ياحلاوة شمسنا وخفة ظلنا.. وعظمة فننا!    

ياحلاوة شمسنا وخفة ظلنا.. وعظمة فننا!    

عزت السعدني – جريدة الأهرام

فاجأني مجموعة شباب تشرح القلب وتسر العين« كما كانت تقول جدتي لأمي ـ وقد جاءوا علي غير موعد بسؤال توقعته من أمثالهم ومن هم في مثل سني عمرهم.. وهي للحق أجمل سني العمر.. سني اليقظة والحلم والتفتح والشقاوة والجرأة في النقاش..وعدم الاقتناع بما يقدم لهم وما يقال لهم.. حلوا طيبا كان أم مرا علقما.. صحوا كان.. أم مطرا.. مقنعا للعقل كان.. أم محبطا للآمال!

 

قالوا: سنعيد عليك سؤالا طرحته أنت في كتابك: »100 سنة سينما«.. السؤال يقول: أين نحن من أفلام الزمن الرائع: العزيمة + الأرض + زينب + الزوجة الثانية + فاطمة + بين القصرين + قصر الشوق + لاشين + القاهرة 30 + الماضي المجهول + أرض النفاق + تمر حنة + الناصر صلاح الدين + وا إسلاماه + المليونير + وداعا ياغرامي + البوسطجي + جعلوني مجرما + المرأة المجهولة + الطريق + شئ من الخوف + الكرنك + البريء + أعز الناس + المومياء ؟

 

قلت: ياه.. دا أنتم مذاكرين كويس خالص!

 

قلت لهم: لقد نسيتم فيلما واحدا من أفلام ذلك الزمن الجميل يجمع كل ألوان الفن السينمائي والغنائي والرقص التوقيعي والموسيقي والقصة الجميلة التي تعيش فيها مع كل مشهد… بل كل لقطة في بهجة وانشراح وسعادة غامرة..

 

يسألونني: كل هذا في فيلم سينمائي واحد؟

 

قلت نعم.. ما رأيكم في فيلم «غرام في الكرنك»..؟

 

قالوا: آه صحيح عندك حق؟

 

تعالوا نستعرض معا هذا الفيلم الرائع الذي يجمع كل ألوان الفنون في عمل فني واحد… بل انه يقدم لنا أرقي ما وصل إليه الفن المصري في الستينيات وحتي الثمانينيات، وهي آخر سني الفن عندنا التي بعدها بدأت شعلة الابداع المصري في الاظلام رويدا رويدا… حتي اطفأها الغوغاء والدهماء الذين سيطروا علي الوسط الفني بفنهم الرخيص.. ممثلين «نص كم ».. وممثلات كثيرات منهن لا يملكن من ألوان الفنون إلا ما يصلح لغرف النوم… وكل ذلك بحجة أنهم نجوم شباك… وأن الجمهور عاوز كده!:

 

(1) قصة الفيلم بسيطة وسهلة دون تعقيد ودون انفعال… فرقة فنون شعبية استعراضية غنائية راقصة… مازالت في أول الطريق… دون تمويل من أي جهة حكومية أو متعهد أو ممول أو منتج عربي أو حتي أرمني.. جمعوا كل ما لديهم واستلف البعض وكونوا الفرقة… وراحوا يتمرنون شهورا حتي جاء وقت شعروا فيه بأنهم قد آن الأوان لكي يقدموا فنهم الراقي للجمهور المصري في كل مكان… واختاروا مكانا يبعد عن القاهرة بنحو 700كيلو متر هو مدينة الأقصر أعظم مدينة أثرية في العالم.. وقد اختاروها بالذات… لأنها مكان جذب للسياح القادمين من أنحاء العالم… وسوف تقدم لهم الفرقة ملامح الفن الشعبي المصري من رقص وغناء وتمثيل.

 

(2) وركبوا القطار ـ أيام أن كان لدينا قطار عظيم لا يتعطل ولا يحترق بركابه ولا يخرج عن القضبان ـ وفي القطار تحدث مفارقات وحكايات وقفشات ظريفة بطلها الكوميديان الذي لا يتكرر الذي اسمه عبد المنعم إبراهيم.

 

(3) ولكي يكمل العمل الدرامي تتسلل قصة حب وليدة بين بطل الفيلم محمود رضا وفريدة فهمي بطلة الفرقة، وهي راقصة شعبية جديدة في الفيلم طبعا… ولا بأس من قبلة مسروقة بين الحبيبين في القطار المسافر ليلا إلي الأقصر.. تعطي المشهد بهجة وحلاوة وطلاوة..