عماد الدين حسين :انتبهوا.. لا تستنسخوا بلاك ووتر فى سوريا!

عماد الدين حسين :انتبهوا.. لا تستنسخوا بلاك ووتر فى سوريا!

«بلاك ووتر» هذه الشركة سيئة السمعة التى ارتكبت جرائم بشعة بحق المدنيين فى العراق قبل سنوات، قد تعود قريبا للعمل فى سوريا، ولكن هذه المرة تحت لافتة «القوات العربية».

 

نعلم جميعا أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ألمح قبل أيام إلى انسحاب قوات بلاده «2000 جندى» من سوريا، ودعته السعودية إلى التريث فى الخروج، فطلب منهم «دفع فاتورة البقاء»، إضافة إلى إرسال قوات عربية بديلة لقوات بلاده، فرد وزير الخارجية السعودية عادل الجبير، بأن بلاده مستعدة لإرسال قوات سعودية.

 

غالبية التقديرات تقول إن بلدان الخليج لن ترسل قوات، لأسباب متعددة، ليس هذا مجال الخوض فيها، كما أنها لن تتمكن من إقناع بلدان عربية أو إسلامية كبرى بإرسال قوات.

 

قد تقنع بلدانا فقيرة بإرسال قوات رمزية، وبالتالى فإن الاحتمال الأكبر أن تقوم شركة «بلاك ووتر» بحل المشكلة، أو لنقل «تعقيد المشكلة» كما فعلت فى العراق.

 

ما يعزز هذا الاحتمال ما كشفته صحيفة «وول ستريت جورنال» يوم 16 إبريل الماضى، حينما قالت إن مؤسس شركة «بلاك ووتر» ايريك برينس تلقى اتصالات من مسئولين عرب كبار، بشأن جمع وتشكيل قوات فى سوريا، لكنه أخبرهم أنه سوف ينتظر معرفة ما سيقوم به ترامب أولا.

 

وقبل أن تقع الواقعة، نلفت نظر الجميع فى المنطقة العربية ونذكرهم بالماضى القريب والأليم لشركة «بلاك ووتر» فى العراق، علهم يتفقهون.

 

حينما زادت خسائر القوات الأمريكية الغازية على يد المقاومة العراقية بعد الغزو عام 2003، ظهرت الحاجة إلى وسيلة لتقليل الخسائر، وهكذا جاءت فكرة الاستعانة بشركة «بلاك ووتر». هى شركة تضم مقاتلين مرتزقة من أمريكا وجنوب إفريقيا وتشيلى والبوسنة والفلبين، وبلدان أخرى. وتعمل بشكل رسمى أو من خلال شركات وسيطة فى عدة دول بالعالم من بينها إسرائيل. مقاتلوها ولأنهم يعملون فى مناطق عالية الخطورة، فإنهم يتقاضون رواتب باهضة، والأخطر لا يلتزمون بأى قوانين عسكرية أو قواعد اشتباك. ولذلك يقال عنهم إنهم يملكون رخصا للقتل والدمار.

 

بين عامى 2005 و2007 وطبقا لتقرير صادر من الكونجرس الأمريكى، وليس من أى منظمة حقوقية متعاطفة مع العرب، فإن قوات الشركة ارتكبت 195 حادثة بحق مدنيين عراقيين، وكانت أبشع جرائمها على الإطلاق، مجزرة ساحة النسور ببغداد، حينما أطلقت النيران عشوائيا على المدنيين، ما أدى لمقتل 17 منهم. تمت محاكمة أربعة من القتلة وإدانتهم فى الولايات المتحدة، لكن محكمة أمريكية برأتهم عام 2009.

 

أوباما قال إنه سينهى تعاقد وزارة الخارجية مع «بلاك ووتر» عام 2009، لكن عمليا ظلت إدارته تتعاون سرا وعلنا معها. وكشفت صحيفة «دير شبيجل» الألمانية أن واشنطن أرسلت 400 جندى عبر الشركة إلى شرق أوكرانيا فى مايو الماضى لحساب قواتها المسلحة لمناكفة روسيا.

 

جرائم بلاك ووتر لا تعد ولا تحصى فى العراق وأماكن أخرى، وبدلا من تحجيمها، فإن نشاطها زاد بصورة كبيرة، وصارت دول فى المنطقة وخارجها تعتمد على مثل هذه القوات المرتزقة لتحديث جيوشها، أو العمل بالأجر وبالقطعة فى مهمات محددة. ويقال إن رئيس الشركة برينس يرتبط بعلاقات متميزة مع بعض المسئولين العرب.

 

نعرف أن هناك تكتيكات كثيرة تتغير فى المعارك العسكرية، ولم تعد بأكملها بين جيوش نظامية، أو تخضع لقواعد الاشتباك المعروفة، أو التزامها بالأخلاقيات العسكرية. ومن ضمن هذه التغيرات الاستعانة بمثل هذه الميليشيات التى تعمل بالايجار. هى ليس لديها عدو أو صديق ثابت.. هى تعمل لمن يدفع لها. ولا تنشغل بمن تقتله من بشر أو تهدمه من أوطان.

 

السؤال لكل المسئولين الذين يفكرون فى الاستعانة بهؤلاء المرتزقة: ألا تفكرون فى عواقب مثل هؤلاء القتلة المحترفين، الذين لا نستبعد أن يكونوا أيضا مرتبطين بالإسرائيليين والمحافظين الجدد المتطرفين فى الولايات المتحدة؟!.

 

لماذا لا توجه الدول العربية خصوصا جهودها لتسوية سياسة توقف القتل والدمار فى سوريا، وتحارب فعلا المتطرفين والإرهابيين، الذين ثبت أنهم خطر أيضا ليس على سوريا والعراق، بل على كل الخليج العربى؟!!.

أرجوكم لا تكرروا مأساة «بلاك ووتر» العراقية مرة أخرى فى سوريا.