الوطن يواصل مسيرته

الوطن يواصل مسيرته

بقلم : محمود حبسة

تواصل مصر مسيرتها نحو تحقيق الهدف الذي حددته منذ 5 سنوات بالتمام والكمال، عندما قامت ثورة 30 يونيو، التي هلت ذكراها الخامسة اليوم السبت، لم يكن الأمر سهلا أن تخط مصر لنفسها طريقا وتحدد مسارا يتفق فقط وإرادة شعبها وحده بعيدا عن مصالح الآخرين، مسار لا يتفق بل يعادى الآخرين من اللاعبين الرئيسيين في المنطقة والعالم، لم يكن الأمر سهلا أن تقول مصر كلمتها وأن تنهج نهجا ينطلق من رؤاها هي ومن مصالحها هي، وليست مصالح أمريكا أو بريطانيا أو تركيا، كان التحدي صعبا وصعبا جدا بل كان مستحيلا، وكان في نفس الوقت الأمل في الله وثقة الدولة المصرية في قدرة وصمود شعبها وتمسكه بإرادته أكبر من التحديات وأكبر من كل الصعاب، سنوات عجاف مضت كانت صعبة بكل المقاييس استطاعت مصر أن تمضى في طريقها لتصنع المعجزة الكبرى، التي لم ير العالم لها مثيلا، دولة تواجه التحديات تتخطى العراقيل والمعوقات التي يضعها في طريقها الآخرون كي تتوقف عن مسيرتها كي تخضع لإرادتهم كي تنصاع لإملاءاتهم كي تبقى وتظل دوما رهينة لمخططاتهم، ورغم ذلك تحدث وتطور من قدراتها وتكشف عن المزيد والمزيد من مقدراتها وثرواتها البشرية والطبيعية وتمضى في طريقها نحو تحقيق هدفها وأحلام شعبها مهما كان الثمن.

 

مصر نجحت بكل المقاييس فيما فشل فيه الآخرون فإبعاد الإخوان وإقصاؤهم عن الحكم في حد ذاته لم يكن أبدا هدفا سهلا بالنظر إلى طبيعة وولاءات وانتماءات جماعة الإخوان، وتعدد وتشابك علاقاتها الدولية والإقليمية ومصالحها المرتبطة ارتباطا وثيقا مع مصالح قوى دولية وإقليمية فاعلة وبالنظر إلى قدرة الجماعة على رد الفعل وإحداث قدر كبير من العنف وإرباك الشارع المصري وتصدير رسالة سيئة عن المشهد السياسي في مصر، وكان أن تصدرت مصر وحدها لخطر الإرهاب الذي مارس أقصى درجات العنف والترويع مستهدفا إسقاط الدولة المصرية فلم تهادن ولم تفرط في شبر واحد من الأرض المصرية من سيناء على وجه التحديد، ولم تخضع لأية شروط أو إملاءات على حساب حقوق المصريين.

 

توحد المصريون، وقفوا جميعا صفا واحدا خلف قيادتهم، وخلف جيشهم العظيم، فكان النصر حليف لمصر، وها هى النتائج على أرض الواقع بعد سنوات من المواجهة الشاملة تجلت في أبهى صورها في العملية العسكرية الشاملة سيناء 2018 تؤكد تقهقر، بل انحسار الإرهاب عن أرض مصر، فقد تراجعت العمليات الإرهابية إلى أدنى درجة، القوات المصرية الباسلة من أبناء الجيش والشرطة يسحقون تلك الجماعات الباغية الضالة يلقنون من تآمر على مصر دروسا قاسية، وها هو شهر رمضان المبارك يمر دون أن تراق الدماء الذكية من المواطنين الشرفاء من أبناء الوطن ودماء الخونة هي التي تراق على أرض سيناء، لتبقى الكلمة العليا وكما كانت دوما لمصر، كما أن الشرطة المصرية تقضى من خلال عمليات استباقية ذكية وناجحة على الذراع العسكري لجماعة الإخوان “حركة حسم” في تحرك يؤكد يقظتها وقدرتها على حماية أمن الوطن، وهو ما يؤكد أن مصر تتعافى من هذا الوباء.

 

مصر نجحت فيما فشل فيه الآخرون، فها هي مسيرة البناء والإصلاح الاقتصادي تمضى في طريقها تتحدى هي الأخرى كل الصعاب والعراقيل، بل تسقط معها كل الرهانات الخاسرة التي راهنت على حدوث تذمر شعبي أو انفلات أمني ليؤكد المصريون لكل شعوب العالم أنهم أكبر من كل الفتن والمخططات، وأنهم ماضون في طريقهم نحو الهدف الأسمى الذي قامت من أجله ثورة 30 يونيو وهو بناء مصر الحديثة، تتخطى خطة الإصلاح الاقتصادي مرحلة صعبة بالزيادات الأخيرة في أسعار الوقود وبعض الخدمات.

 

ويتفهم المصريون صعوبة المرحلة وضرورة المضي قدما في إصلاح خلل دام عقود طويلة وأنه لا بديل عن الإصلاح، ليصبح الاقتصاد المصري قادر على الوفاء بكل التزاماته، وها هى النتائج أيضا على أرض الواقع تؤكد نجاح خطة الإصلاح الاقتصادي فمعدل النمو يقترب من 5.3% وتتوالى الشهادات من المؤسسات المالية الدولية تؤكد ثقتها في الاقتصاد المصري، وفى نجاح مصر في خططها في إصلاح مسار اقتصادها.

 

مصر نجحت فيما فشل فيه الآخرون ففي الوقت الذي بقى فيه الآخرون عند المربع الأول يستجدون الغير، ويطلبون المساعدات العسكرية والمدنية من الغير ها هى الدولة المصرية تطور وتغير من أهدافها وأولوياتها، تأتى كل حكومة مصرية بخطط وأولويات تتكامل مع من سبقها للتواصل مسيرة البناء ومسيرة التحديث للوطن وبناء قدراته، فمع استمرار الحرب على الإرهاب لتطهير سيناء الحبيبة من كل العابثين بأمن مصر، ومع استمرار الخطط الطموحة للنهوض بمصر من خلال المشروعات التنموية الكبرى تأتي حكومة الدكتور مصطفى مدبولي، لتضع هدفين على قمة أولوياتها وهما إصلاح الخلل في منظومتي التعليم والصحة وتطوير هذين القطاعين المهمين، فكان الإبقاء على الدكتور طارق شوقي وزيرا للتعليم في الحكومة الجديدة لتطبيق خطته لتطوير التعليم قبل الجامعي، وكان تغيير الدكتور أحمد عماد لتغير الأولويات في قطاع الصحة لاسيما مع حصول مصر على قرض 500 مليون دولار من البنك الدولي لتطوير هذا القطاع ليتفق ذلك ويجسد على أرض الواقع، ما أعلنه الرئيس عبد الفتاح السيسي من أن الأولوية في المرحلة الحالية هي بناء الإنسان المصري.

 

مصر ماضية في مسيرتها نحو إعادة بناء الدولة والإنسان المصري، وطن يواصل مسيرته في إبهار العالم . نقلا عن روزاليوسف