فاروق جويدة: حين فسدت الأخلاق 

فاروق جويدة: حين فسدت الأخلاق 

ثلاثة أشياء أفسدت حياة الناس الجرى وراء المال.. وتفاهات الفضائيات.. واختلال منظومة القيم سلوكا وأخلاقا.. حين سقط الإنسان فى جشع المال تراجعت كل الأشياء أمام سطوته، وأصبح سلطانا على الجميع، وبدأت أسعار البشر تخضع لحسابات الأوراق المالية من معه مليون يساوى مليونا ومن معه جنيه واحد لا يساوى أكثر منه ..

 

وفسدت التعاملات فى أسواق العلاقات الإنسانية وبعد أن كان التعامل بين الناس بالكلمة والعهد تحولت الشيكات إلى فضائح فى المحاكم وتحولت العقود والالتزامات إلى سوق واسعة للنصب والتحايل ..

 

وحين سيطرت سطوة المال على العلاقات بين الناس أصبح كل شىء قابلا للبيع والشراء ابتداء بالمواقف وانتهاء بالضمائر وتحولت سلوكيات الناس إلى سلعة هذا يشترى وهذا يبيع .. أمام أسواق المال نشطت أسواق أخرى أصبح للفنون أسواق غير القيمة والدور والمسئولية، وأصبح الغناء سلعة تتصارع فيها الملايين وكانت شاشات التلفزيون من ضحايا هذه المأساة ..

 

إن كل صوت قبيح قادر أن ينطلق ويغنى ويحقق المجد والشهرة إذا امتلك الأموال .. ولأن المال يأتى بالمزيد من المال فإن المسابقات واللقاءات والأضواء تصنع النجوم حتى لو كان ذلك بالكذب والتضليل والتحايل .. وفى هذه السوق الواسعة ما بين صفقات الفن والمال كان لا بد أن تسقط القدوة والنموذج والأخلاق وعدنا نتساءل هل هناك علاقة بين الفن والأخلاق أم أن الفن كطريق أخر ليس من الضرورى أن يعبر فى بوابة الأخلاق ..

 

وكانت الأخلاق أمام هذا الاختلال هى الضحية وانعكس ذلك على سلوكيات الناس فلم يعد التحرش جريمة ولم يعد النصب على عباد الله خطيئة ولم يعد الصوت القبيح نشازا ولا الكلام الهابط تجاوزا .. ووقف الإنسان حائرا وهو يشاهد هذا السيرك الكبير حيث تتناثر رؤوس الضحايا ما بين الباحثين عن المال والمغامرين فى أسواقه، وتجار القيم فى السلوك وعلى الشاشات وفى بورصة الأخلاق المنسية طابور طويل من الصور المشوهة التى كانت يوما تحمل ملامح وطن ووجدان شعب ولكنها سقطت أمام زمن جديد اختلت فيه كل الأشياء. نقلا عن صحيفة الاهرام