لا تفعل شيئا تندم عليه

لا تفعل شيئا تندم عليه

بقلم ـ فاروق جويدة:

قالت: كيف تقاوم خريف أيامك وماذا تفعل أمام تقلبات الفصول ما بين ربيع رحل وشتاء قادم وخريف لا يترك لك غير الوحشة؟..

 

قلت:عندى رصيد كبير من الإيمان أننا نسعى وأن الله فى يده كل شىء ولن نأخذ من الحياة إلا ما قدره الله لنا..وعندى رصيد كبير من القناعة أن القليل يكفى مع شىء نسميه البركة وان الإنسان ليس بما ملك ولكن الإنسان بما ترك..

 

وعندى مساحة خضراء دائما أسميها واحة الذكريات فقد كان حظى أننى اقتربت من ناس أحببتهم وأحبونى وهناك من وقف معى وأخذ مكانا فى قلبى وهناك من حاول أن يكسرنى فازددت صلابة وحين أراجع فصول العمر مازال عندى بقايا من ربيع شاحب أزين به ما بقى من سنوات العمر وفى كل الحالات أنا أرى أن الفصول ليس فيما نرى حولنا ولكنها فيما نرى داخلنا..

 

إن الأزمة الحقيقية أن ساعات الفرح فى أجيالنا كانت قليلة وان أيام الحزن كانت ثقيلة وأن أحلامنا خذلتنا وبقى داخلنا إحساس بشىء من المرارة، لأننا لم نفعل ما أردنا ولم ننجز ما وعدنا وكل ذلك لأننا أخذنا مواقع المتفرجين، لم نحرز أهدافا واكتفينا بأن نصفق لأهداف مغلوطة وآمنا بأفكار وشعارات كاذبة وفى آخر المطاف جلس كل واحد منا يعدد خطاياه رغم انه لم يخطئ ويحاسب نفسه رغم انه غير مسئول..

 

ولهذا أرى فى عيون الناس سؤالا حائرا: لماذا تحملنا كل ذلك؟ ولماذا تركنا من هم أقل شأنا وخبرة وأمانة يتصدرون المشهد؟ وجلسنا على أطلال خريفنا نواجه تقلبات الفصول ومتغيرات الزمن..

 

قلت ان لدى رصيدا من الإيمان وكثيرا من القناعة وصفحات من الذكرى أجد نفسى فيها أحيانا.. ويبقى أننى لم أدخل مزادا خاسرا ولم أقامر بيوم من عمرى فى سبيل شىء لا يستحق..أعرف أن الخريف ثقيل بلياليه الموحشة وأن الحزن زائر لا يقدر مشاعر الناس وآلامهم وان حساب النفس عذاب كل يوم، خاصة إذا لم نكن شركاء فى خطيئة أو أصحاب دور فى مهمة فاشلة..

 

ولهذا يبقى شىء داخلنا من ربيع راحل وقبل هذا كله لا تفعل شيئا تندم عليه.. نقلا عن صحيفة الاهرام