فاروق جويدة: إنها سنوات عمرك  

فاروق جويدة: إنها سنوات عمرك  

ابحث دائما عن لحظة حب تعيشها لا تترك قلبك ومشاعرك لحشود الكراهية التى تحاصرك فى كل مكان..لا تنظر كثيرا فى تلك العيون التى تقتحم حياتك كالسهام وهى لم تعرف الحب فى يوم من الأيام..لابد أن تحب عملك لكى تنجح فيه ولابد أن تعطى الناس قبل أن تأخذ منهم إن حبك للأشجار يجعلها أكثر خضرة ونضارة وحبك للاماكن تجعلها تشعر بما أنت فيه هل جربت يوما أن تحاور الشجرة العجوز التى تراها كل صباح من نافذة بيتك هل فكرت أن تسألها عن آلاف البشر الذين عبروا أمامها فلا هى ضاقت بهم ولا هى بخلت عليهم بالظلال والثمار والجمال ..

 

هل سألت هذه الشجرة كم من الناس أحبوها وأحبتهم وكيف مرت عليها سنوات العمر وهى تنتقل بين خريف عاصف وربيع عاشق، إن هذه الشجرة تعلمت الحب مثل كل الناس ..

 

هل فكرت يوما أن تزور أماكن أحببتها مدرستك القديمة.. شارع أحببت فيه وكان الفراق هو النهاية..عمل أسعدك وحملت له أجمل الذكريات.. محطة قطار استقبلتك يوما بالأمل والحب وأنت تصافح مستقبلا غامضا لا ترى شيئا فيه .. ابنة الجيران التى أحببتها وهى تنظر إليك من بعيد وكلاكما يجمع أوراقه وكتبه ليذهب إلى المدرسة أو الجامعة.. جار عزيز كان يشاركك رحلة العمر والأحلام والبراءة.. إن الشىء المؤكد انك حملت من كل هذه الأشياء ذكرى جميلة مازالت تحلق فى خيالك..

 

إن كل لحظة حب عشتها مع هذا العالم الكبير الذى يحيط بك أصبحت جزءا منه.. إن الأماكن قصة حب لأنها ليست فقط أعمدة من الاسمنت لا تنطق إن لها لغة هى لغة المشاعر وهى قادرة رغم ما يحيط بها من الصمت إن تصافحك وأنت تهبط سلمها العجوز فى رحلتك اليومية لقد رافقتك فى كل مشوارك الطويل طفلا تهبط عليها وأنت تقفز كالعصفور وشابا يعانق أيامه فى لحظة حب وعجوزا يكاد يشم أنفاسها وهى تحتضن سنوات عمره بكل السخاء..

 

إنها أشياء ولكنها تحب وهى صامتة ولكنها تنطق وقبل هذا كله هى سنوات عمرك الذى لا يعود وتستحق أن تحبها.

نقلا عن صحيفة الاهرام