“أزمــة” الجهاز الإداري للدولة!

"أزمــة" الجهاز الإداري للدولة!

بقلم : د. حماد عبدالله

يعانى الجهاز الإدارى للدولة من ضعف ووهن ، وعدم كفاءة وهذه حقيقة يجب مواجهتها، لكى نجد من السبل للقضاء على هذا الضعف، وأن نرتقى به، ونسعى لزيادة قدرته الإنتاجية، والخدمية.

 

لعلنا يجب أن نتفهم ما يواجه الأمة من مجموعة المشاكل التي يصل بعضها إلى حد تسميته (بالأزمة) وهنا يجب المواجهة، ويجب الصدق مع النفس قبل (المواراة) أو ودفن الرأس فى الرمال، فهذا لن يضعنا أبداً أمام طريق سوىي لإنهاء مشاكلنا، بل العكس سوف نتعثر أكثر! وسوف نعاني في سبيلنا للتخلص أو إدارة الأزمة بعد فوات الأوان! ولعل من أهم الأزمات التي تواجه الوطن.

 

ضعف كفاءة الجهاز الإداري للدولة، الأصل في الحالة الحياتية للشعب، هو قدرة الجهاز الإداري على التغطية الأفقية و الرأسية لإقليم ومجتمع الدولة، بما يعني تطابق الإدارة التنفيذية في الحكومة  مع  السياسة العامة المعلنة من قبل السلطات الحكومية المركزية، مثل توصيل الخدمات إلى كل المواطنين، وتأدية الواجبات الحكومية في الإقليم للجميع دون تفرقة ودون وساطة، وتؤدى عدم القدرة التنظيمية والإدارية للنظام السياسي، إلى تعريض هذا النظام لأزمة عدم اختراق أي عجز أو قصور النظام في التغلغل خلال الإطار الاجتماعي والاقتصادي والإقليمي خارج العاصمة، ويتمثل هذا في المناطق المحرومة والنائية، وكذلك العشوائيات في المدن المصرية، والتي تعدت الـ2250 منطقة حسب تقرير وزارة الإسكان! قبل أن تبدأ الإدارة بعد ثورة 30 يونيو 2013، فى تقليص هذا العدد، ولا نعرف بالضبط كم عدد البؤر العشوائية الباقية!

 

الأزمة الثانية هي الديمقراطية وأزمة المشاركة الشعبية، ونعني هنا بالديمقراطية حق الشعب في حكم نفسه بنفسه كقيمة سياسية، وترجع أزمة المشاركة الشعبية في البلدان النامية أساساً إلى تخلف البنية الاقتصادية والاجتماعية والافتقار إلى الشروط الثقافية والسياسية، وهناك خصائص ثلاث لأزمة المشاركة الشعبية وهى: الافتقار الى المتطلبات الاجتماعية والاقتصادية (بسبب الجمود الاجتماعى والتفاوت الطبقى) .

 

1- غياب الشروط الثقافية والسياسية (بسبب الأمية والافتقار للتسامح).

 

2- تقلص المشاركة الجماهيرية (بسبب السلبية واللامبالاة).

 

أما الأزمة الثالثة فهى أزمة عدم عدالة التوزيع، فالنظام السياسى هو الذى يقوم بدور  (الموزع) للثروة إذ إن كل الثروات السياسية هى فى الحقيقة ذات طابع (توزيعى) مثل سياسات الأجور والأسعار والضرائب والتعليم، وتدخل الدولة فى الإسكان والصحة والتأمينات، وذلك بتحديد الفئات المستفيدة من التوزيع، ومقدار ما يخصص لكل منها من القيم والمنافع، وعادة تقع النظم فى البلاد النامية فى تناقض حاد بسبب المفاضلة فى عملية التخصيص بين أى من اعتبارين، اعتبار اقتصادى أى يرتبط التوزيع بنوع العمل والكفاية، أو اعتبار اجتماعى، يعنى الاهتمام بفكرة العدالة الاجتماعية.

 

أما الأزمة الرابعة هى أزمة تخبط الذاتية الحضارية، وهى التى تدور حول محور الزمان وهى تتلخص فى ذلك التخبط الشديد عند اختيار نموذج حضارى، تنشده الجماعة السياسية فى إحياء القومية، والتحديث الحضارى والتنمية الشاملة، ولعل أبرز ملامح التخبط، هو عندما تخفق أمة فى تحديد هويتها الحضارية وتكمن جذور أزمة الذاتية فى عدة عوامل أبرزها، السيطرة الأجنبية، وما يترتب عليها من تشويه اقتصادى وحضارى واجتماعى ونفسى، وتعميق التبعية وشدة الاعتماد من جانب الشعوب على حكومتها لتحقيق الآمال الجماهيرية، أو شدة الاعتماد على الخارج، هذا باختصار أهم الجذور التاريخية ذات الأبعاد العميقة وراء المشكلات الوطنية الراهنة، والتى نواجهها اليوم بإنجازات شبه (معجزات) فى البنية التحتية للوطن ، وكأننا على موعد مع القدر، ويمهلنا الزمن مرحلة جديدة لكى نستكمل ما يوجه الأمة من عجز فى كل ماسبق ذكره، وهذا يتطلب الوقوف على قلب رجل واحد فى المرحلة المقبلة!