إنها مصر

إنها مصر

بقلم : كرم جبر

الانطباع الأهم الذي خرجت به هو أن العلاقات المصرية -السعودية، تدخل في السنوات المقبلة منعطفًا تاريخيًا غير مسبوق، فصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، يتحدث بإعجاب عن مصر وشعبها ورئيسها، وما رآه بعينيه على أرضها.. وعندما تتوافر للعلاقات بين البلدين مظلة سياسية رائعة بهذا الشكل، فالخير قادم، ولن تخيم في السماء سحب داكنة.

 

وخلال اللقاء الذي حضرته في منزل السفير أحمد القطان، بتشريف ولي العهد السعودي، فوجئت بشخصية الأمير وثقته في نفسه، وإلمامه التام بكل القضايا في المنطقة، ورؤي عصرية جريئة بحسابات دقيقة، والأهم أن إجاباته لم تكن تقليدية، وبعبارات سريعة مباشرة طاف حول قضايا شائكة، بما يعني عودة الروح للعمل العربي المشترك، فإذا استيقظ جناحا القوة في القاهرة والرياض، فالمنطقة كلها سوف تسترد نفسها.

 

أزعم أنني سمعت لأول مرة كلامًا في حب مصر، لم أسمعه من قبل، فعندما يقول ولي العهد السعودي، إنه كان يدعو الله ألا تنهار مصر، وأن ما رآه من مشروعات على أرضها يؤكد أن الله استجاب لدعائه، فنحن أمام مسؤول عربي كبير مؤمن بعروبته وحريص على استعادة قوتها، ويمتلك مقومات تؤهله – رغم حداثة سنه – أن يستعيد مسيرة أعمامه العظام ملوك المملكة، الذين كانوا سندًا للعروبة، وارتفعوا فوق أي خلافات، والأمل أن تعود روح هذا الزمن الجميل.

 

والأهم – أيضًا- هو تلاقي الأفكار والرؤي بين الرئيس السيسي وولي العهد السعودي، ولو فكر المشككون في العبارة الشديدة البلاغة التي قالها ولي العهد بأن “الرئيس السيسي أطلق الهمة الفرعونية في شرايين الشعب المصري”.. لو فكروا لتواروا خجلاً، فمصر بلسان الأمير ينتظرها الأفضل وفق ما رآه بعينيه، وأنها حين “تقوم”، فالمنطقة كلها تستطيع أن “تنهض”، وأن النمو الذي يتحقق علي أرضها فاجأ العالم وفاجأه هو شخصيًا.. إذن هو جاء لمصر ليمهد الأجواء لعلاقات متينة بين البلدين لم تحدث على مدى التاريخ.

 

جاء ولي العهد السعودي إلى مصر محبًا، ولم تكن زيارة روتينية، وارتسمت علامات الحب علي وجهه يوم الاثنين الماضي، وهو يتنقل في أماكنها معجبًا ومشيدًا بما يراه، في أطول يوم زيارات يمكن أن يحدث، ففي الصباح كان مع الرئيس في منطقة الأنفاق بالإسماعيلية، وبعد المؤتمر صحبه الرئيس داخل النفق العميق في القنطرة حتي الضفة الشرقية للقناة، وجولة بالسيارة في الإسماعيلية الجديدة “درة سيناء”، وجولة بحرية في قناة السويس، ثم افتتاح فندق “منتجع الفرسان”، وهو عبارة عن مدينة سياحية، ثم الغداء بحضور كبار الشخصيات من الجانبين.

 

نفس اليوم – الاثنين – انتقل الأمير من الإسماعيلية إلى القاهرة للقاء شيخ الأزهر في “المشيخة” والبابا تواضروس في “الكاتدرائية”، وانتقل إلى منزل السفير السعودي بالزمالك، ليتحدث إلى كبار الصحفيين والإعلاميين على مدى ساعتين، وفوجئ الجميع – كما عبروا – بأنهم أمام شخصية تنبئ بالخير، ثم انتقل بصحبة الرئيس لحضور عرض “سلم نفسك”.. يعني 15 ساعة متواصلة، والأمير يضفي من روحه الطيبة ثراءً وعمقاً وفهماً ووعياً وإعجاباً بكل مكان زاره وكل حوار تناوله، فالحكام الصالحون لا يأتون صدفة، بل هم مزيج من الموهبة والقدرة والإبداع والتأهيل رفيع المستوى، وكلها سمات تتجلى بوضوح في شخصية ولي العهد السعودي.

 

عن إيران قال ولي العهد إنها “نمر من ورق”، وهي عبارة على هيئة دانة مدفعية لا تحتاج إلى شرح أو تحليل، وعن حرب اليمن أكد أنها في نهايتها، واليمن بالنسبة للسعودية خط أحمر لا يقبل العبث، وعن الدولة الفلسطينية ضغط على عبارة “عاصمتها القدس الشرقية”، وعن أحوال العرب تفاءل بأنهم قادمون، لأن 80% من الدول العربية متعافية وتمضي في الطريق الصحيح.

 

تفاءلنا بزيارة صاحب السمو الملكي لمصر، ونستبشر خيرًا بعودة الروح العربية الأصيلة، وأن تصدح في الأجواء أغنية “أمجاد يا عرب أمجاد”.

 

نقلًا عن الأخبار