عبدالغفار شكر: حقوق الإنسان مرة أخرى

بقلم: عبدالغفار شكر

يتواكب إنتخاب مجلس النواب مع انتهاء مدة التشكيل الحالي للمجلس القومي لحقوق الإنسان الذي نص القرار الجمهوري بتشكيله في أغسطس 2013 على ان مدته 3 سنوات أو إنتخاب مجلس النواب أيهما أقرب وبالتالي فلم يعد أمام مجلس النواب سوى شهرين فقط لاختيار التشكيل الجديد.

 

ولما كان المجلس يضم أغلبية كبيرة نسبيا من الأعضاء الذين لم تكن لهم أي علاقة بحقوق الإنسان وبالتالي لا تتوافر لديهم المعلومات الكافية عن هذا المجال، فانه يصبح من واجبنا ان نعود مرة أخرى إلى التعريف بالمتطلبات الأساسية لإعادة تشكيل المجلس القومي لحقوق الإنسان. ورغم انني عالجت قضايا حقوق الإنسان في أكثر من مقال إلا ان ذلك لا يمنعنا من التعريف مرة أخرى بالقضايا الأساسية التي يجب مراعاتها عند النظر في التشكيل الجديد للمجلس والمعلومات التي سترد في هذا المقال مستقاة من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 48/134 المؤرخ في 4 مارس 1994.

 

وأول ما ينبغي معرفته في هذا الصدد ان الأمم المتحدة قررت ان انشاء الدول للمجالس القومية لحقوق الإنسان هدفه تحقيق غرض محدد وهو النهوض بحقوق الإنسان والدفاع عنها على المستوى الوطني، وتعتبر هذه المجالس إحدى أهم الوسائل التي تسد بها الدول فجوة التنفيذ القائمة بين التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان والتمتع الفعلي بحقوق الإنسان على أرض الواقع. ومن ثم فمن مسئولية الدولة ضمان وجود هذه المؤسسة لسد الثغرة بين أهمية ترسيخ حقوق الإنسان في المجتمع والواقع الفعلي. وقد أصدرت الأمم المتحدة وثيقة تتضمن كيفية انشاء هذه المجالس وتوفر الشروط الضرورية فيها وكيفية ممارستها لنشاطها وعلاقتها بالمفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة وبالتالي المجلس الدولي لحقوق الإنسان وقد سميت هذه الوثيقة بمبادئ باريس. وفيما يلي نعرض أهم المتطلبات الأساسية لمبادئ باريس في تأسيس المجالس القومية لحقوق الإنسان في الدول المختلفة، ومن المهم ان تسعى لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب للحصول على وثائق الأمم المتحدة بهذا الشأن وتنشرها على أعضاء المجلس.

 

أولا: انشاء المجلس القومي لحقوق الإنسان: يجب ان ينشأ المجلس القومي لحقوق الإنسان بموجب نص دستوري أو تشريعي يتضمن التفاصيل الكافية لضمان منح المجلس القومي لحقوق الإنسان ولاية واضحة وتمتعه بالاستقلال. وينبغي ان يحدد النص بوجه خاص دور المجلس ووظائفه وصلاحياته وتمويله وخطوط مساءلته بالإضافة إلى آلية تعيين أعضائه وتحديد مدة ولايتهم. وقد صدر بالفعل القانون رقم 94 لسنة 2003 بانشاء المجلس القومي لحقوق الإنسان متضمنا المسائل المشار اليها، ولكن ينبغي تعديل هذا القانون قبل النظر في التشكيل الجديد للمجلس لانه ينص على ان مجلس الشورى هو الذي يصدر التشكيل ويجب تعديل هذا النص لكي يصبح تشكيل المجلس من اختصاص مجلس النواب، وهناك تعديلات أخرى مطلوبة مثل ان تكون زيارة السجون بالاخطار وليس بالتصريح وان تزيد مدة المجلس إلى 5 سنوات بدلا من 3 ليتاح فرصة تنفيذ البرنامج الذي يضعه التشكيل الجديد.

 

ثانيا: ولاية المجلس القومي لحقوق الإنسان: ينبغي ان يعهد المشرع إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان بوظائف محددة من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان معا، بحيث يشمل التعزيز الوظائف التي تسعى لإقامة مجتمع ينتشر فيه الوعي بحقوق الإنسان واحترامها على نطاق أوسع ويمكن ان تشمل هذه الوظائف التثقيف والتدريب والمشورة والتواصل العام والدعوة باعتبارها المهام التي تعالج الإنتهاكات الفعلية لحقوق الإنسان وتسعى لمنعها وذلك من خلال رصد إنتهاكات حقوق الإنسان وتقصيها والتحقيق فيها والإبلاغ عنها، ويمكن ان تشمل معالجة الشكاوي الفردية.

 

ثالثا: تشجيع التصديق على المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والإنضمام اليها: ويعني ذلك رصد التطورات الحاصلة في القانون الدولي لحقوق الإنسان والاستعداد لتنفيذها.

 

رابعا: التفاعل مع النظام الدولي لحقوق الإنسان: حيث تعترف مبادئ باريس ان رصد النظام الدولي لحقوق الإنسان والعمل معه ولاسيما المجلس الدولي لحقوق الإنسان وآلياته وهيئات الأمم المتحدة المنشأة بموجب معاهدات حقوق الإنسان، يمكن ان يكون أداة فعالة للمجالس القومية لحقوق الإنسان في تعزيز هذه الحقوق وحمايتها على المستوى المحلي بما في ذلك تقديم تقارير موازية أو تقارير الظل إلى الاستعراض الدوري الشامل لتقييم حالة حقوق الإنسان.

 

خامسا: التعاون مع الهيئات الأخرى لحقوق الإنسان: ان العمل المنتظم والبناء مع جميع الجهات المعنية ذات الصلة بحقوق الإنسان أمر أساسي لكي يؤدي المجلس ولايته أداءا فعالا وان يقيم علاقات عمل ذات طابع رسمي مع المؤسسات المحلية الأخرى المنشأة من أجل تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها وخاصة مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية.

 

سادسا: توصيات المجلس القومي لحقوق الإنسان: يشكل التقرير السنوي والتقارير الخاصة الصادرة عن المجلس أداة لتسليط الضوء على أهم الجوانب في مجال حقوق الإنسان وخاصة ما يصدر في هذه التقارير من توصيات لمعالجة حالة حقوق الإنسان وتطويرها والحد من الإنتهاكات القائمة.

 

سابعا: كفالة تعددية المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والتكامل بينها.

 

هذه خطوط عريضة من معايير باريس التي تحكم المجالس القومية لحقوق الإنسان في كل دول العالم أرجو ان تنظر فيها لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب وان تستكملها وان تضعها تحت نظر باقي أعضاء المجلس أثناء مناقشتهم تعديل قانون المجلس القومي لحقوق الإنسان وتشكيله الجديد.

 

نقلا عن جريدة الأهرام