فوازير الأسعار.. والحكومة.. وجشع التجار!

فوازير الأسعار.. والحكومة.. وجشع التجار!

بقلم : محمد يوسف العزيزى

وزير التموين كان أصدر قرارا بضرورة كتابة السعر على أي سلعة تباع بالأسواق بطريقة لا يمكن معها محو السعر أو اللعب فيه، وأعطي الوزير مهلة حتى ديسمبر القادم لتنفيذ القرار ليتمكن المنتجون والتجار من تجهيز العبوات بأسعار السلع بشكل واضح عليها.

 

الخبراء والمواطنون قالوا: كتابة الأسعار وحدها لا تكفي ويجب تحديد أوزان العبوات وبلد المنشأ باعتبار أننا نستورد النسبة الأكبر من سلعنا الغذائية الأساسية.

 

وزير التموين أضاف – وهذا هو المهم – أن المخالفين سيطبق عليهم قانون الطوارئ، وفي هذا السياق دعونا نطرح بعض النقاط، وبعض الأسئلة التي لا إجابة لها عند الناس لكنها بالتأكيد لها إجابات عند الحكومة أو البرلمان أو الرئيس مع ملاحظة أن قانون الطوارئ لا يطبق إلا في حالة الطوارئ وهي عملية محكومة بفترات معينة لا يمكن تجاوزها طبقا للدستور !

 

  • الأسعار أصبحت حزمة فوازير، ومن يستطيع حلها يستحق جائزة كبري تفوق جائزة جورج قرداحي المليونية !

 

  • كانت الأسعار قبل قرار تعويم الجنيه أو تحرير سعر الصرف تتحرك ببطء إلى حد ما، وكان المواطن يتحايل – قدر استطاعته – على الزيادة في الأسعار بطرق ترهقه وغالبا تجعله يراجع باستمرار سلم أولوياته الضرورية في الحياة.. يعني كان قادر يعيش !

 

  • بعد تحرير سعر الصرف وقفزات الدولار الجنونية بلا منطق قفزت الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة وأصابها الجنون الحاد فانهارت مع الزيادة أولويات المواطن الباقية.

 

  • عاد المواطن ليعيد ترتيب ما بقي له من أولويات بعد أن تقلصت إلى الحد الأدنى الذي قد لا يعينه على الحياة ولو بكسرة خبز وشربة ماء، وإذا مرض فلا يستطيع شراء الدواء !

 

  • الدولار تراجع على استحياء إلى ما دون ال18 جنيه بعد أن وصل إلى مشارف ال20، ومع ذلك لم يتراجع سعر سلعة من السلع رغم تراجع سعر الدولار الجمركي أكثر من مرة !

 

  • في بلدنا يرتفع الدولار فترتفع معه الأسعار في التو واللحظة وربما لمجرد التفكير في الرفع بنسب تزيد كثيرا عن نسبة ارتفاع الدولار، وفي بلدنا يهبط الدولار فلا تهبط الأسعار على الإطلاق !

 

  • تجارنا الكبار من المستوردين وتجار الجملة والتجزئة لا يعرفون غير رفع أسعار السلع مع ارتفاع الدولار، وعند هبوطه أيضا !

 

  • يمكن أن نتفهم ارتفاع سعر السلع المستوردة مع ارتفاع سعر الدولار ( رغم ما في ذلك من جدل له علاقة بالدورة الاستيرادية ) لكن كيف نفهم زيادة أسعار السلع بشكل يكاد يكون يومي في سلع لا علاقة لها بالدولار أو اليورو مثل ساندويتش الفول وقرص الطعمية وعلبة الزبادي البلدي وكوب عصير القصب الذي صار سعره 5 جنيهات وصولا إلى حزمة الفجل والجرجير أدني طعام الغلابة !

 

  • هل يستطيع – أو يملك – وزير التموين تطبيق قانون الطوارئ على المخالفين من التجار الجشعين ويستمر وزيرا في وزارته ؟

 

  • هل حل فوازير الأسعار في وضع سعر السلعة عليها أم في تحديد سعر للسلعة يتناسب مع قدرة المواطن على شرائها ؟

 

  • هل يستطيع المواطن مناقشة بائع أو تاجر في سعر سلعة، وهل كل المواطنون لديهم القدرة والوقت على الإبلاغ عن المخالفين إلى أجهزة الرقابة والضبط، وهل تستجيب هذا الأجهزة لشكاوي المواطنين أم أنها ستتحول إلى مجرد رقم شكوى على جهاز كمبيوتر وينتهي الأمر ؟

 

  • الحكومة تطلق التصريحات عن أدوات للضبط والرقابة وتترك المواطن لآليات السوق القاتلة والتي لا يقدر عليها.. فهل بذلك تكون الحكومة قد أدت واجبها، وهل تستطيع الحكومة تحديد هامش ربح للتجار أم تخشي عقاب التجار لها ؟

 

  • فوازير الأسعار وجشع التجار لن يحلها غير القانون الواضح الذي يقطع رقاب الكبار قبل الصغار من المخالفين.. نحن نعلم والحكومة تعلم وأجهزة الرقابة والضبط والبرلمان ونوابه من كبار التجار والأعمال يعلمون أن ارتفاع أسعار السلع يبدأ من المصدر(المحتكر الكبير) وجشع الوسطاء وهم أصحاب المصلحة في السيطرة على السوق، وهؤلاء ما أكثرهم داخل دوائر الحكم والتشريع في البلد !

 

الرئيس وهو يفتتح مدينة غليون السمكية قال (الأوطان لا تبني بالخواطر.. الأوطان تبني بالانضباط والالتزام) والانضباط والالتزام ينظمهما القانون.. فهل يتحقق القول ونحن نسعى نحو تحقيق الأمن الغذائي الذي يعتبر درة تاج الأمن القومي؟ أرجو ذلك. نقلا من روزاليوسف