الجريمة الإلكترونية بين الواقع وغيبة التشريعات

الجريمة الإلكترونية بين الواقع وغيبة التشريعات

بقلم ـ حازم عيسوى :

تمهيد :

صار تصفح الإنترنت هو البديل العصري عن مطالعة الصحف، ووسائل الإعلام المرئية، وليس في ذلك ثمة عيب، ولكن تبدأ المشكلة عندما تكون المادة المنشورة عبر الانترنت تشكل مخالفة قانونية أيا كانت؛ أخلاقية منافية للآداب كنشر صور إباحية أو التشهير بشخص ما أو تناوله بعبارات تشكل سباً أو قذفاً أو إهانة أو تشكل اعتداء على حقوق الملكية الفكرية أو أن تكون المادة المنشورة تتضمن تحريضا أو تحبيذاً على ارتكاب جريمة ما.

الواقع الذي تتم فيه الجريمة الإلكترونية :

غالبا ما يتم نشر مقالات في إطار حرية الرأي والتعبير وانتقاد القائمين على الحكم أو العمل العام أو الخدمة العامة أو انتقادا للأوضاع الراهنة السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية. وكل هذه الانتقادات أو المطاعن تدخل تحت دائرة النقد المباح الذي لا عقاب عليه طالما أن الكاتب لم يمس الحياة الخاصة لشخصية عامة أو من في حكمها.

لكن الأمر لا يخلو من ثمة خروج على الآداب العامة والأخلاق للحد الذي يعلو لمرتبة اقتراف جرائم تستوجب العقاب بكل ما تحويه الكلمة خاصة في مجال النشر، واختراق الخصوصيات – القرصنة – والاستيلاء على ملفات الغير، ونشر المواقع الإباحية، بل يصل الأمر للدخول على حسابات البنوك، والاستيلاء على أموال الغير.

للمزيد من التفاصيل (http://www.youtube.com/watch?v=TytExlRnNNM- http://www.ntc.gov.sd/index.php?n=b3B0aW9uPWNvbV9jb250ZW50JnZpZXc9YXJ0aWNsZSZpZD02MCZJdGVtaWQ9NjMmbGFuZz1zZA%3D%3D-   http://www.alukah.net/sharia/10331/2982/ )

 

الوضع في قانون العقوبات الحالي :

من الجدير بالذكر أن غالبية المواد القانونية التي تعالج قضايا النشر جاءت جميعها في عبارات عامة وفضفاضة، ولا تحوي تعريفاً جامعاً مانعاً لتلك الجرائم وإنما ترك المشرع للفقه، والقضاء أمانة التعريف، فكان المشرع المصري أكثر مرونة واتساعا في مفاهيم الطرق والوسائل التي يتم بها تحقق العلانية وتركها دون حصر حتى يستطيع أن يحتوى أية تطورات تحدث في المستقبل من اختراعات أو اكتشافات حديثة مثل الانترنت والهاتف النقال والبريد الالكتروني..الخ مما يترك المجال متاحاً لاجتهاد النيابة العامة تستطيع أن تضع المتهم تحت طائلة القانون في ظل تعدد مواد الاتهام فإن لم يكن إهانة رئيس الجمهورية كان ترويج شائعات، وما لم يكن قذفاً وسباً كان ازدراءً أو إهانة وهكذا.

وفي ذات المعنى ذكر الدكتور حسن العمري على موقعه الرسمي ” للمزيد من التفاصيل http://www.hassanalamri.net ”  أن الأمر يخضع في النهاية للقاضي الجنائي الذي يتمتع بسلطة تقديرية واسعة، فعليه يقع عبء الموازنة بين مصلحة المجتمع في منع انتشار الجريمة، وبين حق الأشخاص في إبداء الرأي، وحرية التعبير. وله أن يفسر ما تم نشره حول موضوع الاتهام وفق ما يراه سائغاً فيضع نفسه مكان الكاتب وفى نفس ظروفه وثقافته، ويخضع تطبيق القاضي للقانون لرقابة محكمة النقض .

وتبدو المشكلة أكثر وضوحا في ظل غيبة التشريعات التي تحكم مجال الانترنت بوجه خاص، فتظل الجريمة الإلكترونية خاضعة للقواعد العامة لقانون العقوبات، مما يفضي لبعض الصعوبات في التطبيق نظراً للاختلاف البين والحاد بين طبيعة الإنترنت، وطبيعة وسائل النشر، والتواصل التقليدية من حيث سرعة الانتشار، واتساع مجال الاطلاع، وسهولة الاستيلاء على المادة محل النشر، والدخول على الحسابات الخاصة، وهو ما يحتاج إفراد عدة مقالات لبيان أوجه الاختلاف.

 

آراء أهل الفقه والاختصاص:

في تحقيق نشرته جريدة الأهرام  لرصد آراء بعض الخبراء بهذا الشأن كتبت عبير الضمراني نقلاً عن د‏.‏ فوزية عبد الستار أن العقوبات الحالية لا تكفي للجرائم التي ترتكب عن طريق الإنترنت الآن لصعوبة الوصول للجاني واتساع انتشار الجريمة اتساعا شديدا حيث إن نطاق العلانية أوسع بكثير‏,‏ فأي جريمة قذف أو سب تتم في الطريق العام أو إحدى وسائل الإعلام أمرها هين لكن الإنترنت تمثل الجريمة فيها خطورة على السمعة والأعراض فضلا عن أن انتشارها الواسع يهدر كرامة المجني عليه وربما شرفه‏.

كما نقلت رأي د‏.‏ حسام لطفي أستاذ القانون المدني جامعة القاهرة بني سويف ـ قوله أن الانترنت ساحة بلا قواعد ولا قوانين‏,‏ مثل سوق الثلاثاء حيث يأتي كل ببضاعته ويجلس في مكان محدد أكثر من مرة ليعرفه الناس وتعتاد عليه وتذهب إليه‏,‏ كذلك المواقع الثابتة علي الإنترنت في أي دولة‏,‏ لا توجد قيود من أي نوع تنظمها‏,‏ وبالتالي أصبح الإنترنت بوابة سهلة لطرح أي خبر سواء كان حقيقيا أو كاذبا‏,‏ أو الهجوم اللا أخلاقي علي بعض الأشخاص من خلال تعديل صورة فوتوغرافية أو فيديو لتغيير وتزييف الحقيقة‏,‏ ويمكن من خلال الإنترنت أيضا السب دون أن يكون هناك دليل علي من قام بهذا‏,‏ وهو ما يلجأ إليه البعض لأن السب من خلال التليفون أصبح من السهل إثباته والوصول للمتصل لكن الإنترنت يصعب فيه هذا الأمر‏.‏

واختتمت برأي د‏.‏ سيد خطاب رئيس جهاز الرقابة علي المصنفات الفنية الذي أكد أن واحدة من آفات شبكة المعلومات الدولية حرية طرح المعلومات بشكل عام وتزييف الحقائق واختلاق المواقف وتركيب صور غير حقيقية‏,‏ فمن الممكن أن يقوم البعض باختلاق صور قد تسيء للسمعة وتشوه سيرة الناس وأعمالهم‏,‏ وبالفعل المشاهير والفنانون أكثر من يعاني من الأخبار الكاذبة ونعاني من هذا معاناة شديدة لدرجة أننا قمنا بعمل خطوط اتصال مباشرة لتصحيح المعلومات لمقاومة هذا النوع من الأفكار والأخبار الكاذبة‏..‏

كذلك نجد أن الموقع الاجتماعي الشهير فيس بوك أحيانا يقوم بعمل حظر علي المكان الذي يستخدمه الناس استخداما سيئا‏,‏ أو يبالغ في عدد الصداقات أو يرسل رسالة مزيفة للحصول على أموال أو الاحتيال ومعرفة أرقام الحسابات الخاصة بالبنوك لبعض المواطنين لسرقتهم أو الأموال وقد يتم الاعتداء علي مواقع البنوك أو المواقع الرسمية للدول‏.‏

وأضاف أن شبكة الانترنت من خلال مؤسس الموقع‏,‏ والمؤسسات بشكل عام تتحكم بالمواقع التابعة لها ويقوم المسئولون فيها بغلق الموقع في حالة التجاوز‏,‏ ولكن الرقابة علي

 

 

 

كتب / حازم عيسوى

تجريم إنشاء أو الانضمام أو الترويج لجمعية تهدف لتعطيل أحكام الدستور، أو مؤسسات الدولة، أو ممارسة الحريات، والحقوق العامة.

1- النص القانوني: المادة 86 مكرراً.( )

2- الركن المادي للجريمة وتدرج العقوبات:

جرم المشرع بموجب هذا النص عدة صور للفعل الإجرامي وتدرج في العقوبة تبعاً لدرجة الإثم، وشدد العقوبة في حالة توافر الظرف المشدد.

الصورة الأولي: إنشاء أو تأسيس أو تنظيم أو إدارة، جمعية. وقد وردت بالفقرة الأولي من النص وتشمل أعمال إنشاء أو تأسيس أو تنظيم أو إدارة، جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة على خلاف أحكام القانون.

 

وحتي يكتمل الركن المادي لتلك الجريمة لابد أن يكون الغرض من الجمعية – محل التجريم – هو الدعوة بأية وسيلة إلى تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو منع إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة من ممارسة أعمالها، أو الاعتداء على الحرية الشخصية للمواطن أو غيرها من الحريات والحقوق العامة التي كلفها الدستور والقانون، أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي.

العقوبة

قرر المشرع لتلك الجريمة عقوبة السجن أي لمدة تتراوح من ثلاث إلي خمس سنوات.

 

الظرف المشدد وتأثيره علي العقوبة:

نص المشرع في نهاية الفقرة الأولي من النص علي ظرف مشدد يتمثل في تشديد عقوبة من تولي زعامة الجمعية أو قيادتها، أو أمدها بمعونات مادية أو مالية مع علمه بالغرض الذي تدعوا إليه، لتكون عقوبته السجن المشدد. وبذلك فرق المشرع بين أعمال القيادة وأعمال الإدارة.

كما قرر المشرع ظرفاً مشدداً آخر يتمثل في استخدام الإرهاب وسيلة لتحقيق الأغراض التي تدعو إليها الجمعية – محل التجريم – فارتفع بالعقوبة لتكون الإعدام أو السجن المؤبد بدلاً من السجن، أو السجن المشدد، ويعاقب بذات العقوبة المشددة أيضاً كل من أمد هذه الجمعيات بأسلحة، أو ذخائر أو مفرقعات، أو مهمات أو آلات أو أموال أو معلومات مع عمله بما تدعو إليه وبوسائلها في تحقيق أو تنفيذ ذلك.(المادة 86 مكررا (أ))

 

الصورة الثانية: جريمة الانضمام إلى أو الاشتراك. وقد حددها المشرع بالفقرة الثانية من ذات النص، وهي تشمل أعمال الانضمام إلى أو الاشتراك في إحدى الجمعيات أو الهيئات أو المنظمات أو الجماعات، أو العصابات محل التجريم، ولا تكتمل أركان الجريمة إلا مع توافر علم الفاعل بأغراض الجمعية كما هو منصوص عليها في الفقرة الأولي من النص وذلك حتي لا يقع تحت طائلة العقاب إلا من كان علي بينة من الأمر، فإذا تخلف العلم بأغراض التنظيم فلا جريمة.

 

العقوبة:

قرر المشرع لتلك الجريمة عقوبة أخف من الصورة الأولي هي السجن مدة لا تزيد عن خمس سنوات، أي تتراوح ما بين ثلاث إلي خمس سنوات.

 

الظرف المشدد وتأثيره علي العقوبة:

وترتفع عقوبة الجريمة في حالة توافر الظرف المشدد المشار إليه في المادة 86 مكررا(أ)، كما في الجريمة عاليه إلي السجن المشدد بدلاً من السجن مدة لا تزيد علي خمس سنوات.

 

كما قرر المشرع ظرفاً مشدداً آخر في حق عضو الجمعية محل التجريم، إذا استعمل الإرهاب لإجبار شخص على الانضمام إلى أي منها، أو منعه من الانفصال عنها.

وتكون العقوبة بالإعدام إذا ترتب على فعل الجاني موت المجني عليه. (المادة86 مكرر (ب))

 

الصورة الثالثة: الترويج أو الحيازة، فقد جرم المشرع مجرد الترويج بالقول أو الكتابة أو بأية طريقة أخرى للأغراض -المذكورة في الفقرة الأولى-، أو حيازة محررات، أو مطبوعات أو تسجيلات، أياً كان نوعها، تتضمن ترويجاً لشئ مما تقدم، أو حيازة أو إحراز أية وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية، استعملت أو أعدت للاستعمال ولو بصفة وقتية لطبع أو تسجيل أو إذاعة شئ مما ذكر.

 

واقع الأمر من وجهة نظر الباحث أن الأعمال التي جرمها المشرع في هذه الفقرة تعد من صور الأعمال التحضيرية التي تعد من أعمال الشروع المعاقب عليها، حتي ولو لم تتم الجريمة لأي سبب، أما في حالة ضبط الجريمة في صورتها التامة كما وردت بالفقرة الأولي فتعد هذه الأفعال من ضمن أعمال الاشتراك والتحريض، وهي أعمال معاقب عليها طبقاً للقواعد العامة، ولكن كون المشرع قد أفرد لهذه الأفعال فقرة مستقلة فذلك يعني حرصه علي تجريم كافة صور النشاط.

 

العقوبة:

قرر المشرع لتلك الجريمة عقوبة السجن مدة لا تزيد عن خمس سنوات، أي تتراوح ما بين ثلاث إلي خمس سنوات.

 

الظرف المشدد وتأثيره علي العقوبة:

و في هذه الصورة أيضاً ترتفع عقوبة الجريمة في حالة توافر الظرف المشدد المشار إليه في المادة 86 مكررا(أ)، إلي السجن المشدد بدلاً من السجن مدة لا تزيد علي خمس سنوات.

 

وتزيد العقوبة في حال ارتكاب الجريمة في صورتها الماثلة ” الترويج” المنصوص عليها في الفقرة الثالثة لتكون السجن مدة لا تزيد على عشر سنوات بدلاً من السجن مدة لا تزيد عن خمس سنوات إذا كان الترويج أو التحبيذ داخل دور العبادة أو الأماكن الخاصة بالقوات المسلحة أو الشرطة أو بين أفرادهما..  (المادة 86 مكرر ( أ ))

 

3- الركن المعنوي:

هذه الجريمة من الجرائم العمدية وهذا يستلزم توافر القصد الجنائي وهو علم الجاني بعناصر الركن المادي للجريمة كما هو محدد في النص وانصراف إرادته إلي التلاقي مع إرادة باقي الفاعلين في ارتكاب الجريمة في أحد صور الركن المادي المحددة عاليه، ولم يشترط المشرع أي قصد خاص لاكتمال الركن المعنوي اللهم إلا تحقق علم الفاعل بأغراض الجمعية محل التجريم، بالنسبة للجريمة في صورتها الثانية، والثالثة.