بالعربي نعم مصر تنطلق

بالعربي نعم مصر تنطلق

بقلم : محمود حبسة

مثلما عبرت مصر في أكتوبر عام 1973 مانع قناة السويس الصعب، وحققت النصر متحدية كل الأوهام، ومتخطية كل الحواجز النفسية التي حاولت إسرائيل غرسها في نفوسنا، حتى تمنعنا من عبور القناة، مثل الأساطير التي نسجتها عن خط برليف، والحديث عن القنابل أسفل القناة والتي ستحولها إلى كتلة من نار عند عبورها؛ فقد عبرت في 2018 مانعًا بل موانع تفوق في صعوبتها قناة السويس، وتخطت حواجز نفسية أكثر بشاعة من الحواجز التي تخطتها عام 1973.

 

ليس في الأمر مبالغة فإن متابعة دقيقة لحجم ما تبثه الآلة الإعلامية لجماعة الإخوان وأذرعها في قطر وتركيا وبريطانيا من أكاذيب على مدار السنوات الأربع الماضية يفوق بكثير حجم ومدى تأثير ما بثته الآلة الإعلامية الإسرائيلية وأذرعها في أميركا وعواصم أوروبية قبل وأثناء حرب أكتوبر، كما أن عملية التشكيك فيما تم من إنجازات من خلال حرب نفسية متواصلة تستهدف هدم الروح المعنوية للمصريين وبث الفرقة بينهم تفوق بكثير أيضا الحرب النفسية التي مورست ضد مصر وجيشها وشعبها قبل وأثناء حرب أكتوبر، التي كانت تستهدف النيل من عزيمتهم والتشكيك في قدرتهم على الحرب وعلى عبور القناة.

 

وكما عبرت مصر في عام 1973 الهزيمة إلى النصر وعبرت الخوف واليأس إلى الأمل والرجاء عبرت أيضا في 2018 الخوف والإحباط إلى الأمل والانطلاق وقد جاء بيان الحكومة الذي ألقاه الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء الأسبوع الماضي أمام مجلس النواب، ليؤكد هذا المعنى وليجسد تماما الحالة التي تعيشها مصر حاليا ويعكس حجم الأمل والطموح الذي تنشده وتصبو إليه خلال السنوات القليلة المقبلة.

 

جاء البيان تحت عنوان “مصر تنطلق” وبالفعل مصر تنطلق إلى الأمام إلى آفاق أرحب وأوسع إلى الخير والنماء لهذا الوطن ولشعبه الذي عانى كثيرا وصبر كثيرا.

 

نعم مصر تنطلق بعد أن تخطت الحرب النفسية التي شنتها جماعة الإخوان على مدار السنوات الماضية والتي استهدفت فصل القيادة السياسية عن الشعب والتشكيك فيما تحقق من إنجازات.

 

ونعم مصر تنطلق بعد أن انتصرت في حربها على الإرهاب وبات الإرهابيون مثل الجرذان وخفافيش الظلام لا يقوون على الحركة في النور من يخرج منهم من جحره يتم القضاء عليه في الحال وقطعت كل خطوط الإمداد لهم وكل صلاتهم بمن يقف وراءهم، سواء في الداخل أو الخارج.

 

ونعم مصر تنطلق بعد أن انتصرت في معركتها الاقتصادية وتخطت فترة من أصعب الفترات في تاريخها، لا سيما أنه أمام وعي المصريين فشلت كل المؤامرات وسقطت كل الرهانات التي راهنت على حدوث فوضى أو انفلات أمني، وبات المصريون على يقين بأنهم جميعا قيادة وحكومة وشعب في بوتقة واحدة وفي جبهة واحدة وفي طريق واحد للنهوض بالدولة المصرية ورفعتها.

 

نعم مصر تنطلق إلى آفاق أوسع وآمال أكبر تنطلق نحو المستقبل باقتصاد قوي يشهد للمرة الأولى تراجع كبير للتضخم ومعدل البطالة وحصول فائض في ميزان المدفوعات ومعدل نمو 5.4% والمستهدف الوصول به إلى 7% خلال العام القادم، كما تنطلق باحتياطي نقدي بلغ 44.4 مليار دولار لأول مرة في تاريخ البنك المركزي المصري وهو ما يؤمن مصر من أي تقلبات اقتصادية عالمية.

 

تنطلق بخطط طموحة للوصول بالمياه النقية والصرف الصحي لجميع قرى مصر خلال العامين المقبلين ليعيش المصريون في القرى مثل أقرانهم في المدن لا فرق بين الريف والحضر.

 

تنطلق بخطط للقضاء على الفقر ففي بادرة هي الأولى من نوعها يعد رئيس الوزراء الدكتور مدبولي أنه لن يترك في مصر فقيرًا يتكفف الناس سواء بتشغيله أو إعالته، إن كان غير قادر على العمل، إضافة إلى وعود بتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية وتمكين الطبقات والفئات الكادحة من خلال استمرار وتوسيع برنامج تكافل وكرامة.

 

مصر تنطلق بمشروعات طموحة للإسكان والقضاء بشكل كامل على مشكلة الإسكان العشوائي والمناطق غير الآمنة، تنطلق للمستقبل بمنظومة جديدة ومتطورة للسكك الحديد تنهي بشكل تام معاناة ومأساة كبيرة عاشها المصريون سنوات طوالا من خلال جرارات حديثة ومنظومة للربط الإلكتروني للإشارات لأول مرة في مصر.

 

مصر تخطت بالفعل المرحلة الصعبة وتخطو الآن نحو المستقبل بخطى واسعة وبخطط طموحة تستغل ما لديها من إمكانيات، وما تم اكتشافه من ثروات مثل حقول البترول والغاز، لا سيما بعد تسديد مستحقات الشركات الأجنبية ما يشجع على مزيد من الاستثمار في هذا المجال، والأهم أن الفترة المقبلة ستشهد مزيدا بل تكريس توجه واهتمام الدولة بالإنسان المصري من خلال تطوير شامل لنظام التعليم يحدث نقلة نوعية وبرامج محددة لترسيخ الهوية الثقافية والحضارية وتفعيل دور المؤسسات الثقافية ونشر ثقافة العلوم والابتكار وتشجيع الإبداع وتصحيح المفاهيم الخاطئة واستعادة منظومة القيم والأخلاق وترسيخ أسس الولاء والانتماء والمواطنة وتطبيق برنامج للنهوض بالشباب من خلال الرياضة، بالإضافة إلى توفير الرعاية الصحية الشاملة من خلال تطبيق منظومة التأمين الصحي الاجتماعي الشامل في كل محافظات الجمهورية بدءا من محافظات القناة.

 

نعم مصر تنطلق ولعلها المرة الأولى أيضا التي يؤكد فيها رئيس للحكومة المصرية ضرورة أن يستشعر المواطن المصري مصداقية الحكومة من خلال التطبيق الجاد والأمين لبرنامجها وأنه من أجل ذلك سيتم إنشاء فريق عمل في كل وزارة لضمان متابعة تنفيذ البرنامج وبالتنسيق بين كل الوزارات.نقلا عن روزاليوسف