محتاجين نتعلم بشكل جيد

محتاجين نتعلم بشكل جيد

د.احمد فخرى

ما زالت قضية التعليم تشغل بال معظم الأسر المصرية ، ومازال عدم الاستقرار يسود معظم الدوائر المهتمة بقضية التعليم ، كقضية هامة فى بناء مصر الجديدة.

 

مازال ينقصنا التوجه العام و الاستراتيجيه القومية واضحة المعالم للنهوض بالتعليم فى مصر ، مازلنا فى حيرة فى رؤية مكتملة المعالم للسير نحو تحقيق منظومة جديدة شاملة وافية للنهوض بالتعليم على كافة المراحل والمستويات، هناك دول كثيره فى العالم مرت بنفس الظروف التى مرت بها مصر من إهمال شامل جامع للتعليم ومستوى الوعى المعرفى ببلادها ، ولدينا العديد والعديد من الدول الآن كنموذج على النهوض بجودة العملية التعليمية فى بلدها سنغافورة ، ماليزيا ، الصين، والتعليم الفنى ، والعديد من الدول الأفريقيه ، ودول أمريكا الجنوبيه البرازيل كمثال.

 

نحن أمة أصبحت فى خطر حقيقى بدون نوعية تعليم جيد يرتقى بعقول الأجيال القادمه وتطوير وتنمية العقول الحاليه ، أصبح هناك خطر حقيقى يواجه قضية التعليم فى مصر ، وهو خطر مافيا رجال الأعمال المحتكرين للمدارس والجامعات والمعاهد بل أيضا المراكز التعليمية فى مصر ، ناهيك عن مافيا الكتب الخارجيه

منذ زمن بعيد عندما تفشي التعليم الخاص فى مصر واقتصر على أولاد الطبقة العليا ، وكان الغرض فى البداية تعليما ذا مستوى رفيع للطبقة الرفيعة فى مصر ويقتصر على طبقة الباشوات ورجال الدوله والحاشيو والبهوات ، ثم ظهر التعليم الخاص والمدارس الخاصة لدى طبقة الأغنياء الجدد من أصحاب الأموال ورجال الاعمال الجدد بغرض مساعدة أبنائهم للحصول على شهادة كبقية أبناء الشعب.

 

والكل يعلم من جيلى والأجيال السابقه أن من يدخل مدرسة خاصة فى تلك الحقبة من الزمن كنا ننظر له نظرة المتدنى والمتأخر فى المستوى التعليمى ، وكان يعاب عليه ويلوم لانه لم يلحق بركب طبقة أبناء الشعب من المجتهدين فى دراستهم مما يؤهلهم للالتحاق بالمدارس الحكومية والتعليم الرسمى النظامى فى تلك الفترة

أيضًا كنا نعاب على من يدخل الجامعه الأمريكيه فى تلك الحقبة من الزمن وننظر اليهم على أنهم لم يحصلوا على المجموع الذى يؤهلهم للالتحاق بالجامعات المصريه العريقة ذات السمعة العالمية المرموقة.

 

كان هناك نظام تعليمى موحد بين أبناء الشعب المصرى ، ثقافة وفكر ووعى متقارب بشكل يكاد يكون موحدا بين أبناء الوطن فى الصعيد كما فى الوجه البحرى بين الحضر كما فى الريف ، بل كان هناك محافظات ومناطق تتفوق على بعضها البعض وحصول أبناء تلك المحافظه او المنطقة على درجات أعلى من نظرائهم فى مناطق أخرى ، كان هناك تنافس فى نوعية المدارس الحكومية وشهرة مرموقة لبعضها على البعض الأخر كان هناك مديرو بعض المدارس وبعض المدرسين متعارف عليهم على مستوى المحافظه أو المنطقة التعليمية بالاسم لما لهم من أداء متميز وخلق حسن وانضباط فى أداء عملهم.

 

كان يعاب بشدة على من يذهب للدرس الخصوصى ويتهم بأنه لا يهتم أو لا يستوعب بشكل جيد وانه يتصف بالاستهتار لان المتعارف عليه أن المدرسة والمدرس داخل الفصل يقوم بدوره على أكمل وجه والجميع يستوعب ويناقش ويحلل ويفسر.

 

كانت الجامعه أيضًا تقوم بالدور الرائد المنوط بها داخل المجتمع المصرى ، بل يمتد لخدمة الاقطار العربيه المحيطه من امتداد الخليج الى المحيط ، كان أستاذ الجامعه يطلق عليه العالم أستاذ الكورسي فى مادته ، يعلم أبناء الوطن العربي بأكمله ، يعرف ما له وما عليه يؤدى دور رائد فى نشر الوعى والثقافه والعلم داخل المجتمع

ومنذ بدايات الثمانينيات ، والهجره الى دول النفط والبحث عن لقمة العيش ، واختلال قيم وثقافة المجتمع المصرى، أصبحت القيمة المادية تعلو قيمة العلم والمتعلمين ، وانتشار المدارس الخاصة والجامعات الخاصة والدروس الخصوصيه ، وتقاعست الدولة عن القيام بالدور المنوط بها المتمثل فى وزارة المعارف والقائمين على تطوير المناهج والتعليم والتربيه فى مصر ، شهدت مصر ما نعانى منه اليوم من تدنى المستوى التعليمى وانعكاسه على أوجه الحياه فى مصر.

 

أصبح هناك خطر حقيقى يهدد بناء المجتمع والأجيال القادمة، خطر يتمثل فى ان هناك من يتعلم تعليم بثقافة ولغة ومفاهيم على درجة ومستوى من الاداء والجودة لم يتلقاها الطالب فى نفس سنه وفى نفس المرحلة التعليميه فى المدارس الحكوميه ، فأصبح هناك فروق معرفيه جوهريه وثقافيه خطيرة تنعكس على أسلوب الحياة فى مصر،

أرى أن الوقت قد حان بشكل جاد ، أن نلتفت لقضية التعليم فى مصر ، والتعليم الفنى ، وتوحيد نظم التعليم النظامى والتعليم العالى أيضا ، للحصول على منتج من الوعى والثقافه والتدريب يتماشي مع احتياجات الوطن فى تلك المرحلة الهامه من البناء والتعمير ، نهتم بمخرج تعليمى على مستوى من الجودة والتدريب والفهم والممارسه الحقيقيه منتج يمتلك الأدوات التى تؤهله للعمل بثقة وقوة على أرض الواقع ، منتج تعليمى مصرى منفتح على أحدث الوسائل التعليمية فى العالم .. وللحديث بقية. نقلا عن صدى البلد