كرم جبر:مصر أقرب إلي الحالة الصينية

كرم جبر:مصر أقرب إلي الحالة الصينية

الانطباع السائد بين المستثمرين الصينيين، هو أن مصر أصبحت أقرب إلي الحالة الصينية، حيث تمضي خطط التنمية بخطوات سريعة، تشبه تماماً سياسة الإصلاح والانفتاح التي تبنتها بكين في عهد ونج شياو بينج، وكذلك التحولات الكبيرة التي يقودها حالياً الرئيس شي جين بينج.

 

صحيح أن التحديات التي واجهتها الدولة الصينية في بداية نهضتها تختلف كثيرا عن التحديات التي تواجهها مصر، ولكن تتشابه الظروف في أشياء أخري كثيرة، أهمها الحرص الشديد علي تثبيت أركان الدولة كركن أساسي للنهضة، وتحقيق أعلي معدلات الأمن والاستقرار لطمأنة الاستثمارات المحلية وجذب الاستثمارات الأجنبية، بجانب سرعة الانجاز وعدم الوقوف أمام العقبات الروتينية.

 

كانت ثورة 30 يونيو هي نقطة انطلاق للاقتصاد المصري، بعد تثبيت أركان الدولة واستعادة الأمن والاستقرار، وكان استمرار الأوضاع التي جاءت بعد أحداث يناير، يعني عدم استطاعة الاقتصاد المصري الوقوف مرة أخري، ولكن مضت الأحداث في المسار الصحيح، وتحققت معجزات اقتصادية.

 

الصين لم تشيد مجدها وازدهارها، إلا علي صروح دولة قوية، ابان الثورة الثقافية التي استمرت عشر سنوات بعد عام 1966، واتخذت الدولة خطوات جريئة وشجاعة، وتحررت الأقطار وازيلت العقبات المورثة من الماضي، واصبحت الدولة التي كانت حارسا علي معالم الشيوعية، تقود تزاوجاً رائعا بين سياسات التحرر الاقتصادي، وبين التخلص من أخطاء الشيوعية الفادحة، التي تهدر قيمة الحوافز الفردية وتقتل التفوق والابداع.

 

اقتحم الاقتصاد المصري بعد ثورة 30 يونيو العوائق والمطبات، وشمرت الدولة عن ساعديها، واعادت بناء المرافق والخدمات ومشروعات الطرق والكباري والبنية الأساسية، وهي حجر الزاوية لاي اصلاحات اقتصادية، ونفذت خططا للتخلص من الازدحام والتكدس، باقتحام الصحراء وتشييد المدن الجديدة التي تضيف لمساحة مصر، ما يساوي مساحتها منذ أيام الفراعنة وبدأت المجتمعات الجديدة في تغيير مفاهيم الاسكان والعمل والانتاج.

 

أوجه الشبه بين التجربتين المصرية والصينية متعددة، وهذا ما يسهل التقارب السياسي والاقتصادي، ويفعل الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وتتسم الزيارات المتبادلة بين المسئولين في الدولتين، بالتفاهم والتقارب والرغبة في الوصول بالعلاقات إلي أفضل مراحلها.

 

ويظهر التقارب بين القاهرة وبكين، في الحفاوة ودفء الاستقبال بين الزعيمين، فالرئيس عبدالفتاح السيسي حريص علي ظهور مصر في أحسن صورها، وتأكيده دائما علي انه يرأس أمة كبيرة، لها جذور تاريخية ممتدة، ومستقبل واعد بفضل شعبها العظيم. والرئيس الصيني يقول في مختلف المناسبات انه يرأس أمة عظيمة، لديها القدرة علي النهوض، وتلتقي ارادة الرئيسين في الدخول في سباق مع الزمن، لتحقيق معدلات تنمية غير مسبوقة، توفر حياة كريمة للشعوب.

 

خصوصية العلاقة بين مصر والصين، تتأكد معالمها في حزمة المشروعات التي شهدتها زيارة الرئيس السيسي لبكين، ويمكن ان تؤدي لعلاقات اقتصادية متوازنة بين البلدين، مع ملاحظة ان الصادرات الصينية لمصر بدأت في التراجع التدريجي، مع زيادة في الصادرات المصرية، ورغم أن الهوة مازالت متسعة، إلا أن المشروعات المزمع تنفيذها في السنوات الخمس القادمة، يمكن ان تحقق التوازن، بعد زيادة حجم الاستثمارات الصينية في مصر.

 

الثقة هي التي تمهد الطرق إلي النجاح، وكما كانت عاملا في نهضة الصين وتقدمها، فثقة الرئيس السيسي في شعبه هي العامل الأساسي في استقرار الدولة واقتحامها الصعاب والتحديات، واصرارها علي المضي في خطة بناء الدولة الحديثة بأقصي سرعة.. الصين حققت المعجزة في أربعين سنة، ومصر تختصر الزمن وتقرب المسافات، وحققت في أربع سنوات ما لم يتحقق في  نقلا عن صحيفة الاخبار