التوحش في قلب الليل التركي

التوحش في قلب الليل التركيد

د.جهاد عودة
هناك علاقة واضحة بين العمليات الجهادية السوريه والعمليات الجهادية الليبيه. حيث يبرز اسماء عبد الحكيم بلحاج ومهدي الحراتي. ويعرف حاراتى بأنه ” الذى قبل جبين اردوغان” ومتورط رئيسى فى اسقاط القذافى فى ليبيا .

كانت ليبيا مقرًا للجماعات الجهادية من عام 2011 فصاعدًا ، حيث نقلت الولايات المتحدة جحافل من الجهاديين والأسلحة من ليبيا إلى سوريا على متن سفن . استقرت السفن في ميناء الاسكندرونة وتم اعتماد الطريق البرى السريع لإيصال الأسلحة إلى سوريا. وكشفت صحيفة جمهوريت التركية اليومية عن خطة تسليم الأسلحة الى شاحنات تركيه. في ذلك الوقت ، لم تر الحكومة االتركيه أي ضرر في نقل الجهاديين إلى سوريا عبر تركيا تحت رعاية بعض الحكومات الأجنبية والعربية، فى ذلك الوقت كانت مستشفيات اسطنبول ذات يوم تعج بالجهاديين الليبيين. ويعتبر مهدى الحاراتي نموذجا للعلاقة المعقدة.

مهدي الحاراتي أو المهدي الحاراتي من مواليد عام 1973 هو أيرلندي-ليبي والقَائد السابق لكتيبة ثوار طرابلس خلال الحرب الأهلية الليبية. كمَا كان قائدا لجماعه الأمة وهي جماعة مُسلّحة ليبية وبعدها صارت تُقاتل الحكومة السورية في الحرب الأهليّة. بل اندلاع الثورة ومن بعدها الحرب الأهلية في ليبيا؛ كان الحاراتي مدرسًا للغة العربية في مدينة دبلن حيثُ كان يعيش مع عائلته وَزوجته الأيرلندية. وصفته صحيفة دي فولكس كرانت – وهي صحيفة يومية هولندية – بأنه الشخصيّة الأبرز في معركة تحرير طرابلس كما وُصفَ بأحد أهم قادة الثوار في الحرب الأهلية.

فيما قالت الصنداي تايمز – وهي صحيفة بريطانية – في تقريرٍ لها أنّ المهدي ورجاله اقتحموا مقر إقامة القذافي السابق في باب العزيزية. عُيّنَ المهدي في وقتٍ لاحقٍ كنائب لقائدٍ مجلس طرابلس العسكري. في 11 أكتوبر 2011؛ استقالَ الحاراتي من منصب نائب رئيس المجلس العسكري في طرابلس وسط توترات أمنية في العاصمة.

حينها قالت صحيفة تايمز الأيرلندية نقلًا عن مساعدي الحاراتي أنّ هذا الأخير قد استقالَ «لأسباب شخصية» فيما قال مسؤولٌ كبيرٌ في المجلس الوطني الانتقالي لشبكة سي إن إن، إن الاستقالة كانت بسبب «خلافات مع المجلس الوطني الانتقالي حول التخطيط لأمن طرابلس»؛ بينما قالَ فتحي الورسلي عضو المجلس العسكري في طرابلس إنّ الحاراتي سيستمر قائدًا للواءِ طرابلس. بعد تورطه في الحرب الأهلية الليبية؛ ذهب الحاراتي في «مهمة تقصي حقائق» إلى سوريا؛ وبعد مناقشات مع أعضاء من المعارضة السورية قرّر مهدي تشكيل الجماعة المسلحة لواء الأمة. بعد ستة أشهر من قيادة لواء الأمة؛ استقالَ الحاراتي في سبتمبر 2012، وسلّم قيادته إلى الجيش السوري الحر. بحلول عام 2014؛ انتُخبَ الحاراتي كعمدةٍ لمدينة طرابلس عاصمة ليبيا. وَفي 27 فبراير 2017؛ وقعَ الحاراتي ضحية لهجومٍ من جماعات منافسة اعتُقل فيه في مالطا.

وُضع الحاراتي في قوائم الإرهاب لدى عددٍ من الدول العربيّة وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة، البحرين، المملكة العربية السعودية، مصر ودول أخرى بسببِ تهمٍ تتعلّق «بدعمِ الإرهاب» كما اتُهمَ بالانضمامِ إلى جبهة النصرة في سوريا. أُعيد الحديث عن اسمِ مهدي الحاراتي خِلال الأزمة الدبلوماسية معَ قطر حينما اتهم «الحِلف الرباعي» الدوحة بدعمِ الحاراتي ماديًا في إطارِ رعاية قطر للإرهاب الدولي.

كان مهدي الحراتي أحد أعضاء الأسطول التركي الذي جلب المساعدات إلى غزة في عام 2010 وواجه هجمات من إسرائيل. كاد الحراتي أن يقبل جبهة أردوغان عندما زار رئيس الوزراء آنذاك الجرحى في الحادث الذي وقع في مستشفى Harati. على الرغم من أن الإسبان طلبوا فى تحديد دوره في هجمات مدريد الدموية عام 2004 الا انه لم يتم العثور عليه. فقد شوهد حاراتي في جبل الزاوية في سوريا بالقرب من إدلب في أكتوبر 2011.

من ناحية أخرى ، وهناك رفيق له عبد الكريم بلحاج والذى أدخل تركيا عدة مرات بين عامي 2011 و 2012. حيث قام تنظيم وحدة قوامها حوالي 1500 عضو في سوريا وكان لديه مكتب في انجرليك. بصرف النظر عن هذين الرقمين الرمزيين ، فقد لعب المئات من الجهاديين الليبيين الآخرين دورًا في الحرب السورية. ولكن ظهر حاراتي وبلحاج مرة أخرى في عام 2017 وسط الأزمة القطرية السعودية التي شملت دول خليجية أخرى.

قال مقاتل ايرلندي اخر من أصل ليبي ان مقاتلين متمرسين شاركوا في الحرب الاهلية التي شهدتها ليبيا جاءوا الى الجبهة السورية ليدربوا وينظموا مقاتلي المعارضة السورية وسط ظروف اشد قسوة بكثير من المعركة. ولعب ايرلنديون من اصول ليبية دورا كبيرا. مثلا ولد المقاتل حسام النجار لأب ليبي وأم ايرلندية واشتهر باسم سام. وهو قناص محترف كان من أفراد وحدة المعارضة الليبية التي اقتحمت مجمع القذافي في طرابلس بقيادة مهدي الحراتي والذى كان قائد ميليشيا من منطقة الجبل الغربي في ليبيا. وقاد الحراتي وحدة في الجيش الحر اغلبها من السوريين لكنها تضم أيضا بعض المقاتلين الاجانب من بينهم 20 من كبار أعضاء وحدته الليبية.

وقال النجار ان الحراتي طلب منه المجيء من دبلن والانضمام اليه. وذكر النجار ان من بين الليبيين الذين يقدمون العون لمقاتلي المعارضة السورية خبراء في الاتصالات والامدادات اللوجستية والقضايا الانسانية والاسلحة الثقيلة وأنهم يشرفون على قواعد تدريب توفر تدريبات لياقة وتكتيكات قتالية. وقال النجار انه دهش من قلة تسلح وتنظيم مقاتلي المعارضة السورية ووصف الاغلبية السنية في سوريا بأنها كانت مطحونة ومقموعة تحت نظام الرئيس السوري بشار الاسد أكثر مما كان الليبيون يتعرضون له تحت نظام القذافي.

وقال “صدمت. لا يمكن رغم كل ما تسمعه ان تتخيل ما سوف تراه. وضع المسلمين السنة هناك.. حالتهم الذهنية.. مصيرهم.. كل هذا تآكل ببطء على مر الزمن بفعل هذا النظام”. وأضاف “كدت أبكي من أجلهم حين رأيت الاسلحة. البنادق لا تصلح إطلاقا. يباع لنا مخلفات حرب العراق.. مخلفات من هنا وهناك. ولحسن الحظ هذا مجال نستطيع ان نساعدهم فيه. نعرف كيف نصلح السلاح وكيف نصونه نعرف كيف نرصد المشاكل ونحلها”. وخلال خمسة أشهر منذ وصوله الى سوريا أصبحت ترسانة مقاتلي المعارضة “أقوى خمس مرات عن ذي قبل”. وحصل المقاتلون على مدافع أكبر مضادة للطائرات وبنادق للقنص. أما سوء التنظيم فمشكلة خطيرة. وعلى النقيض من مقاتلي المعارضة الليبية الذين تمتعوا بحماية حلف شمال الاطلسي الذي فرض حظرا جويا على ليبيا وكان بوسعهم اقامة معسكرات كاملة للتدريب لا يستطيع مقاتلو المعارضة السورية الافلات من سلاح الأسد الجوي.

وقال النجار “في ليبيا مع وجود منطقة الحظر الجوي كان بوسعنا ان نحشد ما بين 1400 و1500 رجل في مكان واحد ونشكل كتائب وألوية. هنا (في سوريا) الرجال متفرقون هنا وهناك وفي كل مكان”. وذكر النجار انه على الرغم من ان الكثير من وحدات المعارضة تقاتل تحت لواء الجيش السوري الحر فإن قادتها قادة محليون يفتقرون الى التنسيق فيما بينهم.

واستطرد “أحد العوامل الكبرى التي تؤخر الثورة هو الافتقار الى الوحدة بين المعارضين… للاسف حين تصبح ظهورهم للحائط حينها فقط يدركون ان عليهم ان يتحدوا”. وتحولت الانتفاضة السورية الى حرب أهلية شاملة أبعادها طائفية وضعت المعارضة وغالبيتها من السنة في مواجهة قوات الامن التي تسيطر عليها الاقلية العلوية التي ينتمي لها الاسد.

وتدعم الاسد ايران الشيعية وتقف ضده غالبية الدول العربية التي يحكمها السنة. وقال النجار ان الامر “لم يعد مجرد سقوط الاسد. الامر متعلق باستعادة المسلمين السنة في سوريا بلادهم وإبعاد الاقلية التي تقمعهم منذ اجيال”. ووجود مقاتلين أجانب قضية حساسة بالنسبة لمقاتلي المعارضة السورية. فحكومة الاسد دأبت على الاشارة اليهم باسم “الميليشيات الخليجية التركية” متهمة دول الخليج السنية وتركيا بتسليحهم وتمويلهم وقيادتهم. وتعرف الوحدة التي يقودها الحراتي قائد الميليشيا الليبي بلواء الأمة في اشارة الى الامة الاسلامية. وقال النجار ان آلافا من المقاتلين السنة في العالم العربي يتجمعون في دول الجوار استعدادا للانضمام الى القضية.

وأضاف أن الحراتي يحجم عن تجنيدهم خوفا من ان يضر الربط بين الاسلاميين الاجانب وتنظيم القاعدة بقضيته لكنه صرح بأن كثيرين من الاجانب وصلوا الى سوريا من تلقاء أنفسهم. وفي صفحة لواء الامة على فيسبوك تظهر صورة للنجار وهو يصوب بندقيته نحو منطقة مفتوحة. كما تظهر صورة اخرى له مع الحراتي ومقاتلي المعارضة. وفي فيلم بث على يوتيوب ظهر الحراتي وهو يقود هجوما على نقطة تفتيش في معرة النعمان بسوريا.

وأضاف “الحكومات الغربية تجلب كل هذا على نفسها. كلما تركت الباب مفتوحا امام استمرار هذا التعذيب وهذه المذبحة كلما ترك الشبان ما في هذه الدنيا بحثا عن حياة الآخرة”. واستطرد “اذا لم يتحرك الغرب والدول الاخرى سريعا فلن يقتصر الامر على شبان مثلي.. الشبان العاديون الذين قد يفعلون اي شيء من تدخين سيجارة الى الخروج في نزهة.. بل سينضم شبان متطرفون حقا سينقلون الأمر الى مستوى آخر”. في ذلك العام ، نشرت المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة ومصر إعلانًا مشتركًا لـ 52 شخصًا ارهابيا.

تضمنت القائمة بعض كبار المسؤولين القطريين. كما شارك فيه مهدي الحراتي وعبد الحكيم بلحاج.

اعترف مهدي الحراتى بتلقيه المال من المخابرات المركزية الأمريكية من أجل تنظيم مقاتلين معارضين للقذافي عام 2011، وفق مقال صادر عن صاندي ورلد أرتيكل في 6 اكتوبر 2011، تمت سرقة مبلغ 200 ألف يورو وعدد من المجوهرات القيمة من منزله في دبلن، يقول التقرير أن عصابة إجرامية في تلك المنطقة عثرت على مظروفين يحتويان على رزم من فئة 500 يورو أثناء السطو على منزل عائلة الحاراتي في 6 اكتوبر ، قالت الصحيفة في وقته، التي يبدو أنها استقت معلوماتها من مصادر في الشرطة أن الحارّاتي الذي كان مقيما في دبلن وعمل كمدرس للغة العربية لمدة 20 عاما، قال للشرطة الأيرلندية أنه “تلقى الأموال التي سرقت من وكالة مخابرات أمريكية”. صعق ضباط الشرطة الأيرلندية عندما أخبرهم مهدي الحارّاتي بأنه كان قد “سافر إلى فرنسا، أمريكا وقطر، وأن عملاء لوكالة المخابرات الأمريكية سلموه كميات كبيرة من المال لدعم جهود إسقاط القذافي، وأنه ترك المظروفين المذكورين مع زوجته، تحسبا لأي طارئ وعاد مع الأموال الباقية إلى ليبيا”.

والجدير بالملاحظة أن مهدي الحارّاتي، استقال من المجلس العسكري في طرابلس بعد بضعة أيام على حادثة سرقة الأموال تلك أواخر عام 2011 م، بعد اسقاط نظام العقيد البدوي القذّافي ومقتله. بتاريخ 17 دسمبر 2011، كتبت صحيفة أيه بي سي الأسبانية تقريرا صحفيا بقلم دانيل إيريارتي بعنوان: إسلاميون ليبيون يتوجهون إلى سوريا لدعم الثورة، أثناء زيارة السيد إيريارتي الثوار الليبيين في سوريا التقى ثلاثة منهم: آدم كيكلي الذي قال إنه يعمل تحت إمرة بلحاج، فؤاد وهو حارس شخصي، ومهدي الحارّاتي شخصيا، أخبر الحارّاتي المراسل الأسباني أنه مع أصدقائه في سوريا لدراسة احتياجات “الثوار السوريين وليس للقتال”، لكن ما الذي يفعله عميل للسي آي إيه في سوريا، والجواب الذي أخبره للمراسل هو تماما الجواب الذي ستناله من أي عميل للسي آي إيه في سوريا إن وقع بقبضة السلطات، لكن الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو اعترافه للمراسل الأسباني، بأنه أصيب أثناء اقتحام سفينة مرمرة (أسطول الحرية) وأنه سجن 9 أيام في سجن في تل أبيب، من العجيب فعلا أن هذا المرتزق عميل السي آي إيه المسلم والرفيع المستوى مستعد دائما لمقارعة زعماء البلدان الإسلامية (سواء كانت علمانية أم لا) نيابة عن الناتو، كما أنه ناشط مؤيد للقضية الفلسطينية (ومعاد للسامية)! إلا إن كان بالطبع على متن مرمرة كجاسوس لحساب الموساد، ويبدو أن الإرهابيين الإسلاميين السابقين الذين تحولوا إلى مقاتلي حرية تابعين للناتو هم مجرد مرتزقة يعملون في خدمة من يدفع لهم مئات آلاف الدولارات.