فاروق جويدة: آخر أكاذيب الحب

فاروق جويدة: آخر أكاذيب الحب

اختلفت صور الحب وتعددت ألوانه.. لم يعد كما كان يوما شفافا حالما رقيقا ومع تغير نوعيات البشر اختلفت المشاعر وأصبح الشوق ظلا باهتا وصار الحنين ضيفا عزيزا ولا تتحدث عن الزيف والدجل فى سوق المشاعر..

 

كانت أغنية فى زمان مضى تهز القلوب وتعصف بالوجدان كانت أم كلثوم لا تطربنا فقط ولكنها تعلمنا كيف نحب ومع كلمات رامى وألحان السنباطى أحب نصف سكان العالم العربى.. وكان الحب واضحا وصريحا فيه الدفء والحنان.. كانت قصيدة من الشعر تحرك ألف عاشق وكان الناس ينتظرون أبيات ناجى ونزار قبانى وعلى محمود طه ومع كل كلمة تذوب المشاعر وتنطلق القلوب..

 

كانت للحب مكانة خاصة فى قلوب الناس وكنت تعرف الإنسان حين تتغير ملامحه ويصير أجمل وأرقى وأنبل وتتأكد أنه يحب.. لم تكن المرأة جميلة بالمساحيق ولكنها رائعة بالمشاعر وكان بريق عينيها يحمل ألف رسالة حب دون أن تنطق أو تتكلم..

 

وكان بناء البيت يقوم على الود والرحمة والتواصل كان فقيرا فى كل شئ بسيط مثل كل الأشياء البسيطة ولكنه بالحب كان أجمل من قصور الأرض كانت جسور الحب أكبر من كل كتل الأثاث التى تنتشر فى كل مكان.. لم يكن الحب ثراء فى المال ولكنه قيمة بالأخلاق والترفع ولم يكن حلم المرأة رجلا غنيا ولكن كان حلمها رجلا نبيلا.. الآن أصبح للحب ألف وجه لأنه حب زائف.. وحين تبدأ رحلة الاختيار من اجل عش جديد يكون المال سيد كل شئ ثم تبدأ رحلة المظاهر فى المكان والأثاث والملابس وأسماء الفنادق.. فى أول ليلة نختبر فيها الحب نراه يسقط ضحية  ما تملك وما لا تملك..

 

ثم تتغير الملامح ومن كان بالأمس ملاكا تراه شيطانا ومن كانت بالأمس عصفورة وديعة ترى العش قد سالت فيه دماء كثيرة ولا تدرى هل هى دماء الحب ام دماء الضحايا.. ومازلنا حتى الآن نردد أغنيات كاذبة عن حب كاذب ومشاعر مزيفة ونتصور أن ما نراه هو الحب الحقيقى ولكن الزمان هو الذى تغير وأن المشاعر واحدة  وكلنا يكذب على بعض ويصدق الكذب لأن الذى نراه الآن ليس حبا إنه آخر أكاذيب العصر. نقلا عن صحيفة الاهرام