فن صناعة الحقد!

فن صناعة الحقد!

بقلم : محمد جمال الدين

من المعروف أن الفن يسمو بالنفوس ويهذبها، وهو الذى يصنع من خيال الفنان واقعًا، وهو المعبر عما يحدث فى المجتمع، وفى النهاية هو العبقرية والإبداع والتصور للأحداث التى تحدث فى حياتنا، هذا هو الفن الذى أعرفه وتعرفه عزيزى القارئ، ونتمناه فى أى عمل فنى ناتج عن فكر وإحساس مبدعه، ولكن عندنا فى مصر وللأسف ظهر بيننا مؤخرًا فن جديد وظيفته الأساسية زرع الحقد داخل النفس البشرية بدلاً من تهذيبها، فن يؤدى إلى الانقسام وبث الفرقة بين أبناء الشعب الواحد، فن اختفى من خلاله التسامح الذى كان يميز المجتمع المصرى، ولم يعد باقيًا منه سوى الحقد والغل الذى تمكّن من بعض أصحاب النفوس المريضة، وهو الداء الدفين لأصحاب النفس الجهولة المليئة بالعلل.

 

للأسف أمثال هؤلاء الحاقدين أصبحنا نجدهم فى جل المجالات (سياسة ورياضة وفن واقتصاد وغيرها كثير )، فعندما يخرج علينا سفير سابق مناديًا بضرورة إجراء مصالحة مع جماعة إرهابية نهبت وسرقت وأراقت دماء خيرة شباب الوطن باسم الدين، متغافلاً عامدًا متعمدًا دماء الشهداء ومعاناة أسرهم والنار التى «تكوى» قلوبهم ليل نهار ماذا نقول عنه؟ وبماذا نقول عن عضو فى البرلمان يطالب بأن يكون جل من يعمل فى الإعلام والصحافة من خريجى كليات الإعلام بحجة ضبط الأداء الإعلامى، سوى أن ما يطالب به يعمل الحقد فى نفوس من يعشق العمل فى مهنة البحث عن المتاعب، لأن بمطلبه هذا حرم البعض من هذا الحق رغم موهبته.

 

ورغم أن قانون نقابتى الصحافة والإعلاميين لا يمنع ذلك، وحكاية ضبط الأداء التى يتغنى بها سيادته أعتقد أن هناك العديد من الوسائل والجهات التى بمقدورها ضبط الأداء، وماذا نقول عن أستاذ جامعى يطالب بفرض ضريبة على من يقتنى كلبًا فى منزله لأى سبب من الأسباب ويبرر مطلبه هذا بأن البعض يصرف على طعام وشراب وعلاج هذه الكلاب الكثير من الأموال، فى الوقت الذى يوجد بيننا الكثير من الناس لا يجدون قوت يومهم، أليست هذه مزايدة رخيصة على الشعب ليس أوانها هذا الوقت بالتحديد؟!

 

مؤكد أن هذا الأستاذ لديه غرض ما فى نفسه، أو تملكه حقد دفين لا مبرر له على البعض من ميسورى الحال بيننا، رغم أننى أعلم علم اليقين أن هناك من لا يمكن أن نقول عنه ميسور الحال، ومع هذا يعشق اقتناء الكلاب والقطط كمان «لو حبيت».

 

وماذا نقول عندما نجد البعض يطالب من خلال ما يسطره قلمه بعدم إقامة حفلات الزفاف فى فنادق الخمس نجوم (مصروف عليها الشىء الفلانى)، مراعاة لظروف البلد الاقتصادية وللبسطاء، أجد بينى وبين نفسى أن طلبه هذا ليس له سوى معنى واحد، «من وجهة نظرى» أن سيادته أو سيادتها يدغدغ، وبمعنى أصح يلعب على مشاعر البسطاء بالقلم الذى يملكه، أو على من شاء حظه من القراء أن تقع عيناه على ما سطره اعتقادًا منه أنه من الممكن أن يكسب قارئًا جديدًا لمطبوعته أو لنفسه، ولا يهم هنا مشاعر القراء، وما يسببه هذا النوع من الكتابة التى تساعد على زيادة الحقد والغل بين من يستطيع إقامة حفل زفاف ابنه أو ابنته ومن لا يستطيع.

 

والسؤال هنا لأصحاب الحقد الدفين ولمن لا يعلمون: هل تهاجمون أو تقترحون لمجرد الهجوم أو لضبط الأداء كما ترددون؟ أم تهاجمون لمجرد الحصول على الشهرة والشو والتواجد على صفحات الجرائد وشاشات الفضائيات؟.. أعتقد أن المطلوب منكم كل فى موقعه أداء الواجب المنوط به على الوجه الأكمل، وهكذا تخدمون البلد الذى يضمنا جميعًا ونحبه مثلكم دون أن نلقى البنزين على النار المشتعلة أصلاً، ولكن ماذا نقول عن الحقد وأيامه وسنينه كمان.

 

هذه أمثلة بسيطة مما يردده الحقدة والحاقدون، ومن يدّعون العلم والمعرفة، هناك أمثلة أخرى للحقد، ولكنه حقد خارجى تجلى فى أبهى صورة فى حكام هذه الدويلة المارقة المدعوة قطر التى تفتق ذهنهم فى بغض وكره كل ما هو مصرى أو له علاقة بمصر، ولو حتى من بعيد، لأنهم مازالوا يحلمون بتحقيق حلم زائف يدعى الزعامة لم ولن يتحقق أبدًا، ولهذا لا يوجد لدى حكامها أى مانع فى إيواء القتلة والمجرمين من عصابة الإخوان المسلمين ومن هم على شاكلتهم من أدعياء الدين، عمومًا لهؤلاء الحقدة والحاقدين ومن يدعون المعرفة ندعو لكم بصفاء القلب قبل النفوس وزرع الحب فى قلوبكم بدلَا من الحقد والغل الذى تمكن من صدوركم (اللهم آمين).نقلا عن روزاليوسف