الأزمة.. الكاشفة

الأزمة.. الكاشفة

بقلم : محمد نجم

الطبيعي والمعتاد والمتعارف عليه، أنه عندما تظهر بوادر مشكلة ما، أو عندما تطل تلك المشكلة برأسها أن يسارع المسؤول عنها أو المعني بها بإزالة أسبابها وعلاج تداعياتها.

 

لكن عندما يتشبه هذا المسؤول بالنعامة (حيث تدفن رأسها في الرمال حتى لا ترى الخطر المحيط)، فسوف تتحول تلك المشكلة بمرور الأيام إلى ما يشبه «اللبنة» في جدار سميك ومرتفع من المشاكل المتراكمة.

 

وفي رأيي.. أن «إناء» المشاكل الذي طفح بما فيه.. بين اللاعب محمد صلاح وبين اتحاد الكرة المصري.. لم يخرج عما تقدم!

 

فالجميع تابع ما جرى قبل وأثناء مشاركتنا في كأس العالم التي أقيمت في روسيا، والتي خرجنا منها بخفي حنين، كما لم يكن «تمثيلنا» فيها مشرفا، وكنا نتوقع- كمواطنين نغار على سمعة بلدنا، وكجمهور يقف خلف فريقة القومي- أن يبادر الاتحاد بتشكيل لجنة من متخصصين ومحايدين لدراسة ما حدث وأسبابه وعقاب المخالف.. وحتى لا يتكرر ما حدث، خاصة أننا لا نشارك في تلك المسابقة المهمة إلا كل ربع قرن أو يزيد! في حين أن كلًا من تونس والمغرب وبعض الدول الإفريقية الأخرى.. تكاد تكون مشاركتهم في المسابقة.. دورية.. أي كل أربع سنوات.

 

لكن الاتحاد راهن على فضيلة «النسيان»، بمعنى أن الأحداث اللاحقة تنسي الأحداث السابقة، فقد بدأت المسابقات المحلية من دوري وكأس وسوبر.. إلخ، وسوف تنشغل بهم الجماهير الوفية.. عما جرى!

 

وأعتقد.. أنها «عادة» مصرية.. حيث «هبَّة» مفاجأة ثم نوم عميق.. حتى يقضي الله أمرًا جديدًا.

 

فإلى متى سوف يبقى الحال على ما هو عليه؟

 

لجنة أولمبية واتحاد ونواد وقوانين ولوائح.. منظومة ضخمة.. وبيزنس كبير.. وانتخابات وتعيينات وشراء وبيع لاعبين.. والمحصلة: يا قلبي لا تحزن!

 

وبمعنى آخر: مجموعة اللاعبين بتلاعب بعضها في حواري أو مراكز شباب.. أو نوادٍ بغير جمهور!

 

ولقد كتبت أنا وغيرى من قبل أن مشكلة مصر تتلخص في عدم جدية الإدارة وأيضا في غياب المتخصصين القادرين على حُسن الإدارة.

 

وقد يكون «الإخوة» أعضاء اتحاد الكرة قد جاءوا إلى مواقعهم بالانتخاب الحُر المباشر، لكن كلنا نعلم أن الانتخابات لا تفرز الأفضل دائمًا.

 

ومع ذلك.. لا بأس أن يمارس الإخوة أعضاء الاتحاد دورهم المنوط بهم على الوجه السليم، لأن يفرشوا الملاية لمن يفلت من تحت عباءتهم كثيرة الثقوب محاولا تحقيق حلمه ومواصلة طموحاته.

 

هكذا فعل الإخوة أعضاء الاتحاد مع اللاعب المصري الموهوب محمد صلاح.. الذي تحول إلى «أيقونة» عالمية يحبها الكبار ويقتدي بها الصغار.

 

وأعتقد- كواحد من جمهور الكرة- أنه كان على الاتحاد مساندة صلاح ودعمه وتوفير الأمن والسلامة له في كل تحركاته المحلية والخارجية، خاصة أن صلاح شخص خلوق ومتواضع ووطني ولا يغتر أو يتكبر كما ادعى البعض، بل إنه يفعل خيرًا كثيرًا لأبناء قريته وتوابعها.

 

العالم كله.. أفرادا وصحفا وتليفزيونا.. يتابع صلاح بكثير من الإعجاب والتشجيع، واتحادنا الهمام بيفرش له الملاية، والحجة أن وكيل أعماله تجاوز حدوده أو بالغ في طلباته، فليذهب هذا الوكيل إلى الجحيم ولكن صلاح ابننا.. مصري.. وسيظل كذلك، ثم لماذا لا يتم استدعاء هذا الوكيل ومواجهته ومساءلته وتعليمه كيف يخاطب مؤسسة مصرية- وبصرف النظر عن رأينا في القائمين عليها- بدلا من تسريب تلك الخطابات أو إصدار بيانات سخيفة ثم التراجع عنها أو إنكارها؟

 

كلنا سمعنا صلاح في حواره المباشر.. وصلاح شخص صادق وأمين.. وما قاله لا يختلف عليه أحد، وما طالب به يعد أقل ما يمكن توفيره لمصلحة زملائه من أعضاء المنتخب القومي الذي يمثل مصر في المسابقات الإقليمية والدولية.

 

لم يدخل صلاح في بيزنس مع الاتحاد ولا مع أي من أعضائه، ولم ينشر صلاح صورته بمقاعد الدرجة الأولى في الطيارة وأمامه كل ما لذ وطاب من الطعام والمشروبات، وإنما طلب توفير السلامة والأمن له ولزملائه حتى يستطيعوا التركيز في مهمتهم بالتمثيل المشرف لمصر في مسابقات كرة القدم المختلفة.. وذات الطابع الإقليمي أو الدولي.

 

هل ينكر السادة أعضاء الاتحاد أن مكان إقامة اللاعبين في كأس العالم.. كان أشبه بسوق الجمعة؟

 

وهل ينكر الإخوة في الاتحاد سوء اختيار مكان المعسكر من البداية وبعده بمسافات طويلة عن أماكن إقامة المباريات التي شارك فيها المنتخب؟

 

وكما يقول ولاد البلد: الغلط راكبك من ساسك لراسك.. وكمان بتبجح!

 

يا أيها الأفاضل.. كما كانت أم كلثوم رمزًا مصريًا في الغناء، وكما كان نجيب محفوظ رمزًا مصريًا في الأدب، وكما هو عليه مجدي يعقوب رمز مصري في الطب، فصلاح رمز مصري في كرة القدم، وأعتقد أنه يجب أن نحافظ عليه ونفتخر به لا أن نفرش له الملاية!

 

نقول إيه.. فقد قالها أجدادنا الظراف من قبل: لا كرامة لنبي في وطنه!

 

أيها الناس.. شوية هدوء ورزانة.. واستعمال العقول المعطلة.. رحمكم الله وإيانا.

نقلا عن روزاليوسف