آية و5 تفسيرات.. “يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا”

آية و5 تفسيرات.. "يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا"

ايجى 2030 /

الآية رقم 28 فى سورة النساء، والتى يقول فيها الله سبحانه وتعالى “يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا”.

 

تفسير الطبرى

قال أبو جعفر: يعنى جل ثناؤه بقوله: “يريد الله أن يخفف عنكم”، يريد الله أن يُيسر عليكم، بإذنه لكم فى نكاح الفتيات المؤمنات إذا لم تستطيعوا طولا لحرة “وخلق الإنسان ضعيفًا”، يقول: يسَّر ذلك عليكم إذا كنتم غيرَ مستطيعى الطوْل للحرائر، لأنكم خُلِقتم ضعفاء عجزةً عن ترك جماع النساء، قليلى الصبر عنه، فأذن لكم فى نكاح فتياتكم المؤمنات عند خوفكم العَنَت على أنفسكم، ولم تجدُوا طولا لحرة، لئلا تزنوا، لقلّة صبركم على ترك جماع النساء.

 

 

 

تفسير البغوى

(يريد الله أن يخفف عنكم) يسهل عليكم فى أحكام الشرع، وقد سهل كما قال جل ذكره: “ويضع عنهم إصرهم” (الأعراف – 157) وقال النبى صلى الله عليه وسلم: “بعثت بالحنيفية السمحة السهلة”، (وخلق الإنسان ضعيفا) قال طاوس والكلبى وغيرهما فى أمر النساء: لا يصبر عنهن، وقال ابن كيسان: ( وخلق الإنسان ضعيفا) يستميله هواه وشهوته، وقال الحسن: هو أنه خلق من ماء مهين، بيانه قوله تعالى: “الله الذى خلقكم من ضعف” ( الروم – 54 ).

 

 

تفسير ابن كثير

أى: فى شرائعه وأوامره ونواهيه وما يقدره لكم، ولهذا أباح “نكاح” الإماء بشروطه، كما قال مجاهد وغيره: (خلق الإنسان ضعيفا) فناسبه التخفيف، لضعفه فى نفسه وضعف عزمه وهمته.

 

وقال ابن أبى حاتم: حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسى حدثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن طاوس، عن أبيه: ( خلق الإنسان ضعيفا) أى: فى أمر النساء، وقال وكيع: يذهب عقله عندهن.

 

تفسير طنطاوى

ثم بين – سبحانه – لونا آخر من ألوان رحمته ورأفته بعباده فقال: “يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً”.

 

أى: يريد الله بما شرعه لكم من أحكام، وبما كلفكم به من تكاليف هى فى قدرتكم واستطاعتكم أن يخفف عنكم فى شرائعه وأوامره ونواهيه، لكى تزدادوا له فى الطاعة والاستجابة والشكر.

وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً أى لا يصبر على مشاق الطاعات، فكان من رحمة الله- تعالى- به أن خفف عنه فى التكاليف.

 

تفسير الشعراوى

فسبحانه بعد أن قال: “يُرِيدُ الله لِيُبَيِّنَ لَكُمْ” ليبصر، و”يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ” ليغفر، والآن يقول: “يُرِيدُ الله أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ” ليسر، وهى ثلاثة أمور هامة، ويقول سيدنا ابن عباس، رضى الله عنه وعن أبيه-: فى سورة النساء ثمانى آيات لأمة محمد هى خير مما تطلع عليه الشمس وتغرب:

الأولى قول الحق: “يُرِيدُ الله لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الذين مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ والله عَلِيمٌ حَكِيمٌ” [النساء: 26].

والثانية هى قول الحق: {والله يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الذين يَتَّبِعُونَ الشهوات أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً} [النساء: 27].

والثالثة هى قول الحق: {يُرِيدُ الله أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإنسان ضَعِيفاً} [النساء: 28]. والرابعة هى قول الحق: {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُّدْخَلاً كَرِيماً} [النساء: 31].

والخامسة هى قول الحق: {إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ وَمَن يُشْرِكْ بالله فَقَدِ افترى إِثْماً عَظِيماً} [النساء: 48].

والسادسة هى قوله سبحانه: {وَمَن يَعْمَلْ سواءا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ الله يَجِدِ الله غَفُوراً رَّحِيماً} [النساء: 110].

والسابعة هى قوله تعالى: {إِنَّ الله لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً} [النساء: 40]. {مَّا يَفْعَلُ الله بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ الله شَاكِراً عَلِيماً} [النساء: 147].

هذه هى الآيات الثمانى التى لم تؤت مثلها أمة إلا أمة محمد عليه الصلاة والسلام. ومنها قول الحق: {يُرِيدُ الله أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإنسان ضَعِيفاً}. وما هو ضعف الإنسان؟. الضعف هو أن تستميله المغريات ولا يملك القدرة على استصحاب المكافأة على الطاعة أو الجزاء على المعصية، لأن الذى تتفتح نفسه إلى شهوة ما يستبعد غالباً- خاطر العقوبة، وعلى سبيل المثال، لو أن السارق وضع فى ذهنه أن يده ستقطع إن سرق، فسيتردد فى السرقة، لكنه يقدر لنفسه السلامة فيقول: أنا أحتال وأفعل كذا وكذا كى أخرج.

 

إذن فضعف الإنسان من ناحية أن الله جعله مختارا تستهويه الشهوات العاجلة، لكنه لو جمع الشهوات أو صعد الشهوات فلن يجد شهوة أحظى بالاهتمام من أن يفوز برضاء ولقاء الله فى الآخرة.