الطريق الى سيناء 

الطريق الى سيناء 

بقلم عماد الدين حسين ـالشروق

عصر يوم السبت الماضى كنت فى طريق عودتى للقاهرة من ولاية فورتمبرج الألمانية وعاصمتها شتوتجارت. أثناء وجودى فى مطار فرانكفورت تلقيت مكالمة تليفونية من أحد المسئولين بإدارة الشئون المعنوية يدعونى فيه إلى التواجد فى الثامنة صباحا للسفر وفد صحفي واعلامي إلى مكان ما، برفقة رئيس الجمهورية ولم يفصح عن المكان الذى سنتوجه اليه.

 

كنت بصحبة زملائى رؤساء تحرير الوطن والمصرى اليوم ووكالة أنباء الشرق الأوسط، وجلسنا نخمن، أين سيكون الحديث، أحد الزملاء رجح أنه لافتتاح مدينة العلمين الجديدة.

 

فى الصباح الباكر تجمعنا، وكان لافتا للنظر دعوة كل رؤساء تحرير الصحف الكبرى القومية والمستقلة الرئيسية وكبار نجوم برامج التوك شو، ونقيب الصحفيين ورؤساء هيئات الاستعلامات والوطنية للصحافة والوطنية للإعلام، ووزراء الداخلية والإسكان والصحة والتضامن الاجتماعى ورؤساء الأجهزة الأمنية والرقابية.

 

ركبنا طائرة شينوك تتسع الواحدة لنحو عشرين شخصا تقريبا، وعلى الرغم من وضع سدادات فى الأذن، فإن الصوت لا يطاق وكان الله فى عون الضباط والجنود الذين يستخدمونها بصفة دائمة.

بعد نحو ساعة من الطيران هبطنا فى مقر قيادة قوات القناة لمكافحة الإرهاب، وهى دليل حى على القدرة الفائقة على الإنجاز، حيث تم إنشاؤها فى زمن قياسى.

 

بعد الهبوط بدقائق قليلة فوجئنا بقدوم الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى جاء وسلم علينا فردا فردا. انتهزنا الفرصة وسألنا الرئيس فى موضوعات كثيرة، وأجاب عنها بمنتهى الشفافية والوضوح.

 

أحد الأسئلة كان عن صفقة القرن وما يتردد عن بدء تنفيذها قريبا، وكان الرد أن صفقة القرن الفعلية هى ما فعلناه بأنفسنا وببلداننا فى المنطقة العربية. كما تحدث الرئيس عن مخططات الإرهابيين و«أهل الشر»، وعند هذه النقطة سألنى الرئيس وسط الزملاء الإعلاميين «مش كده يا أستاذ عماد؟» وبالطبع رددت: «نعم يا ريس»، وتحدث الرئيس فى نقاط كثيرة لكن معظمها كان ينتهى بقوله «طالما أن المصريين متوحدين معا فسوف يفشلون أى محاولة لهدم استقرار البلد».

 

بعد هذه الوقفة مع الرئيس التى استمرت نحو عشرين دقيقة، دخلنا إلى مقر القيادة الذى نال استحسان الجميع من حيث طريقة بنائه وتصميمه.

 

اللقاء بدأ فى الحادية عشرة واستمر حتى الرابعة عصرا، وتخللته فقط استراحة لمدة لم تزد على ١٥ دقيقة.

 

من دون الدخول فى تفاصيل ــ وما أكثر ما سمعناه ورأيناه فى هذا اليوم ــ فإننا لمسنا فعلا الجهد الكبير الذى تبذله القوات المسلحة والشرطة المدنية للقضاء على الإرهاب والإرهابيين ليس فقط فى سيناء ولكن فى معظم محافظات الجمهورية.

 

التضحيات المقدمة فى هذه الحرب كبيرة ومقدرة خصوصا خلال العمليات الكبرى. لكن هذه المرة، هناك شىء مختلف ألا وهو أنها حتى ولو كان اسم العملية «سيناء ٢٠١٨» فإنها لا تخص سيناء فقط، بل كل أنحاء الجمهورية من أسوان إلى السلوم إلى الحدود الدولية مع فلسطين المحتلة.

بالطبع التركيز أكبر موجود فى سيناء بحكم أن الإرهابيين ينشطون هناك فى مثلث «الشيخ زويد ورفح والعريش». كان لافتا أيضا التنسيق بين مختلف أنواع الجيوش والأسلحة مع قوات الشرطة وأكثر ما لفت نظرى أن العملية تتضمن تفتيشا وبحثا ميدانيا وعلى «الأرجل» لكل البيوت والعشش والمزارع فى كل سيناء شمالا وجنوبا، ليس فقط للقضاء على الإرهابيين، ولكن على المخالفين للقانون خصوصا مهربى المخدرات.

 

اللافت أيضا أن الحكومة بدأ تعى الدرس المهم وهو ضرورة التوازى بين اليد التى تقاتل الإرهابيين واليد الأخرى التى تبنى وتنمى وتعمر حيث تم رصد 275 مليار جنيه لهذا المشروع القومى الذى يفترض ان ينتهى عام 2022.

 

استمعنا فى اللقاء أيضا إلى رؤى وخطط وزراء التموين والتضامن الاجتماعى والصحة والإسكان ورئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة.

 

جميعهم ركزوا على الحاجات اليومية للسكان ثم على خطط تنمية سيناء، وأنها الطريقة المثلى للقضاء ليس فقط على الإرهابيين، ولكن على التربة التى تجعلهم يستمرون.

 

فى هذا اليوم خرجت بنتيجة مؤكدة وهى أنه فى اللحظة التى سينفذ فيها المسئولين ترجمة ما قالوه على أرض الواقع فإن الإرهاب سيتم القضاء عليه.