج..

 

تفتحت الأبواب امامى فى الغربة تنقلت بين أعمال كثيرة ورافقت رجلا ثريا منحنى ثقته إلى أبعد الحدود وكان مضاربا شهيرا فى البورصات العالمية وتعلمت منه الكثير كنا نسافر معا كل عواصم الدنيا نضارب هنا ونجنى الأرباح من هناك ومع الأيام أصبحت واحدا من المضاربين الكبار فى البورصات العالمية ورحل صاحب العمل الذى تعلمت منه كل شىء وتركنى وصيا على أبنائه وشريكا معهم..

 

ورحل أبى ورحلت أمى بعد أن شاهدا عرس أخواتي.. وبعد كل هذا السفر جلست مع نفسى فجأة واكتشفت اننى نسيت نفسى فقد سرقتنى سنوات العمر دون أن أتزوج.. لم أندم على ذلك ولم أحزن على سنوات العمر التى رحلت وذات ليلة كنت اجلس فى أحد المطاعم الشهيرة وشاهدت حبيبة قلبى وهى تدخن بشراهة وقد ظهرت عليها سنوات العمر كان يجلس أمامها شاب تصورت انه ابنها لكن حين صافحتنى قالت..فلان زوجي..أدركت بعدها أننا خسرنا معا.. وربما كانت خسارتها أكبر.