لا بديل عن المواجهة

لا بديل عن المواجهة

بقلم : محمود حبسة

لا بديل عن الاستمرار في المواجهة الشاملة لكل مشكلاتنا وأزماتنا، والتي بدأناها مع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي المسؤولية منذ أربع سنوات، مهما كانت التكلفة صعبة وقاسية.

 

المؤكد أن مقارنة بسيطة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا للأوضاع في مصر قبل يونيو 2014 والآن تؤكد أن واقعا جديدا تعيشه مصر حاليا، حجم ما تم تحقيقه من إنجازات في مختلف القطاعات من الكهرباء إلى المياه إلى الطرق والكباري إلى المدن الجديدة إلى الاكتشافات البترولية إلى الإسكان الاجتماعي، يؤكد بوضوح أن مصر اختارت الطريق الصعب لكنه الطريق الصحيح، يتساءل كثيرون لماذا لا نصبح مثل ماليزيا أو البرازيل أو كوريا الشمالية أو حتى سنغافورة أو اليابان أو تركيا؟

 

ولا يدرك من يطرح هذا السؤال كيف وصلت هذه الدول إلى ما وصلت إليه؟ كيف نجحت وكيف تخطت الصعاب؟ المؤكد أن النجاح لم يكن سهلا والطريق لم يكن مفروشا بالورود أمام قادة وشعوب هذه الدول التي نجحت في الهروب من السقوط إلى الهاوية وأصبح يشار لها بالبنان في عالم السياسة أو الاقتصاد، بالتأكيد هناك ثمنا باهظا دفعه شعوبها من المعاناة والصبر والاحتمال، المتتبع للشأن المصري يدرك أن ما يقوم به الرئيس السيسي هو محاولة للسير على درب الناجحين من الدول التي سبقتنا في سعيها لتحقيق ذاتها وإثبات وجودها على الخريطة الإقليمية والدولية.

 

لا يختلف اثنان على وطنية الرئيس ومدى انتمائه لمصر التي يحلم بها وطنًا كبيرًا قويا عزيزا مهابا، الرئيس منذ تولى المسؤولية منذ أربع سنوات بالتمام والكمال كان واضحا وصريحا حتى قبل أن يصبح رئيسا للجمهورية كشف عن فكره وآرائه في مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية وظهر منذ البداية أن الرئيس يؤمن بالمواجهة ولا يرى بديلا عنها.

 

المواجهة الشاملة تعني إيجاد حلول جذرية لكل مشكلات وأزمات مصر التي استمرت عقودا طويلة وتفاقمت وتضخمت بعد ثورة يناير وما نتج عنها من فوضى وانفلات أمني وأخلاقي كلفا مصر الكثير، أدرك الرئيس أن سياسة المسكنات التي كانت متبعة في عهود سابقة لم تعد تجدي وبالتأكيد لا تفلح مع توجه دولة تسعى لاستعادة مكانتها وتأكيد ريادتها وإثبات ذاتها وتحقيق أحلام شعبها، كان حجم الانهيار والتراجع في كل شيء كبير جدا وهو ما دفع الرئيس ليقول إن مصر كانت شبه دولة.

 

تسارعت الخطى من أجل تنفيذ مشروعات يتطلب تنفيذها بالطرق التقليدية إلى عشرات السنوات حتى يمكننا حل مشكلة واحدة مثل مشكلة الكهرباء، كان الرئيس يسابق الزمن في سعيه لإعادة بناء الدولة المصرية، ولذلك كان يؤكد أن الأوطان لا تبنى بالشعارات وكثيرا ما كان يطالب المصريين في كل خطبه ولقاءاته بالصبر لأن الطريق صعب والتكلفة باهظة، لكن الهدف والغاية سامية وعزيزة وهي مصر الجديدة القوية الأبية المهابة المصانة في عالم يتصارع فيه الجميع ولا مكان فيه إلا للأقوياء، فكان تحديث الجيش المصري ودعم قدراته بأحدث ما في الترسانة العسكرية العالمية من أسلحة، المواجهة كانت السيناريو والمنهج الذي اختاره الرئيس ضاربا بذلك عرض الحائط أي كلام عن الشعبية أو غيره في مسلك يؤكد اتساق الرئيس مع نفسه ومع ما يؤمن به من أفكار ومبادئ ورؤى.

 

ولأن المواجهة هي ما يؤمن به الرئيس، فإن مصر تشهد حاليا هذه الحالة التي لم تشهد مثيلا لها منذ أيام محمد علي، وأعني بها هذه الثورة في كل شيء من التعليم الذي أصبحنا بسببه في مؤخرة الأمم الدولة قبل الأخيرة على مستوى العالم، إلى الصحة التي يشهد بتدهورها وضع المستشفيات الحكومية، وتفشي الأمراض مثل فيروس “س”، إلى البنية التحتية المتهالكة إلى الصناعة التي يشهد بتراجعها إغلاق آلاف المصانع واستيرادنا لكل احتياجاتنا من الخارج، إلى الإسكان الذي يؤكد تراجعه وعدم تلبيته لاحتياجات المصريين انتشار العشوائيات في مختلف أحياء العاصمة والمحافظات، إلى قطاع النقل المتهالك وتكرار حوادث القطارات، إلى الطرق التي يشهد بسوئها نزيف الأسفلت، إلى مشروعات تنقل مصر إلى المستقبل وهي المشروعات القومية العملاقة مثل العاصمة الإدارية الجديدة وغيرها، ثورة تهدف إلى القضاء على حالة البلادة التي أصابت المصريين وتغيير ثقافتهم وعاداتهم، ثورة تهدف إلى تحريك المياه الراكدة منذ سنوات طوال منذ عقود وعقود، أوضاع في غاية السوء ولذا كان الرئيس صادقا عندما قال على هامش لقائه بالرئيس الفرنسي خلال زيارة له لباريس في معرض رده عن سؤال حول حقوق الإنسان “التعليم في مصر غير جيد والصحة غير جيدة والإسكان غير جيد”.

 

كثيرون في مصر حتى هذه اللحظة غير مدركين حجم ما تشهده مصر على أرض الواقع وهو ما يتطلب من أجهزة الدولة والإعلام بكل أشكاله وقنواته مزيدا من الشرح والتوضيح وإلقاء الضوء وشرح المخاطر في حالة لو لم تسر مصر في مسار الإصلاح الاقتصادي، أي تأخير أو تأجيل في هذا الأمر سيصعب من المسألة وسوف يضاعف من حجم التكلفة فلا بد أن يكون المصريون على وعي بما يحدث في بلدهم ويكون لهم دور أساسي ومشاركة حقيقية من خلال تفعيل حوار مجتمعي قوي ونشط حول مختلف القضايا المصيرية، المؤكد أن مصر على الطريق الصحيح بشهادة المؤسسات الدولية وفي مقدمتها البنك الدولي وصندوق النقد، ومختلف التحليلات في كبريات الصحف العالمية وما دفعه المصريون من ثمن دفعه شعوب أخرى اختارت أن تنهض وأن تحقق ذاتها وأن تلحق بركب الشعوب المتحضرة.   نقلا عن روزاليوسف