حتى لا يصبح الوطن حقيبة.. انزل شارك

حتى لا يصبح الوطن حقيبة.. انزل شارك

بقلم : أيمن عبد المجيد

طفلة لم تتجاوز الثلاث سنوات، تطل برأسها من حقيبة سفر، يحملها والدها الذي غاب اسمه، منذ أن اكتسب صفة لاجئ، صورة بمليار كلمة، تناقلتها وكالات الأنباء، تقاذفتها أمواج حسابات “تويتر” و”فيس بوك”، مصحوبة بتعليقات الحسرة والألم وإبداء التعاطف.

 

عندما يصبح الوطن حقيبة، والأب لاجئًا، تصبح الحياة مأساة، والمستقبل مظلمًا، والمعاناة أسلوب حياة، لم تكن صورة الطفلة النائمة في حقيبة سفر بيد والدها، الفار من جحيم الحرب، إلا تجسيدًا لمعاناة الملايين من الأسر السورية والليبية والعراقية واليمنية، التي اكتوت بنيران الصراع والإرهاب وتفكك مؤسسات الدولة.

 

ذلك المشهد وغيره من مشاهد بينها صورة جثمان الطفل إيلان كردي، ثلاث سنوات، الذي تقاذفته الأمواج للشاطئ التركي سبتمبر 2015، وأثارت صورته عاطفة العالم، قفذت إلى ذهني، وأنا أستمع لكلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي، بالندوة التثقيفية السابعة والعشرين، التي نظمتها الشؤون المعنوية للقوات المسلحة بمناسبة يوم الشهيد.

 

يومها ذكرنا الرئيس بالثمن الغالي الذي دُفع من دماء وأرواح شهدائنا، ليبقى الوطن ويأمن شعبه، وبآلاف اللاجئين في المخيمات على مدار سبع سنوات، فبات من كان عمره ثماني سنوات، عمره الآن 15 عامًا، بلا مدارس ولا أمان وما ينعكس بالتبعية على تكوين ذلك النشء الذي عاش في معاناة.

 

من يعيش بلا وطن يدرك معنى الوطن، يدرك معنى أن يكون لوطنك مؤسسات تحمي إرادة الشعب، وتحافظ على كيان الدولة، يقينًا الكثير من المصريين بالخارج الذين احتشدوا في طوابير طويلة للتصويت في انتخابات الخارج، يدركون ذلك، أحدهم مواطن بسيط قال: “نحمد الله أن لنا وطنًا نسافر ونعود إليه وقتما نشاء، نشعر بالأمن والأمان بداخله، لذلك جئت اليوم لأدلي بصوتي، من أجل الحفاظ على هذا الوطن آمنًا مستقرًا”.

 

هؤلاء الذين يعيشون بالخارج، أدركوا أيضًا، معنى أن يكون وطنهم قويًا، يحمي أبناءه في كل بقاع الأرض، يحفظ كرامتهم في مواجهة أي اعتداء، والأمثلة كثيرة، انتفضت الدولة للاعتداء على كرامة مواطن مصري بالخارج، ولا يهدأ لها بالًا حتى تقتص من المعتدين، وهو سبب مهم من أسباب احتشاد المصريين أمام اللجان بالخارج، حتى في البلدان التي بها صقيع ودرجات حرارة 15 تحت الصفر.

 

في الداخل مهمة المواطن الشريف أسهل، لا تتطلب تضحية بدماء مثل الشهداء، ولا قطع آلاف الكيلو مترات، مثلما فعل الكثيرون في الخارج للوصول إلى مقار السفارات المصرية، بل بضع مئات المترات، وربما أقل للذهاب إلى مقرات اللجان للإدلاء بصوتك.

بعض المضللين عن عمد، قد يقولون لك، قاطع لا تذهب، فالنتيجة محسومة، ربما بحسن نية تستجيب لهم، فهؤلاء أعداء الوطن فاحذرهم، لماذا؟ أقول لك:

 

أولًا: الداعون لمقاطعة الانتخابات الرئاسية يدعمون تنظيم الإخوان الإرهابي، لأنه هو الوحيد، وداعميه قطر وتركيا المستفيدون من دعاوى المقاطعة، للترويج لأكاذيب افتقاد الرئيس القادم للشعبية، وادعاء أن كل من لم يذهب للتصويت مؤيد للإخوان، فهل أنت تابع لهذا التنظيم الإرهابي حتى تلبي دعوته، أو تخدم أهدافه؟! الإجابة متروكة لك.

 

ثانيًا: إذا كنت غاضبًا من ارتفاع الأسعار، أو عدم انعكاس الإصلاحات على مصلحتك الشخصية، فعليك أن تذهب إلى الصناديق، وتشارك في الانتخابات الرئاسية لإصلاح أحوالك المعيشية، كيف؟ أقول لك:

 

المشاركة الكثيفة في الانتخابات الرئاسية، رسالة للعالم، بأن الشعب المصري واعٍ، ومصمم على مواصلة تنمية وطنه، وممارسة حقوقه السياسية، عبر الأساليب الديمقراطية، وهذا يوّلد قناعة لدى العالم بأن مصر ذاهبة بقوة للاستقرار والأمن، فيطمئن المستثمر الأجنبي فتتدفق الاستثمارات وتزدهر المشروعات، ما يعني فرص عمل للشباب، وإنتاج، الاستقرار والأمن يعني عودة السياحة، وانخفاض أسعار الدولار وارتفاع قيمة الجنيه، يعني انخفاض الأسعار وارتفاع في القدرة الشرائية للجنيه يعني مرتبك الحالي يكفي لتحسين حياتك، وزيادته تعني لك حياة أفضل.

 

ثالثًا: المشاركة بصوتك تدعم المقاتل على الجبهة، وتقهر نفس العدو، فالإرهابي يحارب الوطن لزعزعة استقراره، وأمنه، ليهرب السائح والمستثمر، ويعود التنظيم الإرهاب لاحتلال الوطن، وأنت بصوتك دعم شرعية الحكم، واستقرار الوطن، وتكتب نهاية الإرهاب، وتحفز المستثمر والسائح على القدوم لمصر، فأنت في اللجان تحقق نفس أهداف المقاتلين الأبطال في الميدان، فلتكن وفيًا لدماء الشهداء، ومساندًا قويًا لأبناء جيشك وشرطتك الرحماء بيننا الأشداء على أعدائنا.

 

رابعًا: صوتك في الانتخابات الرئاسية يدعم مواصلة جهود التنمية، أيًا كان اختيارك، ربما يقول لك مغرض، أو يوسوس لك شيطان النفس البشرية، -وكلنا خطاءون وخير الخطائين التوابون- ربما يوسوس لك قائلاً: وأنا استفدت إيه من شبكات الطرق ولا محطات الكهرباء والغاز والمدن الجديدة والعاصمة التي يتم تشييدها، ولا المزارع السمكية أو آلاف الأفدنة المستصلحة والأنفاق والصوب؟!

 

أقول لك: شيطانك يخدعك، لا، مستفيد وهتستفيد أقول لك إزاي:

 

1 – شبكة الطرق التي أنجزت ولم يسبق لها مثيل، بنية أساسية ضرورية لخلق تنمية على جانبيها، هتفتح فرص عمل للملايين، وستخدم المصانع والمزارع، وأنت كمان بشكل شخصي، مثلاً: السفر من محافظة القاهرة إلى أطراف محافظة الشرقية كان يستغرق 3 ساعات، مع الطريق الدولي الجديد المسافة تستغرق ساعة ونصف الساعة فقط، هذا معناه اختصار نصف الوقت، يعني لو مسافر بعربيتك، هتوفر نصف تكلفة البنزين، غير الجهد، ولو مسافر في المواصلات تضمن أن الأجرة لن ترتفع، ولو تمتلك سيارة أجرة ستحقق “ربح إضافي” ممثل في المتوفر من البنزين ومن إهلاك السيارة، كاوتش وزيت وغيره، لأنك هتوفر 50% من زمن الرحلة، وقيس على ذلك كل المحافظات المستفيدة من شبكة الطرق الحديثة.

 

2 – المزارع والصوب والأفدنة المستصلحة سيستفيد جيبك منها بشكل مباشر، حتى إن لم تكن تعمل بها أو تملك جزءا منها، كيف؟ أقول لك:

 

الاقتصاد يقوم على نظرية اسمها  “العرض والطلب”، يعني إذا زاد الطلب على سلعة والمعروض منها محدود يزيد سعرها بشكل مباشر، مثلاً عندما توقفت السياحة قل المعروض من الدولار، ومع زيادة طلب المستوردين للدولار لاستيراد السلع، ارتفع سعر الدولار أمام الجنيه، فارتفعت الأسعار، وكذلك إذا قل المعروض من السلع والخضر والفواكه واللحوم، عن احتياج الناس يرتفع سعر السلعة، واللي بيشتري كيلو لحمة في الأسبوع يشتري كيلو في الشهر.

 

طيب معنى ده إيه، معناه أن الأراضي التي استصلحتها الدولة في الأربع سنوات الأخيرة والصوب ومزارع الأسماك، ستؤدي إلى ضخ منتجات في السوق، فالمعروض يزيد ويحدث توازن مع طلب المواطنين فتتوافر السلعة، فينخفض سعرها، فتحصل عليها أنت ببساطة، وتكون قادرًا على توفير احتياجاتك بمرتبك، يعني أنت ستستفيد بشكل مباشر مما تشهده مصر من تنمية، فشارك بصوتك في الانتخابات، لتستمر مسيرة التنمية لمصلحتك أنت كفرد والوطن أيضًا.

 

3 – هتقولي طيب والمدن الجديدة والعاصمة الإدارية الجديدة؟! أقول لك يا سيدي:

 

نرجع كده بالذاكرة لما قبل 2013، كنا بنتخنق من زحمة المواصلات، والمدن كلها اكتظت بالسكان، حتى في المحافظات الريفية، وكانت الحكومات بتعالج الأزمات بكوبري، أو نفق، يحل الأزمة سنة ومع زيادة السكان الأمر يصبح أسوأ، ومعنى زيادة السكان يعني زيادة الطلب على الشقق فسعرها تضاعف، والإيجار كمان، حتى سعر متر الأرض المباني تضاعف، لذلك الدولة بعد ثورة 30 يونيو في ظل قيادة رشيدة، فكرت في حلول جذرية، فتم إنشاء مجتمعات عمرانية، وفرت سكنا لملايين الشباب، والمدن الجديدة ستسوعب الكثافة السكانية في القاهرة والمحافظات، يعني سيستقر سعر الوحدات السكنية، وسيخف الزحام، وستكون جودة الحياة أفضل، فأنت وكلانا مستفيدون من التنمية العمرانية.

 

4 – ما تحقق كثير جدًا يستحق منك دعم الوطن بصوتك، تذكر كيف كان الفقراء يكتوون بنيران الحرارة المرتفعة مع انقطاع الكهرباء الدائم، خاصة في شهر رمضان، انظر للوضع الآن، والقادم أفضل بمشاركتك إن شاء الله.

 

أليس أهم أهداف الثورة العدالة الاجتماعية، انظر لتكافل وكرامة، والتأمين على العامل البسيط الذي يتكسب قوت يومه بذراعه، وكذلك الفلاحين البسطاء، اليوم وجدوا من يوفر لهم تأمينًا يكفل لهم حياة كريمة ومعاشًا في حال الإصابة، وعلاجًا في حالة المرض.

 

انظر إلى الأسمرات، “تل العقارب” بالسيدة زينب، الذي تحوّل إلى “روضة السيدة”، وغيرها من العشوائيات التي أزيلت وتحولت لمساكن آدمية، أليس الحق في السكن والعلاج والحياة الكريمة هو التطبيق الفعلي للعدالة الاجتماعية، لاستكمال هذه الإنجازات.. انزل شارك.

 

انزل شارك من أجل نفسك، وأبنائك، من أجل البسطاء، ودماء الشهداء، من أجل الوطن، يكفي أن لديك وطن، فحافظ بصوتك على هذا الوطن، الذي هو سندك وسند العرب جميعًا، هناك من ضحى بروحه، فلا تبخل على نفسك وأبنائك ووطنك بصوتك.. انزل شارك.. صوتك لوطنك.. فهناك من بات وطنه خيمة، ووطن أبنائه حقيبة سفر. نقلا عن روزاليوسف