نصر أكتوبر رمز التحدى والصمود

نصر أكتوبر رمز التحدى والصمود

د. إبراهيم نجم
لم يكن نصر أكتوبر المجيد مجرد معركة خاضتها قواتنا المسلحة الباسلة لكسر شوكة العدو الصهيونى واستعادة الأرض المحتلة، بل كان إعجازا حقيقيا يعكس مدى قوة وصلابة الإرادة المصرية وصمود الشعب المصرى أمام التحديات والعقبات.

لا بد أن نتأمل فى معجزة نصر أكتوبر من جذورها التاريخية، ولا بد أن نعلم أن المعجزة الحقيقية كامنة فى الشخصية المصرية وفى الروح المصرية، تلك الروح الوطنية العظيمة التى استطاعت فى سنوات قليلة أن تحطم جميع التوقعات التى ارتأت أن مصر باتت خارج الحسابات، ولن تقوم لها قائمة بعد نكسة يونيو، لكن الإرادة المصرية كان لها قرار آخر، حيث استطاعت أن تعيد بناء القوات المسلحة المصرية، وترفع من درجة الكفاءة العسكرية والقوة القتالية فى وقت قصير جدا، لقد تحول الشعب المصرى كله إلى جنود أوفياء لوطنهم فى معركة استعادة الأرض واستعادة الكرامة، لذلك جاء نصر أكتوبر المجيد على جسر من التضحيات ودماء الشهداء الذين لم يجعلوا العدو ينعم بلحظة راحة واحدة بعمليات استنزاف خارقة داخل معسكرات العدو، أرهقت العدو وشتت تفكيره وأفسدت خططه، وفهم الجميع أن الحرب مع مصر ليست نزهة إنما هى مهلكة حقيقية، وأن الهزيمة الكبرى آتية لا محالة، لا ننسى أن مصر فى نفس هذا التوقيت كانت تخوض معركة ضارية مع أفكار تنظيم الإخوان الإرهابى، الذى كان شوكة فى ظهر الوطن تعمل على إضعافه لصالح العدو الصهيونى، لذلك من المهم أن نضيف أن انتصار مصر فى تلك الفترة على تنظيم الإخوان الإرهابى هو عامل مهم من عوامل نصر أكتوبر، هذا العامل لا يحظى كثيرا بالاهتمام لدى المثقفين والمحللين، لقد دخلنا أكتوبر بلا خونة ولا عملاء ولا فصيل يتمنى الهزيمة لوطنه باسم الدين، فتحقق النصر المبين الذى نستمد منه جذوة الروح الوطنية الأصيلة حتى اليوم، لقد انعكس نصر أكتوبر على مصر باسترداد الكرامة ورفع الرأس، وأثبتنا للعالم كله أن مصر لا تنهزم ولا تنكسر ولا تفرط فى ذرة رمل واحدة من أرضها، وأن أبناءها الأبرار كلهم جنود ذوو بأس وصلابة، مستعدون لبذل أرواحهم ودمائهم حتى تكون راية مصر عالية خفاقة تعكس عظمة وبسالة خير أجناد الأرض.

ولذلك فإن احتفالنا بنصر أكتوبر ليس مجرد فرحة وغناء، ولكنه تجديد سنوى للعهد مع الوطن يعنى أننا نحافظ على مكتسباته وعلى منجزاته بأرواحنا ودمائنا، وأننا نخوض جميع المعارك المفروضة علينا وأن نقف خلف القائد جنودا أوفياء بنفس روح أكتوبر، وفى وجه كل التحديات التى تواجهنا فى المعركة الأهم وهى معركة إعادة بناء الوعى والروح الوطنية، التى تعمل جماعة الإخوان الإرهابية على قتلها بخرافات استعادة الخلافة والحاكمية والحكم على المجتمعات والجيوش الوطنية بالجاهلية والكفر، وكذلك فى حربنا على إرهاب الأفكار والمعتقدات المنحرفة وهى لا تنفصل أبدا عن حربنا على الجماعات الإرهابية المسلحة فى سيناء وعلى كل شبر من أرض مصر، ونحتاج إلى روح أكتوبر أيضا فى معركة محاربة الفساد واستعادة دولة القانون وتعظيم شأن مخالفة القوانين، بحيث نقضى تماما على الاستخفاف بالنظام وبالقانون الذى انعكس على حياتنا الاجتماعية والاقتصادية انعكاسا سلبيا، ونحتاج إلى روح أكتوبر فى معركة البناء والتنمية وبذل الجهد والعرق حتى تستعيد مصر مكانتها اللائقة بها حضاريا وتاريخيا، هذه المعارك والتحديات التى يقودها القائد الفذ الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى أخذ على عاتقه عدم تأجيل أو تسويف أى منها، فمصر فى الحقيقة تدفع الآن ثمنا باهظا نتيجة التسويف والتأجيل الذى اتسمت به بعض الفترات من قبل، إن العقول والهمم المصرية التى يعمل فخامة الرئيس السيسى على استنهاضها واستنفارها من أجل بناء مصر القوية الحديثة، هى العقول التى عرفت أن فكر الجماعات الملوث هو فكر هدام لا يبنى وطنا ولا ينهض بأمة، وإن سواعد أبناء مصر التى تبنى وتعمر وتسير خلف القائد الذى يعمل ليل نهار من أجل تحقيق التقدم والتحديث والتطوير اللائق بمكانة مصر، هى سواعد لا تعرف الهدم ولا الإرهاب، بل لا تتقن إلا البناء والعمل الجاد الطموح وبذل الجهد والعرق من أجل تحقيق ما ترنو إليه عين الرئيس من مستقبل مشرق زاهر للأجيال القادمة، لقد استطاع الرئيس عبدالفتاح السيسى أن يجعل الشعب المصرى بروح وعزم وصلابة نصر أكتوبر أمام مواجهة تحديات كثيرة فى هذا العصر، لأن المعركة مهما كانت لا يمكن أن يتحقق النصر فيها إلا بالشعب وبتفهم الشعب لمتطلبات الإصلاح الحقيقى وليس إصلاح الهتافات والصراخ الحنجورى والأصوات العالية، التى لا تجيد الفعل ولا الإنجاز بقدر ما تجيد الصراخ والهتاف، إننا على يقين أن عملية الإصلاح الحقيقية التى يقودها الرئيس السيسى أشبه بجراحة مؤلمة نتيجة التراكمات السالفة، لكننا ندرك مهارة الجراح ومعرفته بالداء وقدرته على إجراء الجراحة، وما علينا إلا أن نصبر صبر من يرجو حقا الشفاء من هذا الداء، وأهم ما يميز شخصية الرئيس السيسى الصدق والصراحة المطلقة مع الشعب، ولا بد أن نثمن وأن نشكر له هذه الصراحة مهما كانت قاسية مؤلمة، ولا بد أن نثق فى القيادة الحكيمة للرئيس السيسى، الذى أثبت بألف برهان حبه لوطنه وشعبه وحرصه على تحقيق العبور العظيم بمصر، نستطيع أن نطلق عليه عبور التحديث العظيم، نصر الله مصر وقائدها وشعبها.