كأس القارة العذراء والقدرة الشاملة

كأس القارة العذراء والقدرة الشاملة

بقلم : أيمن عبد المجيد
كان أكبر من حفل افتتاح بطولة رياضية قارية، بل تأكيدًا على القدرة المصرية الشاملة.

لكن ما هو الفرق بين القوة، والقدرة، وما تأثير كلٍ منهما في الآخر؟
القوة: تعني مجموع الطاقات والإمكانات والوسائل المادية وغير المادية، المنظورة وغير المنظورة، التي بحوزة الدولة، يستخدمها صانع القرار في فعل مؤثر، يحقق مصالح الدولة، ويؤثر في سلوك الآخرين.

القدرة: هي محصلة الاستثمار الأمثل لعوامل القوى المادية والمعنوية؛ لتحويلها إلى فعل مؤثر يُسهم في تحقيق أهداف ومصالح الدولة.

وكثيرًا ما يختلط على البعض المصطلحان، أو يُستخدمان كبديلين، بينما الفرق الجوهري، هو أن القوة، مجموع إمكانات الدولة، “بشرية واقتصادية ودبلوماسية، وبنية تحتية”، كل ذلك يصب في تعظيم القدرة الشاملة، التي تُقاس بمدى تأثير الدولة، وقدرتها على الفعل.

فما حدث في استاد القاهرة، مساء أمس الأول، من فعل على الأرض، بهذه الاحترافية، وفي مدى زمني ضئيل، بضعة أشهر من تاريخ إسناد تنظيم بطولة كأس الأمم الإفريقية لمصر، ما هو إلا مؤشر على تعاظم قدرة الدولة المصرية، بما أتته من فعل مبهر حظي بإشادات عالمية.

وما كان لهذه القدرة أن تظهر، لولا تنامي عناصر القوة.. ببساطة، ما حدث على أرض مصر من إصلاحات جذرية، وتطوير للبنية التحتية، واستعادة الأمن، وقوة الدبلوماسية، لتصحيح الصورة الذهنية بشأن ما حدث ويحدث في مصر.

والقدرة الشاملة للدولة المصرية، عمادها القوة البشرية، هذا الشعب العظيم، الواعي، صاحب الإرادة القوية، الذي تنامي وعيه، وقهر التحديات، صحح مسار ثورته، وحافظ على دولته، وتحمل آلام جراحات الإصلاح الاقتصادي.. لذا من المهم تعزيز قوة الإنسان المصري.

الإنسان، قوي العقل والبنيان، بما بدأته الدولة من إصلاحات بالمنظومة الصحية، وما ينبغي من إصلاحات حقيقية جذرية للمنظومة التعليمية، والثقافية، لخلق أجيال صحيحة الجسد، سليمة الفكر، تمتلك عقلًا نقديًا، وقدرة على الإبداع والابتكار.

بالأمس كان مشهدًا رائعًا، آلاف من شباب مصر، في استاد القاهرة، ملتزمون بالنظام، مظهر حضاري، عقب مباراة الافتتاح والاحتفال، وجدنا من يقوم بعمل تطوعي للمشاركة في تنظيف الاستاد، تحول كبير في ثقافة العمل التطوعي، والحفاظ على الإنجاز.

الرسائل كانت بليغة، فكما قال الرئيس عبدالفتاح السيسي للمنتخب: “نريد أن نقدم أنفسنا للعالم”، فمصر بالتنظيم المبهر لهذه البطولة تقول:

١- مصر آمنة، فها هي تحمي ضيوفها، ومدرجاتها تكتظ بالآلاف، بعد سنوات من خلو المدرجات.

٢- قدرة بنيتها التحتية عالية، وقدرتها على الإنجاز تفوق الوصف، فهي التي تنشأ ٢٠ مدينة في وقت متزامن، وهي التي حفرت فرعًا جديدًا لقناة السويس في عام، وهي التي طوّرت آلاف الكيلومترات من الطرق، وطوّرت استاداتها في مختلف المحافظات في أشهر.

٣- مصر تعبر إلى عصر تطبيقات التكنولوجيا، واحترافية التنظيم، فقد استحدثت “تذكرتي”، للحجز الإلكتروني، والتنظيم الاحترافي.

٤- مصر التاريخ والحضارة، الهرم في الحفل كان مكونًا رئيسيًا، وحضور نهر النيل شريان الحياة في إفريقيا، النور الذي انطلق من الهرم للسماء، رسالة ضمنية مفادها من هنا، من هذه الأرض الطيبة، خرج شعاع العلم والحضارة، لينير العالم.

القدرة الشاملة للدولة المصرية تتعاظم، تُشعر كل وطني مخلص بالفخر، ومن لم ينتبه لذلك عليه أن ينظر بعين العدل، لما تحقق في السنوات القليلة الماضية، مقاسًا على حجم التحديات.

في مجال القوة العسكرية:

تنويع مصادر التسليح، رافال فرنسي، غواصات ألماني، حاملات طائرات فرنسية، ومقاتلات روسية، وأسلحة من كوريا الجنوبية، الرسالة: “نمتلك مصادرنا لا نخضع لسيطرة المصدر الواحد”.

الاقتصاد:
عبور التحديات، وجذب استثمارات، ونهوض بالاحتياطي النقدي، وارتفاع معدلات التنمية، وتنويع مصادر الدخل القومي.

استعادة قوة البنية التحتية:
طاقة متنوعة، وطرق، وتوسع عمراني، ٢٠ مدينة تحت الإنشاء في مقدمتها العاصمة الإدارية الجديدة، تستوعب في مجملها ثلث شعب مصر “٣٠ مليونًا”، مما يُسهم في تخفيف التكدس في كل ربوع مصر، وتحسين جودة الحياة.

تعظيم مبدأ حقوق الإنسان بمفهومه الأعم:

بداية من حماية الحق في الحياة الكريمة، والعدالة الاجتماعية، عبر القضاء على العشوائيات، وطوابير الانتظار في المستشفيات، وقوائم الغارمين والغارمات في السجون، فضلًا على برامج التكافل والرعاية الاجتماعية، التي تتحسن تدريجيًا.

تنامي القوة الدبلوماسية:
بسياسة الانفتاح على العالم، بما يحقق مصلحة الدولة المصرية، علاقات طيبة من قوى العالم المتصارعة، أمريكا وروسيا والصين، عودة للعمق الإفريقي، وقوة التنسيق العربي.

تنامٍ في عناصر القوة المصرية، انتهى بتعظيم القدرة الشاملة للدولة على الفعل والتأثير في محيطها وقارتها.

أثمر تعزيز ثقة العالم في مصر، بما ينعكس على جلب الاستثمارات، وعودة السياحة، التي لم تعد فقط ترفيهية وشاطئية، بل تنامت بقوة سياحة المؤتمرات، التي تصب جميعها في مصلحة الاقتصاد المصري والمواطنين.
بطولة كأس الأمم الإفريقية، تنعش قطاع السياحة، والطيران والنقل والمواصلات.

مصر تسير على الطريق الصحيح، نتاج إصلاحات عززت القدرة الشاملة للدولة، إلى مزيد من التقدم، إن شاء الله، لتحقيق الخير لشعبها العظيم وأمتها العربية وقارتها الإفريقية.روزاليوسف