صفقة القرن النووية بين روسيا والصين

صفقة القرن النووية بين روسيا والصين

بقلم: الأستاذ الدكتور/ ضو سعد مصباح، رئيس اللجنة العلمية بالهيئة العربية للطاقة الذرية، ورئيس قسمي الطاقة النووية والأمان والأمن النوويين

طالعتنا الأخبار في الثامن من هذا الشهر يونيو 2018  بصفقة نووية عملاقة بين جمهورية روسيا الإتحادية وجمهورية الصين الشعبية يمكننا أن نطلق عليها “صفقة القرن النووية” لكونها غير مسبوقة في حجمها ومستواها والتي تتضمن خطة لبناء 4 مفاعلات قوى من نوعVVER- 1200  ،  تلك التقنية الروسية المثبتة في أدائها وأمانها من الجيل الثالث بلس المتقدم لمفاعلات القوى  G3+وكذلك تصور لبناء المزيد منها مستقبلاً. الصفقة تضمنت أيضاً التعاون في بناء وتطوير مفاعل النيترونات السريعة  التجريبية CFR-600  وكذلك توريد وحدة من النويدات المشعة الكهروحرارية والتي تستخدم في برنامج الفضاء الصيني.

 

تاريخياً، روسيا وريثة الإتحاد السوفيتي أول دولة في العالم تبني محطة نووية لتوليد الكهرباء سنة 1954 في مدينة أوبنينسك ومنذ ذلك الحين وهي تمتلك وتطور وتبدع في الصناعة النووية في مجالات التنمية المختلفة حتى أصبحت التقنية الروسية ذات موثوقية عالية داخل روسيا وخارجها. أما عن التعاون الروسي الصيني في مجال الطاقة الذرية فيرجع تاريخة إلى حوالي 60 سنة حيث تم بناء مفاعل الماء الثقيل البحثي سنة 1958 وهذا التعاون يتطور بإستمرار عبر التاريخ إلى أن تم تتويجه بهذه الصفقة التاريخية.

 

يعتبر هذا المستوى من التعاون الذي حصل بين روسيا والصين ليس مكسباً لهاتين الدولتين فقط ولكنه مكسب للعالم أجمع بما يضربه من مثل في التآزر والتنسيق والتعاون في التكنولوجيا والمعرفة النووية لتحقيق الرفاه الإجتماعي وطموحات الشعوب في التنمية المستدامة. وبدون شك فإن تزاوج الخبرة والتكنولوجيا الروسية والصينية في مجال الطاقة النووية كدولتين متقدمتين نووياً سينعكس إيجابياً على كفاءة وأمان وتطور التقانات النووية وسيفتح الطريق واسعاً للتعاون العالمي من أجل توظيف الطاقة النووية في خدمة البشرية.

 

هناك علاقات تقليدية وتاريخية تربط بين الدول العربية مع كل من روسيا والصين والكثير منها لديه اتفاقيات تعاون مع كلا الدولتين ونعتقد أن هذه الصفقة سيكون لها مردود إيجابي على المشاريع العربية الصاعدة لبناء محطات قوى نووية لتوليد الكهرباء وإزالة ملوحة مياه البحر. وتجدر الإشارة إلى أنه هناك تعاون وثيق بين الهيئة العربية للطاقة الذرية والمؤسسات النووية في كل من روسيا والصين في المجالات ذات العلاقة بالإستخدام السلمي للطاقة الذرية حيث تم التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم من أجل التعاون والتنسيق في تعزيز البنية التحتية للدول العربية في إستخدام التقانات النووية بأمان وأمن عاليين. وتقوم الهيئة العربية للطاقة الذرية بإقتدار في نقل المعرفة والخبرة النووية الروسية والصينية إلى الدول العربية.