فاروق جويدة: لا أحب النهايات

فاروق جويدة: لا أحب النهايات

نقلا عن صحيفة الاهرام

لا أحب نهايات الأشياء.. لا أحب نهاية العام لأننا نقطع من شجرة العمر فروعا نلقيها للمجهول ولا نملك استرداد ساعة منها.. ولا أحب فراق الأحباب مهما كانت أسبابه لأنه لا يترك لنا غير العذاب والوحشة..

 

 

ولا أحب هجرة الأماكن لأن المكان ليس مجرد أرض سكناها وعشنا بين ربوعها إنها عمر وذكريات وحياة.. كان الموسيقار محمد عبد الوهاب لا يحتفل بعيد ميلاده ويقول إن الإنسان كائن غريب كيف يحتفل بسقوط عام من عمره وهو يعرف انه مثل الشجرة حين تتساقط أوراقها أمام خريف عاصف..

 

إن كل الأشياء فى الحياة لها عمر وتاريخ ورحلة بقاء كل يوم يعبر علينا ويصافحنا مودعا نحن على يقين أنه وداع أبدى فلا عودة لما رحل.. وكلما اقتربت نهاية العام تطل علينا نفحات الخريف وتتساقط أوراق الشجر ويتغير لون السماء ويزداد إحساسنا بوحشة الأشياء حولنا..

 

أنا لا ألوم هؤلاء الذين يحتفلون بأعياد الميلاد ونهاية العام وإذا كان ولابد من تكريم الأيام فإن بداية العام هى الأحق بالتكريم..إننا فى بداية العام نزرع الأمل ونجدد رحلة الأحلام وننظر للأفق البعيد ونحن نتصور عالما جديدا وإنسانا أكثر ترفعا ونبلا ولكن وداع عام رحل ربما حمل لنا أحزانا لا نريد أن نلقيها على كاهل عام جديد وربما حدثت لنا أشياء من بشر أحببناهم أو وثقنا فيهم وكانوا لنا مصدر الأمن والأمان ولكن الأيام غيرتهم ولم يعد الزمان كما كان إن الشيء الموحش فى رحلة الإنسان أن يجد الجحود فى نهاية المشوار ويشعر أنه زرع الورود فى صحراء قلوب جرداء..

 

إذا كان العام يرحل..والرفاق يهاجرون والأماكن تغيرت ملامحها والبشر لم يعودوا كما كانوا..إننى أفضل أن ألقى بعيدا أحداث عام لم يكن كما تمنيته ولكن علينا أن نكمل المشوار حتى لو سقطت على رءوسنا حجارة من هنا أو هناك أو أصابتنا جراح من أياد اعتادت على ذلك..

 

هو عام سيرحل بعد أيام حاول أن تصافحه بشيء من الود حتى لو كان الوداع ثقيلا ولكن لا تنسى هناك عام جديد ينتظر على بابك ربما كان أكثر رحمة ونبلا وترفعا..الأيام مثل البشر أخلاق