عماد الدين حسين:حسام حسن.. والفضائيات والتعصب

عماد الدين حسين:حسام حسن.. والفضائيات والتعصب

الكلمات التالية ليست لها صلة بالرياضة من حيث هى كرة قدم وخطط وفوز وهزيمة، بل هى فى صميم السياسة والأمن واستقرار المجتمع.

 

فى العاشرة من مساء الجمعة الماضية كان فريقا الزمالك والمصرى يلعبان معا فى الأسبوع الثالث من الدورى العام لكرة القدم فى ستاد برج العرب، باعتبار أن المصرى لا يلعب فى ملعبه ببورسعيد الذى شهد المذبحة البشعة وراح ضحيتها ٧٤ شابا من مشجعى فريق الأهلى فى الأول من فبراير ٢٠١٢.

 

الزمالك والمصرى كانا متعادلين بهدف لكل منهما، ثم تقدم الزمالك بهدف ثان، وفجأة وجدنا حسام حسن مدرب المصرى يحمل شارتين إحداهما حمراء والأخرى خضراء، ويسير فى أرجاء الملعب حاملا الإشارتين ليقول للجميع إن الأهلى والمصرى فقط هما الموجودان داخل قلبه، وليس الزمالك، فى حين كان هناك مشهد آخر لمدحت عبدالهادى نجم الزمالك السابق رأيناه بعد المباراة يحمل لافتة بيضاء أيضا للدلالة على حب الزمالك.

 

فهمنا بعد المباراة التى انتهت بفوز الزمالك،أن هناك هتافات بذيئة من الجمهور القليل، وكذلك مشاحنات بين حسام حسن وطارق يحيى مدرب الزمالك ومعه الجهاز الإدارى للزمالك.

 

ما فعله حسام حسن كارثة، وكذلك ما فعلته الفضائيات الحكومية والخاصة المتخصصة فى الرياضة، حيث تولت صب الزيت على النار بحثا عن نسب مشاهدة عالية، تحت ستار الرأى والرأى الآخر، اعتقادا أن ذلك سيصرف الناس عن السياسة!!.

ليلتها رأينا قنوات تستضيف مدربا ليسب الآخر، ثم تبحث عن الآخر أو مساعده، ليسب الأول بصورة أسوأ، بل ويتفوه بألفاظ جنسية بذيئة، ولا نرى أى اعتراض من المذيعين، بل ضحكات صفراء بلهاء.

 

يحدث هذا فى حين أن الجمهور غير مسموح له بحضور المباريات منذ كارثة بورسعيد ثم ستاد الدفاع الجوى لاحقا. لا يحضر إلا العشرات بدعوات شخصية، وبالتالى لا نفهم سر التوتر والقلق الذى ينتاب الأجهزة الفنية والإدارية للفرق المختلفة،إذا كنتم متوترين والملاعب خالية من الجمهور فماذا ستفعلون إذا عاد الجمهور؟!

 

لماذا تطارد القنوات اللاعبين والمدربين والإداريين ليشتموا بعضهم البعض على الهواء مباشرة، لماذ لا ينتظرون ويقولون كل ما يريدونه فى المؤتمر الصحفى المشترك أولا عقب أى مباراة، كما يفعل كل العالم المتحضر ونصف المتحضر، بل وحتى غير المتحضر؟!.

 

ما فعله حسام حسن غير مبرر وغير مفهوم، ولا يليق بنجم يفترض أنه العميد والكبير؟!.

 

هو سبق له وشقيقه ضرب أحد المصورين فى ستاد الإسماعيلية قبل نحو عامين، وتم حل الأزمة بدفع فدية للمصور، وهو يمارس عمله بطريقة الصراخ والزعيق وأحيانا سب اللاعبين معتقدا أن هذه هى طريق الشحن والتحميس!!. لا نتدخل فى عمله لكن ما يهمنا أنه قدوة ورمز لملايين الشباب، وبالتالى عندما يأتى بتصرف غريب، يفترض أن يقول له كل أولى الأمر: توقف.

 

هو لعب للزمالك سنوات، بصحبة شقيقه، ودرب الفريق لاحقا، الجميع يعرف أنه أهلاوى، وبالتالى فعندما يسير فى الملعب والمباراة يشاهدها الملايين ويتصرف بهذه الطريقة المتهورة، فإن الأمر لا يكون فرديا، بل يمس أمن الدولة الحقيقى فى الصميم.

 

وبغض النظر عن النوايا فإننى أدعو من دون مواربة أن يكون لاتحاد الكرة وقفة حاسمة لردع مثل هذه الظواهر الخطيرة.

لو أن اتحاد الكرة ردع سلوك حسام حسن فإن غيره سيفكر ألف مليون مرة قبل أن يكرره.

 

سيقول البعض إن حسام لم يخالف القانون حينما حمل الشارتين الحمراء والخضراء، حسنا ربما يكون ذلك صحيحا، لكن تخيلوا نتيجة هذا السلوك على زيادة وإذكاء التعصب الرياضى خصوصا بين جماهير الأهلى والزمالك. يقول البعض إن حسام فعل فعلته كرسالة للأهلى وجماهيره بأنه جاهز لتدريب الأهلى إذا تعثر فى بطولة الأندية الأفريقية.

 

الشارع المصرى محتقن لأسباب كثيرة ولا ينقصه أن يفعل حسام ما فعل، والجماهير المنفلتة والمحتقنة لا تحتاج إلى أكثر من عود كبريت صغير لتهيج وتتصرف بعشوائية وبالتالى المطلوب أن يتدخل الجميع لوقف هذا العبث قبل أن نستيقظ لا قدر الله على كارثة أخرى، ووقتها لن ينفع الندم. والنصيحة لمن يهمه الأمر، أن تربية الوحوش والغيلان وعلفها وتسمينها قد يرتد على الجميع، فاحذورا.

 

أما نتيجة ما حدث ليلة الجمعة، فأغلب الظن أنه سيعزز عدم عودة الجماهير للملاعب حتى إشعار آخر!!