النووي يقود مرحلة جديدة في مسيرة مصر نحو المستقبل

النووي يقود مرحلة جديدة في مسيرة مصر نحو المستقبل

ايجى 2030 /

يمثل 23 يوليو يوماً مشهوداً في تاريخ مصر، إلا أن ثورة يوليو لا تُعد السبب الوحيد كي يحتفل المصريون بهذا اليوم، حيث تشهد مصر تعافياً اقتصادياً ملحوظاً بعد فترة طويلة شهدت تراجعاً اقتصادياً حاداً. ففي الشهور الست الأخيرة، حقق الاقتصاد المصري لأول مرة نمواً ايجابياً  منذ سنوات وصل إلى 5.4%، كما وصل التضخم ومعدل البطالة لأقل معدلاتهما منذ عقود.

 

ومن المؤكد أن هذه التوجهات الايجابية للاقتصاد المصري ستواصل زخمها خلال الفترة القادمة، خاصة مع تنفيذ البلاد لعدد من المشروعات القومية العملاقة. فخلال العقود الست الأخيرة التي تمثل التاريخ التنموي لمصر الحديثة على مستوى الدولة والاقتصاد، كانت المشروعات القومية العملاقة ذات أهمية استراتيجية في رسم خارطة التنمية في البلاد، مثل السد العالي في أسوان والمجمع الصناعي في حلوان وغيرها.

 

وإلى اليوم، مازالت المشروعات العملاقة تواصل دورها المحوري كقوة دافعة وفكرة طموحة لدعم التنمية الاقتصادية في البلاد. ولعل من أكبر المشروعات في هذا الإطار، مشروع محطة الطاقة النووية في الضبعة، والتي تدشن دخول مصر لمرحلة جديدة من التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية بمجرد البدء في تنفيذ هذا المشروع العملاق من حيث الحجم والتكنولوجيا المستخدمة

 

ويشرح الدكتور/ يسري أبو شادي-كبير خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبق عن التأثيرات الكبيرة والمتنوعة للمشروع في المستقبل، والتي تبدأ بتوفير مصدر مستدام ومستقر وفعال للطاقة الكهربائية من أجل تعزيز التنمية الشاملة في مصر، بقوله: “إن الأهمية الكبرى لمشروع الضبعة تتمثل في إنتاج الكهرباء بأسعار رخيصة، كما أن العمر التشغيلي للمشروع سيصل إلى 60 عاماً في المتوسط كما يمكن مده إلى 80 عام وأكثر، وذلك بفضل قوة تحمل المحطة. بالإضافة إلى ذلك، يوفر المشروع الحمل الأساسي في جميع الأوقات بالإضافة لرخص الوقود النووي نسبيا. إنّ ذلك سيتيح إنتاج الكهرباء بأسعار زهيدة، بالإضافة  لتوفير الغاز الطبيعي والبترول لاستخدامهما في صناعات أخرى (مثل صناعة البتروكيماويات) أو السماح بتصديرهما للخارج بأرباح أعلى بكثير. بالإضافة إلى ذلك، فإن بناء وحدات الضبعة الأربعة للطاقة النووية سيتيح لمصر تطوير وتحسين صناعتها النووية وغير النووية، خاصة صناعاتها الثقيلة عالية التقنية”

 

وبفضل التأثير الضخم الذي سيحققه المشروع في دعم الصناعات المحلية، فإن شركة روساتوم، الشركة الروسية المسؤولة عن إقامة المشروع، قالت أنه خلال مرحلة التشييد وحدها سيضيف برنامج الضبعة الوطني ما بين 7 إلى 9 مليارات دولار للموازنة العامة في مصر. يضيف د. أبو شادي “إن دخل مصر من محطة الطاقة النووية التي تضم أربعة وحدات على مدى عمرها التشغيلي قد يتجاوز 300 مليار دولار متمثلة في زيادة في العوائد الضريبية، ونمو الصناعات ذات الصلة بالقطاع النووي، وزيادة القوة الشرائية للمواطنين”

 

ولا يُعد ذلك سوى نقطة الانطلاق فقط لهذا المشروع، نظراً لتشابكه ومستوى البحوث والتطوير والتكنولوجيا التي تتضمنها إقامة المحطة النووية، حيث يمثل مشروع الضبعة مشروعاً محفزاً للتقدم السريع الذي تشهده مصر في مجالات العلوم والتكنولوجيا والتعليم. يضيف  د. يسري أبو شادي: “يمثل مشروع الضبعة النووي واحداً من أكثر المشروعات تطوراً من الناحية الفنية والتكنولوجية وهو الأمر الذي يعني ضرورة الاستفادة منه ومواكبته على المستويين التعليمي والبحثي. وقد شهدنا ذلك جزئياً من خلال تأسيس مدارس فنية وجامعات جديدة، واقامة كيان نووي رئيسي في مصر”

 

ومن الأمور الأخرى التي لا تقل أهمية عما سبق، هو أنّ مصر ستستفيد بشكل هائل من المعرفة التكنولوجية والخبرات الكبيرة التي يقدمها المشروع، وكذلك التعاون الوثيق مع الخبراء الروس. يقول الدكتور/علي عبد النبي-النائب الأسبق لرئيس هيئة المحطات النووية: “إنّ قوة المشتري تمثل أساساً هاماً لنجاح عملية التعاقد الخاصة بإقامة هذا المشروع النووي العملاق، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال الاعتماد على أكبر الخبراء والمتخصصين في إقامة المحطات النووية داخل وخارج مصر. لذا يجب أن نستفيد من خبرات روساتوم من أجل اعداد جيل جديد من الكوادر الفنية التي ستتولى الاشراف على تشغيل المحطات النووية وتنفيذها، من خلال قيام تلك الكوادر بنقل خبراتها الفنية والتكنولوجية المتطورة لمراكز البحوث والمعاهد العلمية والمصانع، ولهذا لابد أن نعتمد على الخبراء حتى نضمن نجاح هذه المحطات”

 

إنّ هذا الاقتران بين المحفزات التكنولوجية والاقتصادية والثقافية المرتبطة بمشروع الضبعة، تمثل توليفة نادرة وفريدة من نوعها لم يشهد المصريون مثلها منذ عقود، وهي نهضة متكاملة من شأنها التأثير على كافة نواحي الحياة في مصر بما يمهّد لمرحلة جديدة من التقدم والرخاء لمصر وشعبها.

 

تضيف الدكتورة/هدى أبو شادي- أستاذ الفيزياء النووية في كلية العلوم جامعة القاهرة: “إننا في حاجة لكميات كبيرة من الطاقة لدعم وتشغيل الأنشطة الاقتصادية كي تتسم بالاستدامة والازدهار. إننا في حاجة للطاقة الكهربائية في المدارس والمستشفيات والمدن الجديدة، ولهذا تمثل محطة الضبعة النووية حلماً كبيراً على وشك أن يتحقق….. حلماً كبيراً لمصر ولي أيضاً”