الدور المأمول من مجلس النواب

الدور المأمول من مجلس النواب

د. محمد صفي الدين خربوش
بدأ مجلس النواب المصرى الجديد عقد جلساته وسط درجة عالية من التفاؤل بأداء المجلس مهامه التشريعية والرقابية على النحو الذى يتسق مع تطلعات الجماهير ويحقق آمالهم. ولن يتمكن المجلس من الاضطلاع بتلك المهمة إلا من خلال استخدام النواب السلطات التى منحهم الدستور إياها كى يمثلوا الشعب الذى منحهم ثقته أفضل تمثيل ممكن. ويعتبر البرلمان أو المجلس النيابى المنتخب التجسيد الحقيقى لمبدأ «حكم الشعب» من خلال انتخاب نواب تكون لهم سلطة التشريع أو صنع القوانين، والرقابة على أداء المؤسسة أو السلطة التنفيذية لمهامها. ولا توجد فوارق كبيرة بين الاختصاصات التشريعية الممنوحة لمجلس النواب الحالى عن نظيراتها فى معظم الدساتير المصرية السابقة، حيث يتمتع مجلس النواب بحق التقدم باقتراحات بقوانين جديدة أو إجراء تعديلات على القوانين المعمول بها، وبحق الموافقة على مشروعات القوانين المقدّمة من السلطة التنفيذية بعد مناقشتها. وفى ما يتعلق بالدور الرقابى أو بالوظيفة الرقابية، نص الدستور الحالى على منح مجلس النواب سلطات واسعة بصورة لم تحدث منذ دستور 1923. فقد اشترط الدستور حصول الحكومة بعد تكليفها من قبل رئيس الجمهورية على ثقة مجلس النواب قبل ممارسة عملها، وعلى حق مجلس النواب فى سحب الثقة من أحد الوزراء أو من الحكومة ككل، وعلى ضرورة موافقة مجلس النواب على إقالة رئيس الجمهورية للحكومة، وعلى ضرورة موافقة مجلس النواب على التعديلات الوزارية.

وبالطبع يحق للنواب تقديم طلبات إحاطة وأسئلة واستجوابات إلى أحد الوزراء أو إلى رئيس الوزراء، وقد يترتب على الاستجواب طرح الثقة بالوزير أو برئيس الوزراء، وقد يقدم المجلس على سحب الثقة، ويتحتم على من سحبت منه الثقة تقديم استقالته. ومن ثم، على نواب الشعب ممارسة أدوارهم التشريعية والرقابية سعياً لتحقيق مصلحة مصر والمصريين من خلال الحرص على دراسة ومراجعة مشروعات القوانين المقدمة من السلطة التنفيذية، سواء فى اجتماعات لجان المجلس المتخصّصة، أو فى الجلسات العامة؛ وعليهم التقدم بمقترحات لتعديل بعض مواد قوانين معمول بها، أو بإقرار قوانين جديدة تصب فى صالح المواطنين. وثمة اتجاه فى معظم النظم السياسية الديمقراطية بتزايد نسبة مشروعات القوانين المقدمة من السلطة التنفيذية، لكن يحتفظ البرلمان بحق الموافقة أو التعديل أو الرفض، باعتباره ممثل الشعب الذى سوف تطبق عليه تلك القوانين. وفى ما يتعلق بالوظيفة الرقابية، على النواب استخدام الأدوات الرقابية التى نص عليها الدستور للفت نظر رئيس الوزراء والوزراء إلى أوجه القصور التى يجب تلافيها.

ولا يعنى ذلك باليقين تصيد الأخطاء ولا المزايدة ولا الابتزاز للاستجابة لطلبات مقدمة لرئيس الوزراء أو لأى من الوزراء. بل يهدف النواب من استخدام طلبات الإحاطة والأسئلة والاستجوابات وطرح الثقة إلى تصويب المسار، وتجنّب الأخطاء التى عادة ما تُغضب المواطنين البسطاء، وتيسير حصول المواطنين على حقوقهم المشروعة التى كفلها لهم الدستور فى التعليم والصحة والمرافق العامة وغيرها. ولا ريب أن النظم السياسية الفاعلة، التى تحظى بدرجة مرتفعة من الشرعية المستندة بالأساس إلى رضا أغلبية المواطنين، هى نظم تحظى بسلطة أو مؤسسة تنفيذية قوية تضطلع بدورها بدرجة عالية من الكفاءة، إلى جانب مؤسسة تشريعية فعّالة تمارس دورها التشريعى والرقابى بأفضل طريقة ممكنة، تحقيقاً لمصلحة المواطنين الذين منحوا النواب أعضاء البرلمان ثقتهم، كى يتحقق «حكم الشعب» فى أفضل صورة ممكنة